المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    تشديد القيود على اليمن.. ممرٌّ للعسكرة وتهديدٌ للملاحة الدولية

    في خطوةٍ تصعيدية تندرج ضمن سياسة الكيل بمكيالين، صوّت...

    غزة.. هُدنة مع وقف التنفيذ بإشراف مجلس الوصاية الاستعماري

    تستطيع الصورة أن تنقُلَ تفاصيل الإجرام الصهيو-أمريكي، وعمليات الإبادة...

    قرار مجلس الأمن حول غزة.. هزيمة عسكرية لـ”إسرائيل” ودبلوماسية للعرب

    جاء قرار مجلس الأمن الأخير بشأن غزة ليكشف حقيقتين...

    طوفان القبائل اليمنية .. استنفارٌ يصنع معادلة الردع في في وجه العدو

    يشهد اليمن اليوم واحدة من أوسع موجات التعبئة الشعبية...

    جاهزية يمنية أكبر من مخططات أمريكا وأي مغامرة “إسرائيلية” لن تمرّ دون عقاب

    وإن حاولت أمريكا استغلال حالة الانهزام التي يعيشها العالم...

    اليمن وقائدُها وصنع معادلة السلام والانتصار

    انطلاقًا من أرضيةٍ ثابتة ومعروفة في القراءات التحليلية السياسية، ومن السردية البعيدة عن العاطفة أَو المعطيات الافتراضية، ومن خلال معادلةِ أن التاريخَ لا يرحم، ولا عزاءَ للخونة والعملاء، ولا مستقبلَ لهم، ونهايتهم نهايةٌ مخزية، وفي التاريخ العبر والدروس لمن يعتبر، وبهذا تكون تلك نتيجةً حتمية للخسارة والنهاية والسقوط والانهيار وإلى مزبلة التاريخ.

    ومن هنا نقول: من لا يقرأ التاريخ لا يستطيع رسمَ معطيات المستقبل.

    جرت العادةُ في تثبيت حقيقة تاريخية مهمة، ومن خلالها ستكون البداية والنهاية للتحليل الواقعي لليمن ومستقبله.

    وهذه الحقيقة التاريخية مفادها (أن الدولَ والشعوبَ المنتصِرةَ ترسمُ ملامحَ المستقبل بالقوة والثبات والصمود والتضحيات)، فتكون هذه ثمرة ذلك، وبها ومن خلالها تفرض إرادتها ومكانتها وقوتها ووجودها ودورها المحلي والدولي والإقليمي والعالمي.

    فالقوة دائمًا تحفظ البلدان وأمنها واستقرارها وسيادتها، وترسخ مكانتها ودورها وبقاءها الوجودي، مع الحفظ على العنفوان والشموخ والحرية والكرامة لشعوبها، واستعادة وانتزاع حقوقها، وترسيخ هُويتها وقيمها الاجتماعية والإنسانية والدينية والوطنية.

    في المقابل، الدول والشعوب التي تخضع وتستسلم وتنكسر وتهزم، يُرسم مصيرها ممن انتصر عليها، وتكون خاضعة مستكينة لإرادته وما يريد، وتكون مسلوبة الإرادَة والقرار والحرية والكرامة والحقوق، وتكون ذليلة منهزمة لا إرادَة ولا كرامة ولا سيادة ولا قرار لها.

    وهذه حقيقة تاريخية متعارَفٌ عليها في معادلات القوة والضعف والتوازن والردع وقواعد الاشتباك والصراعات والحروب والمعارك.

    كانت هذه القاعدةُ مترسخةً وثابتةً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، التي انتهت بهزيمة طرف وحلفاء وانتصار طرف وحلفاء، فكان حينها أن الدول المنتصرة قامت بالسيطرة والاستحواذ والتقاسم للنفوذ والسيطرة والثروات، وتحديد ورسم المصير للدول والشعوب المنهزمة.

    فذلك كان وما زال أَسَاسًا لما يسمى بالنظام العالمي الجديد، الذي كرس ورسخ القطبية الغربية الأحادية على المنطقة والعالم.

