حين تتحوّل المساعدات إلى أدوات تجسُّس واستهداف للشعوب الحرة.
لم تعد لافتةُ “العمل الإنساني” تُغرِي أحدًا بعد اليوم؛ فخلف الشعارات البراقة تختبئُ أجهزةُ استخباراتٍ ودوائرُ نفوذٍ تعملُ لصالح كَيان الاحتلال الصهيوني، تتخذُ من الشعوب الفقيرة والمكلومة ميدانًا لاختراقها والسيطرة على قرارها.
في اليمن، لم يعد الحديث عن “الاختراق” افتراضًا أَو تحليلًا، بل حقيقةٌ موثقةٌ بالأدلة كشفتها الأجهزة الأمنية في صنعاء في أكثر من عملية على مدى سنوات.
وهذا ما أكّـده السيد القائد -حفظه الله- بقوله: إن في جريمة استهداف الحكومة كان هناك دورٌ لخليةٍ تابعةٍ لبرنامج الغذاء العالمي، على رأسها مسؤول الأمن والسلامة لفرع البرنامج في اليمن.
وَأَضَـافَ السيد القائد -حفظه الله- أنه تم تزويد خلايا المنظمات بأجهزةٍ وإمْكَاناتٍ تجسسيةٍ تُستخدم عادةً لدى أجهزة الاستخبارات العالمية، ولدينا الأدلة على كُـلّ ذلك.
هذا ما استخدمته المنظمة في جمع معلومات دقيقة عن المؤسّسات والقيادات، ونقلتها للعدو الصهيوني، فكانت النتيجة استهداف الحكومة في صنعاء واستشهاد أغلب أعضائها في جريمةٍ صهيونيةٍ بغطاءٍ أممي، وهذه التكنولوجيا لا تملكها إلا كبرى الدول.
ما جرى في اليمن ليس سوى نموذجٍ صارخٍ لما حدث في ليبيا، حَيثُ دخلت المنظمات بذريعة الإغاثة ثم تحولت إلى أذرعٍ استخباريةٍ مهدت لتمزيق الدولة وتسليمها للفوضى والوصاية الأجنبية.
هي ذات الخطة، تتبدل الأسماء ويبقى الهدف واحدًا: كسر إرادَة الشعوب الحرة وتجريدها من سيادتها عبر أدوات ناعمةٍ تحمل شعار “الإنسانية”.
إن على الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها أن تراجع سياساتها المنحرفة، وأن تتوقف عن ابتزاز الشعوب والتعامل معها بمنطق الاستعلاء والوصاية.
فاليمن اليوم دولةٌ ذاتُ سيادةٍ، ولن تقبل أن تُدار من غرفٍ مظلمةٍ في نيويورك أَو كَيان الاحتلال.
وعلى كُـلّ منظمةٍ دوليةٍ أن تعمل ضمن حدود الصلاحيات الممنوحة لها، لا أن تتحول إلى غطاءٍ استخباراتيٍّ يهدّد الأمن القومي للدول.
لقد وعى اليمنيون الدرس، وصاروا يدركون أن العدوّ لا يكتفي بالصاروخ والقنبلة، بل يستخدم الحقائب الإغاثية والمشاريع الإنسانية كأدوات تجسسٍ ومخادعة.
لكن هذا الوعيَ المتصاعدَ وهذه القيادةَ الثوريةَ الواعيةَ جعلا من اليمن شوكةً في حلق كُـلّ متآمر، ومن تجربة اليمن شاهدًا على سقوط أقنعة “الإنسانية” الزائفة.
السيد القائد -حفظه الله- تحدث في خطابٍ سابقٍ من العام 2024م أن الأمريكيَّ تلقَّى صفعةً كبيرةً على يد الأجهزة الأمنية من خلال الكشف عن الخلية التجسسية.
الإنسانية الحقيقية لا تُدار من مكاتب المخابرات، بل من ضمائر الشعوب الحرة.
واليمن بعد ثورة 21 من سبتمبر لا يمكن أن يُخدَع مرتين.
