استأنفت القوات الأمريكية، الثلاثاء، غاراتها الجوية على مدينة مأرب، المعقل الأبرز لحزب الإصلاح، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في اليمن، في تطور يعكس تصاعدًا في الضغط العسكري والسياسي على الحزب، الذي يواجه في الوقت ذاته حملة تصعيد غير مسبوقة من الإمارات وحلفائها في الجنوب والساحل الغربي.
وأفادت مصادر محلية بأن الغارة الأمريكية الأخيرة استهدفت منطقة آل شبوان، وأسفرت عن مقتل قيادي بارز في تنظيم القاعدة يُكنى بـ“أبو محمد الصنعاني“، وسط تأكيدات بأن الضربة نُفذت ضمن تنسيق استخباراتي واسع النطاق. ورغم الطابع الأمني المعلن للغارة، فإن مراقبين يرون أنها تحمل رسالة سياسية مزدوجة، تستهدف الحزب وقواعده في مأرب بقدر ما تستهدف التنظيمات المسلحة هناك.
وفي الوقت ذاته، برز تصعيد إماراتي لافت ضد “الإخوان” في مأرب، عقب تلويح القيادي الإصلاحي حميد الأحمر بالتحالف مع أنصار الله في مواجهة ما وصفه بـ“المخطط الإماراتي – الإسرائيلي” في الساحل الغربي لإعادة تدوير بقايا نظام الرئيس الأسبق. وردت أبوظبي عبر قنواتها الإعلامية بتهديدات مبطنة، متوعدة بـ“إسقاط مأرب” في حال تمرد الحزب على الترتيبات الاقتصادية والسياسية الجديدة.
وتزامن هذا التصعيد مع ضغوط أمريكية – بريطانية ضمن ما يُعرف باللجنة الخماسية الدولية لإجبار سلطات مأرب على توريد عائدات النفط والغاز إلى البنك المركزي في عدن، تنفيذًا لتفاهمات اقتصادية تهدف إلى توحيد الإيرادات، لكن حزب الإصلاح رفض تلك الخطوة وهدد بالانسحاب من سلطة التحالف إذا استمر فرض الإملاءات الخارجية.
ويشير مراقبون إلى أن التطورات الأخيرة تعكس صراع نفوذ إقليميًا متصاعدًا بين واشنطن وأبوظبي حول إدارة الموارد اليمنية، وأن مأرب باتت ميدان اختبار جديدًا لتوازن القوى بين أدوات التحالف المختلفة، حيث تستخدم الولايات المتحدة سلاح الجو للضغط، بينما تستخدم الإمارات نفوذها الميداني والاقتصادي لتفكيك سلطة “الإصلاح” وإعادة رسم الخريطة جنوبًا وشرقًا.
المشهد الراهن في مأرب يُنذر بموجة تصعيد جديدة متعددة الأطراف، تُهدد بانفجار أمني واسع، في ظل تداخل الأجندات الإقليمية بين واشنطن وأبوظبي وتنامي احتمالات تفكك سلطة التحالف من الداخل.