    واليوم، وأمام كُـلّ ما جرى ويجري من أحداث ومواجهات ومعاركَ وحروبٍ في المنطقة والعالم، تُرسم ملامح المستقبل ويُصنع نظامٌ عالمي جديد.

    ومن هنا سننطلق لنتحدث عن مجريات الأحداث العالمية والإقليمية والدولية وانعكاساتها على المنطقة العربية والإسلامية واليمن أَسَاسًا، وهذا صُلب تحليلنا وقراءتنا السياسية؛ لنصل بمعطيات الواقع إلى نتيجة أن اليمن الكبير وقائده ودولته وشعبه حتمًا منتصرٌ مهما كانت الظروف والأحداث والتوجّـهات العدوانية والاستعمارية في هذه المرحلة وما سبقها من عدوان ما يزال مُستمرًّا.

    وإن كانت هناك محطات زمنية مختلفة صُنعت فيها التحولات الاستراتيجية ورُسخت القناعات بأن صنعاء عاصمة دولة الجمهورية اليمنية وستظل كذلك، والسلام معها على أَسَاس ذلك، ولن يكون دون ذلك مطلقًا.

    إن باب صنعاء للسلام مفتوح واليد ممدودة، ومقابل ذلك، على دول الجوار أن تتخذَ قراراتِها للسلام بشجاعة وحسم، والخروجُ من عباءة أمريكا التي تسعى دائمًا لتوريطها واستنزافها وإغراقها أكثر، وتدفعُ بشكل واضحٍ لبقائها في المستنقع والوحل، وحلبها واستنزاف طاقتها ومواردها الاقتصادية وقدراتها وثرواتها ومقدراتها المالية والاقتصادية مقابل الحماية للنظام والبقاء المستدام والتحالف المزعوم المغلف بعناوين التضليل؛ فظاهرُها الحمايةُ والتحالف، وباطنُها الاحتلال والخضوع والهيمنة والوصاية وسلبُ القرار السياسي، وهذه شواهد الواقع، وفي التاريخ عِبَرٌ لمن يعتبر.

    ولهذا، المتغطي بأمريكا عريان، وبالأخص أن الركيزة الأَسَاسية لسياستها الخارجية هي لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وإنما هي سياسة شيطانية صهيونية مبنية على المصالح؛ فأينما تكمن المصلحة، تنحدر اتّجاهات أمريكا إليها مع ضرب كُـلّ شيء عرض الحائط دون مبالاة أَو التفات لما سبق ذلك؛ وبها تختلق الذرائع وتنسف كُـلّ التحالفات الشكلية وتسقط الأقنعة المزيفة، وينكشف وجه أمريكا الحقيقي.

    وهنا، على من لا يدرك التغيرات السياسية والتجاذبات الدولية والإقليمية والعالمية، وتغيير المناخ والظروف والأجواء المحيطة وموازين القوى، والتي بها ستتغير كُـلّ التحالفات السياسية في العالم، أن يأخذ العبرة من التاريخ وممن كانوا حلفاء لأمريكا من أنظمة عربية صنعتها أمريكا وبريطانيا وفقًا للنظام العالمي الذي أُسس بعد الحرب العالمية الثانية.

    وفيه ومن خلاله تمت السيطرة والتقاسم والنفوذ والتحكم في المصير والاحتلال الناعم من خلال اصطناع أنظمة حكم عربية بعيدة ومفصولة عن الإسلام، وبمسميات القومية والمدنية والحديثة والمعاصرة والتقدمية، والركوب في ركاب الغرب والابتعاد عن كُـلّ أشكال التخلف والتعصب الديني، والنظر للإسلام كمشكلة للعرب والمسلمين في تخلفهم واختلافهم، والمعيق للبناء الحضاري والتطور والنمو والازدهار والتقدم والرقي والحداثة، وغيرها الكثير من المفاهيم الخاطئة التي جعلت الأُمَّــة الإسلامية العربية تحت هيمنة الغرب وسيطرته.

