كشفت القناة 12 العبرية عن أزمة داخلية عميقة تضرب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب على غزة، مؤكدة أن آلاف الضباط والجنود الدائمين قدموا طلبات رسمية للتسريح والتقاعد المبكر، في ما وصفته بأنها “الظاهرة الأخطر منذ عقود طويلة في تاريخ جيش الاحتلال”.
وذكرت القناة أن موجة التسريح شملت مختلف الرتب والمستويات داخل المؤسسة العسكرية، من ضباط العمليات والميدان إلى وحدات الدعم والإدارة، معتبرة أن هذا الانهيار المعنوي والمؤسسي يعكس عمق الاستنزاف الذي يعيشه الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب على غزة.
وأرجعت المصادر العسكرية للاحتلال أسباب هذه الظاهرة إلى عدة عوامل متراكمة، أبرزها الاستنزاف الشديد الناتج عن استمرار الحرب، وظروف الخدمة الصعبة، وطول فترات الانتشار في الجبهات الجنوبية والشمالية، إضافة إلى التجاذبات السياسية الحادة داخل إسرائيل والتي انعكست على وحدة الجيش وتماسك قياداته.
كما أشارت القناة إلى أن “التعيينات المثيرة للجدل الأخيرة في القيادة العسكرية العليا” فاقمت الشعور بالإحباط وفقدان الثقة داخل صفوف الضباط، في وقت يعاني فيه الجيش من تراجع الحافز القتالي وغياب رؤية استراتيجية واضحة.
وفي موازاة الأزمة العسكرية، تتفاقم الأزمة السياسية داخل كيان الاحتلال، مع اتساع الجدل حول محاكمة رئيس وزراء الاحتلال “بنيامين نتنياهو” بتهم الفساد. فقد أعلن نتنياهو في تصريحات صحفية أنه “لن يطلب العفو إطلاقاً إذا كان ذلك يعني الاعتراف بالذنب”، مؤكداً: “الأمر لن يحدث، لا أحد يتحدث عن ذلك، وبالتأكيد لن أفعل”.
ووصف نتنياهو محاكمته بأنها “سخيفة جداً”، مشيراً إلى أنه يقضي ثلاثة أيام أسبوعياً في قاعات المحكمة رغم مسؤوليته عن إدارة الحرب وتوسيع ما أسماه “عملية السلام”. وأضاف: “هذه المحاكمة لا تضر بي فقط، بل تضر بالمصالح الأمريكية والإسرائيلية، لأنني يجب أن أكون متفرغاً لاتخاذ القرارات التي تحدد مستقبل إسرائيل والمنطقة”.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة هآرتس عن أن رئيس الاحتلال الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ حاول سرّاً الترويج لمنح عفو لنتنياهو حتى قبل انتخابه رئيساً، موضحة أنه ناقش الفكرة مع الرئيس السابق رؤوفين ريفلين وحاول ترتيب لقاء بين الأخير ونتنياهو بهذا الشأن.
ويؤكد مراقبون أن تزامن الانشقاقات العسكرية مع الانقسامات السياسية الحادة يكشف أن كيان الاحتلال يعيش أخطر مراحله الداخلية منذ تأسيسه، حيث تتآكل الثقة بين القيادات، وينهار التماسك الذي طالما اعتُبر “سرّ قوة إسرائيل”. ومع استمرار الحرب على غزة دون تحقيق أي نصر حقيقي، تبدو إسرائيل اليوم غارقة في أزماتها أكثر من أي وقت مضى، سياسياً وعسكرياً ومجتمعياً.
