في سابقة تاريخية تعكس تحوّلاً عميقاً في المشهد السياسي الأمريكي، فاز المرشح الديمقراطي زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، ليصبح بذلك أول مسلم في تاريخ الولايات المتحدة يتولى قيادة أكبر مدنها وأكثرها تأثيراً.
وجاء فوز ممداني، البالغ من العمر 34 عاماً، بعد معركة انتخابية حامية واجه خلالها مرشح الحزب الجمهوري كورتيس سْليوا والمرشح المستقل والحاكم السابق أندرو كومو. وأظهرت النتائج الأولية حصوله على 50.4% من الأصوات مقابل 41.3% لمنافسه الجمهوري، متقدماً بأكثر من 100 ألف صوت، وفق بيانات أولية نشرتها وسائل الإعلام الأمريكية.
ويُعد هذا الانتصار مؤشراً سياسياً لافتاً يعزز موقع الحزب الديمقراطي ويمنحه دفعة قوية مع اقتراب الانتخابات النصفية للكونغرس العام المقبل، خاصة بعد الخسائر المتكررة للجمهوريين في ولايات حيوية كـ فرجينيا ونيوجيرسي.
وخلال حملته الانتخابية، لم يتردد ممداني، وهو من أصول هندية وينتمي للجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، في انتقاد سياسات الحكومة الإسرائيلية والتنديد بالحرب على غزة، رغم تعرضه لهجمات إعلامية وسياسية شرسة من اللوبيات الموالية لتل أبيب. واعتبر مراقبون فوزه بمثابة انتصار للتيار التقدمي المعارض لهيمنة المال واللوبيات الصهيونية في السياسة الأمريكية.
إلى جانب ذلك، فازت المرشحتان الديمقراطيتان ميكي شيريل وأبيغيل سبانبرغر بمنصب حاكم ولايتي نيوجيرسي وفرجينيا على التوالي. وقد حصلت شيريل على 56% من الأصوات مقابل 43% لمنافسها الجمهوري، فيما نالت سبانبرغر 58% متقدمةً بفارق مريح على منافستها الجمهورية وينسوم إيرل-سيرز، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ فرجينيا.
ورأى محللون أن فوز الديمقراطيين في هذه الولايات الثلاث يعكس تراجع التأثير الانتخابي لتيار ترامب، خصوصاً بعد تصريح الأخير الذي أرجع الخسارة إلى “عدم وجود اسمه على ورقة الاقتراع والإغلاق الحكومي”.
أما زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر، فاعتبر أن نتائج الانتخابات تمثل رفضاً قاطعاً لسياسات ترامب القائمة على الفوضى والتطرف، بينما وصف السيناتور بيرني ساندرز فوز ممداني بأنه “أحد أكبر التحولات السياسية في التاريخ الأمريكي الحديث”.
ويُنظر إلى صعود ممداني كـ تحول رمزي واستراتيجي في بنية الحكم الأمريكي، إذ يجسد دخول جيل جديد من القيادات متعددة الهوية والاتجاهات الفكرية إلى قلب السلطة، في وقت تتجه فيه الولايات المتحدة نحو مرحلة سياسية تعاد فيها صياغة مفاهيم التمثيل والتنوع داخل مؤسساتها القيادية.
