أعلنت وزارة الداخلية في صنعاء عن تفكيك شبكة تجسس خطيرة تعمل لصالح الاستخبارات السعودية والأمريكية، وكشفت عن اعترافات تفصيلية لأحد عناصرها الرئيسيين في إطار عملية أمنية أطلقت عليها الوزارة اسم “ومكر أولئك هو يبور”، مؤكدة أن العملية تأتي في سياق “جهود استباقية لحماية الأمن القومي اليمني من الاختراق الخارجي”.
ووفقاً للاعترافات التي بثّتها الوزارة، فإن المتهم مجدي محمد حسين (41 عاماً) اعترف بعمله جاسوساً مزدوجاً لصالح أجهزة استخبارات سعودية وأمريكية، مشيراً إلى أنه كان مكلفاً بمهام “رصد ومتابعة وتحليل” تشمل السفارات، والمقار الحكومية، والمباني المدنية في العاصمة صنعاء.
وأوضحت وزارة الداخلية أن عملية التجنيد بدأت عندما كان الجاسوس يعمل في شركة شحن خاصة، حيث تم استقطابه من قبل عناصر استخباراتية سعودية أثناء وجوده في القاهرة.
وخضع بعد ذلك لـ“تدريب مكثّف على أجهزة التصوير والاستطلاع”، من ضمنها “كاميرا مخفية داخل جهاز ريموت سيارة”، قبل أن يُستدعى لاحقاً إلى الرياض لإكمال دورة ثانية أشرف عليها ضابط سعودي يُدعى (أبو سيف) وضابط أمريكي.
وخلال فترة التدريب، تسلّم المتهم معدات متطورة تضمنت “جهازاً لسحب الشبكات وتطبيقات متخصصة في نقل البيانات المشفرة”، كما تم تزويده لاحقاً بـ“سيارة مزودة بأجهزة بث مباشر مرتبطة بغرفة عمليات في الرياض”.
وبحسب الاعترافات، كان الجاسوس يتنقل داخل صنعاء لتنفيذ مهام محددة تشمل رصد السفارات والمقار الرسمية ومبانٍ حكومية ومدنية، إضافة إلى تصوير مواقع تعرضت للقصف سابقاً.
وكانت آلية العمل تتمثل في ركن السيارة المزودة بأجهزة بث مباشر في نقاط محددة لمدة تتراوح بين ساعة وساعتين، بينما تُرسل البيانات تلقائياً إلى غرفة العمليات السعودية عبر شبكة بث مشفر.
كما كُلّف المتهم بتنفيذ مهام “سحب الشبكة من بعض المواقع الحساسة” وإرسالها مباشرة إلى ضابط الارتباط السعودي، في محاولة لاختراق الأنظمة الرقمية والاتصالات في العاصمة.
ووصفت وزارة الداخلية في صنعاء العملية بأنها “ضربة استخبارية استباقية دقيقة” أحبطت “مخططاً واسعاً كان يستهدف أمن واستقرار العاصمة”.
وأكدت أن التحقيقات ما تزال جارية مع عناصر أخرى مرتبطة بالشبكة، مشيرة إلى أن التحقيقات كشفت عن تورط أجهزة استخباراتية إقليمية ودولية في تمويل وتوجيه عمليات تجسس داخل الأراضي اليمنية.
وشددت الوزارة على أن “اليمن اليوم بات يمتلك قدرات أمنية متقدمة قادرة على كشف وتعطيل شبكات التجسس الأجنبية مهما كانت أساليبها التقنية متطورة”، مضيفة أن “العدو يستخدم تقنيات حديثة في حربه الاستخبارية، لكن يقظة الأجهزة الأمنية أفشلت معظم مخططاته”.
ويأتي هذا الكشف بعد أسابيع من تقارير غربية تحدثت عن تصاعد الحرب الاستخبارية في المنطقة، خصوصاً بعد أن فرضت صنعاء واقعاً أمنياً جديداً في البحر الأحمر والحدود الجنوبية.
ويُعد ضبط هذه الشبكة – التي استخدمت سيارات تجسس ببث مباشر إلى الرياض – سابقة خطيرة تكشف مستوى التورط السعودي الأمريكي في محاولات اختراق العاصمة اليمنية، وتؤكد في الوقت نفسه أن المعركة الأمنية باتت موازية للمواجهة العسكرية في صلابتها وتعقيدها.
