بينما تعيش المنطقة على صفيحٍ ساخن، يزداد التوتر في المِلف اليمني مع كُـلّ محاولة سعوديّة للالتفاف على جوهر الحل؛ فمنذ الإعلان عن خارطة الطريق، ظلت الرياض تراوغ، وتتهرب من الالتزامات، متجنبة اتِّخاذ خطوات جدية نحو السلام العادل الذي ينتظره اليمنيون.
هذا التلكؤ المُستمرّ لم يُقْرَأ في صنعاء إلا كرسالة سلبية تكشف عن غياب النوايا الصادقة، ورغبة في إبقاء الوضع معلقًا في دائرة “لا سلم ولا حرب”.
صنعاء، من جهتها، أبدت مرونة سياسية كبيرة، وأرسلت إشارات متعددة تفيد بانفتاحها على حَـلّ سياسي شامل يحفظ السيادة اليمنية وينهي العدوان ويرفع الحصار.
لكن مقابل ذلك، قوبلت المواقف الإيجابية بجدران من التمنع والمواربة؛ فالسعوديّة بدت منشغلة بإعادة ترتيب أولوياتها الإقليمية، وتبحث عن تسويات شكلية لا تمس جوهر العدالة أَو كرامة اليمنيين.
في ظل هذا المشهد، جاء موقف القيادة السياسية اليمنية واضحًا وصارمًا.؛ إذ أكّـدت أنها ترفض بشكل قاطع الاستمرار في مرحلة “لا سلم ولا حرب” التي لا تعني إلا المزيد من العبث بالملف الإنساني، واستنزاف مقدرات الشعب اليمني، وتعطيل أي أفق حقيقي للحل.
صنعاء لم تعد ترى أية فائدة من الجلوس على طاولة الانتظار، بينما الطرف الآخر يستخدم الوقت لكسب أوراق تفاوضية أَو إضعاف الموقف اليمني.
وبنبرة تحمل تحذيرًا صريحًا، شدّدت القيادة على أن حالة لا قرار لم تعد مقبولة، وأن كُـلّ الخيارات باتت مطروحة، في حال استمرت الرياض في مراوغتها ومماطلتها.
فالإعداد العسكري والجاهزية الشعبيّة والسياسية باتت على أعلى مستوى، والقرار الوطني موحَّد: إذَا لم تُنَفَّذ خارطة الطريق كما تم الاتّفاق عليها، فَــإنَّ اليمن لن يبقى مكتوف الأيدي.
إن الرسالة التي تُصْدِرُها صنعاء اليوم ليست للتهديد، بل للتأكيد على أن السلام لا يُفْرَض بالإملاءات ولا يولد من العبث السياسي.
وأن اليمن، بقدر ما هو منفتح على الحوار، فهو قادر على الدفاع عن نفسه بكل الوسائل المشروعة.
لقد ولَّى زمن الوصاية، واليمن الذي قَدَّمَ آلاف الشهداء، لا يمكن أن يقبل بأنصاف الحلول ولا بحلول تتجاوز تضحياته.
وعليه، فَــإنَّ الكرة في ملعب الرياض، فإما الوفاء بالتزاماتها، أَو مواجهة واقع ميداني مختلف لن يكون كما قَبْلُ.
