في تطور عسكري لافت يعكس حجم التوتر المتصاعد في المنطقة، نشرت الولايات المتحدة، الثلاثاء، طائرات استطلاع وتجسس من طراز RC-135S” Cobra Ball” في منطقة الخليج العربي، في خطوة وُصفت بأنها الأخطر منذ سنوات، وتؤشر إلى تصاعد القلق الأمريكي من التهديدات الصاروخية الباليستية المتنامية، خصوصاً بعد سلسلة حوادث غامضة طالت أسطولها البحري مؤخراً.
ووفقاً لتقارير عسكرية أمريكية، فإن هذه الطائرات المتطورة، التي تعمل بأنظمة استشعار بالأشعة تحت الحمراء وأجهزة كهروضوئية عالية الدقة، قادرة على رصد وتتبع المقذوفات الباليستية وتحليل بياناتها لحظة الإطلاق، وتُستخدم عادة في مهام حساسة تتعلق بـ الإنذار المبكر ومراقبة التجارب الصاروخية.
وأظهرت صور أقمار صناعية حديثة تحليق طائرات “كوبرا بول” فوق مناطق متعددة في الخليج العربي والبحر العربي والمحيط الهندي، خاصة قرب السواحل اليمنية، انطلاقاً من قاعدة العديد الجوية في قطر، في مؤشر على أن واشنطن وسّعت نطاق عملياتها الاستخباراتية ليشمل محاور جديدة في البحر الأحمر وخليج عدن.
ويأتي هذا التحرك بعد 24 ساعة فقط من حادثتين غامضتين تمثلتا في سقوط طائرتين تابعتين لحاملة الطائرات الأمريكية “نيميتز” أثناء إبحارها في بحر الصين الجنوبي، وهي حوادث وُصفت بأنها الأكثر غموضاً منذ بدء التوترات البحرية بين واشنطن وبكين، ما زاد من حدة القلق داخل أروقة البنتاغون.
وتُعد هذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها الولايات المتحدة طائرات “طCobra Ball” في الخليج العربي، رغم انخراطها في عمليات بحرية وجوية متقطعة منذ أكثر من عامين في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
ويرى مراقبون أن القرار الأمريكي يعكس تنامي المخاوف من القدرات الصاروخية اليمنية والإقليمية، ولا سيما بعد الضربات الدقيقة التي استهدفت سفناً أمريكية وبريطانية في البحر الأحمر خلال الأشهر الماضية. وتشير التحليلات إلى أن واشنطن أصبحت تتخوف من توسع نطاق الردع اليمني ليشمل أهدافاً بحرية أبعد مدى، ما دفعها إلى تعزيز مراقبتها الجوية والاستخباراتية.
كما نقلت مصادر عسكرية أن هذه الطائرات مكلّفة بـ مراقبة أي نشاط صاروخي من الأراضي اليمنية أو تحركات مشبوهة في الخليج وخليج عدن، في وقت تزداد فيه المؤشرات على مواجهة غير معلنة بين القوات اليمنية والبحرية الأمريكية.
ويؤكد خبراء عسكريون أن نشر “كوبرا بول” يمثل تحولاً نوعياً في العقيدة الأمريكية، إذ تتحرك واشنطن نحو الاعتماد على الرصد المبكر والتحليل الاستخباراتي بدلاً من الاقتصار على الرد العسكري بعد وقوع الهجمات، وهو ما يعكس تراجع الثقة في منظومات الدفاع التقليدية الأمريكية عقب الانتكاسات الميدانية التي تعرضت لها البحرية الأمريكية خلال العام الجاري.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها إقرار ضمني بفشل استراتيجيات الردع الأمريكية السابقة، وأن واشنطن تدخل الآن مرحلة دفاع استخباراتي استباقي، في مواجهة تغير ميزان القوة في البحر الأحمر والخليج العربي لصالح القوى الصاروخية الصاعدة في المنطقة.