    وأمام ذلك، كان البريطاني والأمريكي والفرنسي وغيرهم من الدول الغربية المهيمنة على مجلس الأمن والأمم المتحدة أن يصدروا مؤامراتهم وينفذوا مخطّطاتهم الشيطانية للمنطقة العربية والإسلامية لترسيخ وفرض وصناعة أنظمة حكم عربية إسلامية بعيدة عن عروبتها وإسلامها؛ أنظمة مصطنعة شكلية قائمة على الحماية الغربية، مع العمل الخبيث للغرب على تصدير وتثبيت وإقامة أنظمة الحكم في البلدان العربية والإسلامية على غرار وأشكال نظم الحكم المستنسخة من تجارب نقلوها لنا من تجاربهم الفاشلة في أُورُوبا وأمريكا وغيرها من بلدان الغرب.

    لقد أسَّسوا لمرحلة جديدة من الصراعات الداخلية المستدامة والاقتتال البيني على أُسُس مذهبية وعُنصرية ومناطقية وطائفية وعِرقية وسياسية وغيرها من عناوين فِتْنَوية تُشعل فيها النيران وتتغذى منها الانقسامات وتستمر النزاعات إلى ما لا نهاية.

    وهذا ليس اعتباطيًّا من الغرب، بل كان ذلك مدروسًا ويُراد له ذلك في المنطقة العربية والإسلامية.

    ولهذا، لنا عبرة ودراية وإدراك بتاريخ الغرب الطويل من الصراعات الداخلية والاقتتال والتناحر العرقي والديني والاجتماعي والعنصري والطائفي والسياسي المقيت والتمييز العنصري وإذكاء العنف والفتن وغيرها من عناوين التفرق والاختلاف والتناحر وبعناوين الديمقراطية الزائفة.

    وهنا، أثبتت كُـلّ مجريات الأحداث ووقائعها أن ذلك كان استنساخًا لتجارب الغرب في بناء أنظمة الحكم وفرضها كواقع في البلدان العربية والإسلامية، وهذه كلها كانت فاشلة.

    ومع ذلك، نفّذوا مشاريعَ تقسيم وتشرذم المنطقة العربية والإسلامية، وتنفيذ مشروع التقسيم والتشظي والشرذمة والتفتيت.

    ولهذا، عبر التاريخ كثيرة هي الأمثلة، حَيثُ ننظر إلى أين كانت الأنظمة العربية المنخدعة بالتحالف مع أمريكا وبريطانيا، وأين أصبحت، وكيف انتهى بها الأمر في آخر المطاف في مزبلة التاريخ.

    وهذه حقيقة تاريخية يجب الاعتبار بها ومراجعة الحسابات وتصحيح الأخطاء وتصفير المشاكل.

    ولهذا نقول لدول الجوار: إن كانت إرادتكم وقراركم بأيديكم وأنتم أسياد موقفكم، فليكن ذلك واقعًا مجسَّدًا في إخراج أنفسكم ورفع أيديكم عن التآمر والعبث بأمن واستقرار واقتصاد اليمن، وانهجوا طريقَ السلام؛ فالفرصة مواتية لاتِّخاذ القرار للسلام والمضي فيه بخطوات واضحة وصادقة، وفيه مصلحة لها ولليمن والمنطقة والعالم.

    وكما اتخذوا قرارَ الحرب والعدوان على اليمن الكبير بقرار معلَن وحاسم، عليهم أن يتخذوا قرارَ السلام بعزم وإصرار معلَن، وعليهم أن يقبلوا بالواقع الجديد في اليمن، ويقبلوا اليمن الجديد كدولة وقائد وثورة وتطلعات شعبيّة وإرادَة وعزيمة يمانية لن تتغيَّر ولن تتبدَّلَ إطلاقًا مهما يكن.

    فصنعاء دولة لكل اليمن واليمنيين وستظل كذلك، وسيتحقّق السلام والاستقرار على هذا الأَسَاس، وهي حقيقة وواقع جديد لن يتغير ولن يتبدل.

