تعيش مدينة عدن المحتلة واحدة من أسوأ أزماتها الخدمية منذ سنوات، مع انهيار شبه كامل في منظومة الكهرباء، وسط صمت مطبق وفشل ذريع لحكومة الارتزاق الموالية للاحتلال السعودي الإماراتي في إيجاد أي حلول جذرية للأزمة المستمرة منذ أعوام.
وأكدت مصادر محلية وإعلامية أن القدرة التوليدية للكهرباء تراجعت إلى نحو 65 ميجاوات فقط من محطة المسيلة، بينما توقفت بقية المحطات عن العمل بسبب نفاد الوقود، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تجاوزت 14 ساعة متواصلة يومياً، مقابل تشغيل محدود لا يتعدى ساعتين فقط في اليوم. وتشير التقديرات إلى أن مدة الانقطاع قد ترتفع إلى 16 ساعة خلال الساعات المقبلة إذا لم تُقدَّم إمدادات عاجلة بالوقود.
ويواجه سكان عدن أوضاعاً مأساوية في ظل الظلام الدامس ودرجات الحرارة المرتفعة، حيث تعطلت الأنشطة التجارية، وتوقفت الخدمات الأساسية في المستشفيات والمرافق العامة، في وقتٍ تواصل فيه الحكومة الموالية للاحتلال تبرير عجزها بالتقارير الواهية والوعود الفارغة.
في المقابل، تفاقمت الفوضى الأمنية والعبث في موارد الطاقة، إذ أقدم مسلحون يتبعون ما يُعرف بـ”قوات الحزام الأمني” التابعة لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” الموالي للإمارات، مساء الثلاثاء، على إقامة قطاع عسكري في منطقة حسان بمحافظة أبين، حيث احتجزوا عدداً من ناقلات النفط الخام المخصصة لتغذية محطة المسيلة في عدن، احتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم. هذه الخطوة أدت إلى تفاقم أزمة الوقود وانقطاع التيار بشكل شبه تام.
ويصف مراقبون ما يحدث بأنه انعكاس مباشر لحالة الفوضى التي زرعها الاحتلال السعودي الإماراتي في الجنوب، عبر تعدد الفصائل المسلحة وتضارب مصالحها، وهو ما جعل الخدمات العامة رهينة للصراعات الداخلية. ويشير محللون إلى أن ما يسمى بـ”حكومة عدن” تحولت إلى واجهة شكلية عاجزة عن إدارة أبسط الملفات الخدمية، بينما تتفرغ أطراف الاحتلال لتقاسم النفوذ والثروات النفطية في المحافظات الجنوبية.
ويحذر خبراء من أن استمرار الانهيار الكهربائي بهذا الشكل ينذر بكارثة إنسانية وبيئية واقتصادية، ويؤكدون أن أزمة الكهرباء في عدن ليست مجرد عجز فني، بل نتيجة مباشرة للاحتلال ونهب الموارد وغياب الإدارة الوطنية.
وهكذا، تغرق عدن في الظلام كل ليلة، لا بسبب نقص الوقود فحسب، بل نتيجة سياسة ممنهجة لإفقاد المدينة قدرتها على الحياة، في مشهدٍ يلخص مأساة الجنوب تحت الاحتلال، حيث الفساد والفوضى والارتهان يتقاسمون سلطة بلا وطن ولا ضمير.
