المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    ما هي العقبات التي يواجهها ترامب في خوض حرب فنزويلا؟

    بلغت التوترات في منطقة البحر الكاريبي وفي المياه قبالة...

    تايلند تطلق عملية أمنية غير مسبوقة لطرد الإسرائيليين.. بين تطبيق القانون وأزمة السلوك

    في خطوة غير معتادة، أعلنت السلطات التايلندية عن بدء عملية أمنية واسعة النطاق تستهدف مئات الصهاينة المقيمين على أراضيها، في ظل تصاعد التقارير عن أنشطة غير قانونية ومخالفات متكررة شملت العمل دون تراخيص، والإقامة بعد انتهاء التأشيرات، إضافة إلى ممارسات مالية وتجارية مشبوهة.

    وأوضحت إدارة الهجرة في بانكوك أن العملية تهدف إلى فرض سيادة القانون على الجميع دون تمييز، لكنها لم تُخفِ قلقها من تزايد الجرائم الصغيرة والفوضى المرتبطة بعدد من الصهاينة في المناطق السياحية، مؤكدة أن الخطوة ليست ذات طابع سياسي بل مسعى لإعادة النظام واحترام القوانين المحلية.

    ويرى مراقبون أن ما يحدث في تايلند يتجاوز كونه حملة قانونية عادية، إذ يعكس صورة متكررة للسلوك الفوضوي للإسرائيليين في الخارج، حيث تتكرر شكاوى المجتمعات المضيفة من التجاوزات والاحتيال وازدراء الأنظمة المحلية. وتشير تقارير إلى تورط بعضهم في أنشطة مالية غير مشروعة، وتنظيم حفلات مخالفة للعادات الاجتماعية، بل والانخراط في شبكات تلاعب تجاري وسياحي، ما أثار حفيظة السكان وأصحاب الأعمال في المناطق السياحية.

    وليست هذه الحوادث جديدة؛ إذ سُجلت حالات مشابهة في دول عدة، من بينها وجهات خليجية وسياحية آسيوية، حيث اشتكى العاملون من سلوكيات عدوانية ومتعجرفة من قبل بعض الصهاينة، شملت سرقات واعتداءات لفظية ومحاولات تهرب من دفع المستحقات. ويقول خبراء اجتماعيون إن هذه الممارسات تعكس ثقافة تفوق واستعلاء ترسخت في المجتمع الصهيوني، وتُترجم في الخارج بسلوك ينظر بازدراء إلى القوانين والعادات المحلية.

    والتحرك التايلندي يمثل اختباراً حقيقياً لسيادة القانون في وجه فئة من الزوار اعتادت التصرف كما لو كانت فوق النظام. فبعد سنوات من التساهل الدبلوماسي مع المخالفين، يبدو أن بانكوك قررت كسر الصمت وفرض النظام. وتشير التقارير إلى أن عشرات الصهاينة رُحّلوا بالفعل، فيما يجري التحقيق في قضايا مالية وأمنية أكثر تعقيداً. وتؤكد السلطات أن العملية ستستمر حتى “إعادة الانضباط الكامل”، في رسالة واضحة مفادها أن القانون لا يستثني أحداً.

    ويتفق المراقبون على أن ما يجري في تايلند يحمل أبعاداً سياسية وأخلاقية تتجاوز حدود القانون المحلي، فهو يعكس نمطاً متأصلاً في الذهنية الصهيونية التي تتعامل مع المجتمعات الأخرى بعقلية النهب والاستخفاف. فمنذ قيام الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين، ارتبطت صورته عالمياً بـ الاستيلاء على ما لا يحق له، ويبدو أن هذا السلوك انتقل من المجال السياسي إلى التصرفات الفردية في الخارج.

    في المقابل، أبدى الشارع التايلندي ارتياحاً واضحاً إزاء الحملة الأمنية، إذ يرى المواطنون أنها تحمي سمعة البلاد السياحية وتعيد الانضباط للمناطق السياحية الحساسة. وقد رحّب كثير من أصحاب الفنادق والمحال التجارية بهذه الإجراءات، مؤكدين أن استمرار الفوضى كان يضر بالاقتصاد المحلي ويثير استياء السكان.

    ولا تُعدّ العملية مجرد حملة لترحيل المخالفين، بل رسالة رمزية إلى كل من يحاول العيش فوق القانون. إنها مواجهة بين حق الدولة في السيادة وسلوك يتعمد تجاهل القوانين، وبين القانون والأخلاق في آن واحد.

    تايلند، بحزمها الأخير، لا تضع فقط حدوداً للمخالفات، بل ترسم خطاً أخلاقياً فاصلاً يؤكد أن زمن “الاستثناء الإسرائيلي” في الخارج بدأ ينتهي، وأن العالم بات أكثر وعياً واستعداداً لمحاسبة هذا النمط من الفوضى السلوكية بالحق والقانون.

    spot_imgspot_img