    إن السلام مصلحة للجميع، لا سِـيَّـما واليمن الكبير يتطلع إلى السلام والاستقرار والعلاقات الطيبة والمتكافئة مع المحيط العربي والإسلامي والدولي، ورعاية المصالح المشتركة، وبناء الثقة والتحولات السياسية، والانتقال من مربع الخصومة والتوجّـهات العدائية إلى مربع الصداقة والأخوة والتعاون المشترك.

    كما أن اليمن الكبير يحترم كُـلّ الاتّفاقيات الدولية ويلتزم بها، مع حمايته للملاحة البحرية الدولية، ويحترم ويلتزم بالقوانين والاتّفاقات الدولية لأعالي البحار، لا سِـيَّـما وهو دولة مشاطئة على البحر الأحمر والعربي وتمتلك باب المندب، وتسعى إلى حماية حدودها البحرية والملاحة الدولية، ولا خطر ولا تهديد عليها من اليمن إطلاقا.

    إن الخطر الحقيقي على الملاحة البحرية الدولية إنما هو من أمريكا وحشدها العسكري في البحر الأحمر والعربي وباب المندب لحماية الكيان الإسرائيلي، والذي فشل في ذلك.

    والأمريكي هو من يعسكرُ البحر الأحمر والعربي بقواته وقِطَعِه البحرية العسكرية التي تتزايد في تحشيدها وجلبها إلى البحرَين العربي والأحمر والمحيط الهندي.

    وبهذا، فَـإنَّ الأمريكيَّ الذي يتجاوز كُـلّ الأعراف والقوانين الدولية هو من يهدّد ويشكل خطورة على الملاحة البحرية الدولية، ويعتدي على اليمن، ويجعل البحر الأحمر والعربي ساحة حرب وصراع ومعركة، وعليه أن يتحمّل المسؤولية الكاملة والتبعات جراء حماقة المجرم ترامب.

    وبعد ذلك، انتهى عدوانُهم وفشل في حماية كَيان الاحتلال الصهيوني وثني اليمن عن الاستمرارية في إسناد غزة وفلسطين، والذي استمرت فيه بكل قوة وعنفوان حتى الانتصار.

    وبهذا وعلى أَسَاسه، ذهب الأمريكيُّ لإبرام اتّفاق مع اليمن الدولة وعاصمتها صنعاء؛ اتّفاق المستقبل والمصالح.

    وكانت مصالحُ اليمن وشعبه وسيادته واستقلاله أولويةً وطنية؛ فكانت معادلة البحر الأحمر ثمرة من ثمار انتزاع الحقوق وبوابةً لتحقيق السلام في فلسطين واليمن والمنطقة.

    ولهذا، يمثل الاتّفاق الأمريكي مع صنعاء استراتيجية متكاملة، ويمثل اتّفاقا سياسيًّا استراتيجيًّا تجاوز الفيتو والإرادَة السعوديّة ورؤيتها تجاه اليمن والحل السياسي وتحقيق السلام.

    كما يمثل إنجازًا تاريخيًّا عظيمًا لم يحصل مثلُه في تاريخ اليمن ولا تاريخ المنطقة، وهذا بفضل الله وحكمة القيادة والدولة والقوة.

    وكانت معادلة القوة جزءًا أَسَاسيًّا في تحقيق هذا الاتّفاق، وكان ذلك من موقع القوة والندية، لا سِـيَّـما بعد 54 يومًا من الفشل الأمريكي في العدوان على اليمن، حَيثُ باتت الاستمرارية فيه عبثًا وغير مُجدية؛ فذهبت أمريكا وترامب لإبرام الاتّفاق مع صنعاء، عاصمة الدولة والجمهورية اليمنية.

    وبعد تحقيق هذا الإنجاز، ذهب ترامب إلى المنطقة وزار السعوديّة وقطر والإمارات، وعقد في الرياض قمة خليجية أمريكية، وكانت اليمن ضمن أولوياته.

    وهنا، كان من الواضح أن الأمريكي لم يعد منسجمًا مع الرؤية السعوديّة للحل السياسي في اليمن، وأنه لا بد من تنفيذ خارطة الطريق دون أن تكون السعوديّة مرتبطة بالحل السياسي والمعادلة السياسية في اليمن، مع تجاوز متطلبات السعوديّة في جعل التوقيع في الرياض أَو أن تشرف وتتحكم السعوديّة في ترتيبات المرحلة الانتقالية والحل السياسي في اليمن بعد تحقيق السلام وتنفيذ المرحلة الأولى فيه.

    إن أولويات أمريكا هي الصين وروسيا؛ ومن أجل ذلك، يبدو أن أمريكا تعتبرُ أن اتّجاهها في اليمن يصُبُّ في مصلحة الدولة القوية، بينما السعوديّة تريد دولةً ضعيفةً تتحكَّمُ فيها كما كان في الماضي، وهنا نقطة الخلاف بين رؤية السعوديّة والأمريكان في التفاصيل تجاه اليمن.

    وبالتالي، هناك من يقرأ أن زيارة ولي العهد السعوديّ لواشنطن خلال هذه الأيّام تأتي في إطار محاولة شراء الموقف الأمريكي وطلب الإذن والمساعدة العسكرية والحماية السياسية والدولية لعودة الرياض للتصعيد العسكري مع الإسرائيلي والبريطاني والإماراتي تجاه اليمن، لا سِـيَّـما أن الاتّجاهات واحدة وتقاطع المصالح واحد ومشترك.

    وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لن تدخُلَ السعوديّة في تصعيد عسكري دون أمريكا، لا سِـيَّـما أنها في عام 2015، أعلنت عاصفة الحزم من واشنطن.

    ولهذا، فَـإنَّ القرار في واشنطن بخصوص السعوديّة والمنطقة وأية تحَرّكات، سلمًا أَو حربًا، تجاه اليمن.

    وهنا من الواضح أن السعوديّ لا يمتلك قرارًا ويرضخ للإرادَة الأمريكية والغربية.

    ولهذا، فَـإنَّ نتائج زيارة ولي العهد السعوديّ إلى واشنطن ولقائه بترامب ستحدّد مؤشرات الوضع.

    أمام ذلك، ليس لدى أمريكا أية مشكلة في توريط السعوديّة وإبقائها في المستنقع اليمني؛ لما لها من مصلحة في حلبها ونهب ثرواتها مقابل حمايتها المزعومة وإيهامها بالتحالف معها.

    وفي الواقع، أن أمريكا لها مشروعها وهي من تقرّر مصير المنطقة، لا سِـيَّـما مصير أنظمتها العميلة من أنظمة الدول العربية والإسلامية والدولية الأُخرى المصنوعة أمريكيًّا وغربيًّا، والمعروفة بالولاء والاتباع والتبعية لأمريكا والغرب.

    وفي صعيد آخر، لا بد من النصح على المستوى اليمني الداخلي، عسى ولعل أن ينفع ويجدي، وهو إقامة حُجّـة ورسم واقع وطني جديد يكون على أَسَاسه صنعاء عاصمة للدولة اليمنية، والدولة هي صنعاء وقائدها وثورتها ومشروعها.

    وبابُها مفتوح للجميع، ويدُها ممدودة لتحقيق المصالحة الوطنية وحل المشاكل والخلافات وتذويب الجليد واحتواء الجميع تحت مِظلة الدولة والقائد والثورة.

    وبها سيتحقّقُ الوئامُ والوَحدةُ الوطنية، وبالثوابت الوطنية والمكتسبات الوطنية والوحدة اليمنية في الجغرافيا، والوئام في الواقع الشعبي والنسيج الاجتماعي والسياسي، وستحقّق اليمنُ بإذن الله معادلةَ القوة والسلام والانتصار.

    وهنا نقول لكل من يراهن على أمريكا وكَيان الاحتلال أَو دول وأنظمة في الجوار: أن يكون هناك تغييرٌ للواقع الذي صنعته صنعاء، الدولة والقائد والشعب وقواتها المسلحة والأمن، سيكون اليمن دولة واحدة، وصنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية، والسيد القائد -يحفظه الله- قائدها، وصنعاء دولتها ومهجتُها، وستحتوي الكُلُّ تحت جناحها وتحت مِظلتها، مع تذويب الجليد والمشاكل والاختلافات، وتحقيق الوئام والاصطفاف والإجماع الوطني، وتحقيق السلام والاستقرار مع دول الجوار والعالم، ولها وجودها ومكانتها وقوتها وفاعليتها الوطنية الاستراتيجية داخليًّا وخارجيًّا.

    وهنا، لا بد من الإدراك أن الرهانات الخارجية خاسرة وفاشلة.

    ولهذا، نؤكّـد ونقول للمرتزِقة اليمنيين الذين راهنوا وكبَّروا وفرحوا بالعدوان الأمريكي الإسرائيلي على اليمن، والذي فشل وانتهى وخيَّب آمالَكم وحطَّم أحلامَكم، وفوق هذا لم تتعظّوا ولم تعتبروا عندما كان موقفُكم ذاته في الرهان والتكبير والتهليل والفرحة وربط الآمال ونسج الأحلام عندما أعلنت عاصفة الحزم من واشنطن والعدوان المُستمرّ منذ 2015م إلى الآن؛ وكان هناك فشلٌ كبير وخيبة أمل، ولا مناصَ من تحقيق الانتصار.

    ولهذا، وبفضل الله، اليمن الكبير انتصر وسينتصر بإذن الله، والانتصار غير بعيدٍ مطلقًا.

    فأية محاولات واضحة منكم في رفع أصواتكم ودغدغة مشاعر محرِّكيكم ومشغِّليكم ومموِّليكم لالتقاطكم وتفعيلكم مجدّدًا كورقة رابحة ومجدية تحقّق لهم مآربهم الاستعمارية، في الوقت الذي بات فيه وضعُكم ووجودُكم غيرَ مقبول بتاتًا، وكرتُكم محروقًا وفشلُكم مشهودًا.

    ولو كنتم ورقةً مُجديةً وفاعلة لما تردّدوا في تحريككم ودعمكم مجدّدًا.

    ولكن الواقع والأحداث والشواهد ماثلة بأن تجريبَ المجرَّب فشل وخُسران لا فائدةَ منه ولا جدوى، ويمثل عبثًا لا أقلَّ ولا أكثر.

    والواقع سيُرسَم بإرادَة وعزم وقوة وصلابة وانتصار اليمن الكبير ودولته وقائده وشعبه المعطاء.

    في المقابل، ستتخلى دولٌ وأنظمة دعمت وموَّلت ووقفت مع العملاء والمرتزِقة الرخيصة مع ضمان مصالحهم التي تمثل لهم أولويةً مطلقة، ويتركونكم مفضوحين ومكشوفين وخاسرين تلقون مصيركم المحتوم والمنظور حتمًا، وهو ليس بالبعيد.

    فالعالم يتغير بتغير العوامل والمناخات الدولية والإقليمية والداخلية والخارجية.

    وهنا، نؤكّـد لكم أن التاريخ لا يرحم؛ فلا مستقبل ولا عزاء ولا بقاء ولا قرار ولا مكانة ولا واقع لكل من خان بلده وشعبه وبات مطية للمستعمر والمحتلّ لتمكينه من احتلال بلده ونهب وسيطرة على قراره ومقدراته وثرواته.

    ليكون بعد ذلك المصير الحتمي المنتظر لهم في الوقت المنظور والقريب مؤكّـدًا، ليكون بعد ذلك الخونةُ والعملاء والمرتزِقة في عداد الخاسرين والهالكين حتمًا، وورقةً حارقة وعبئًا لا بد من التخلص منه، ورسم نهايتهم المحتومة.

    وبهذا الصدد، قد رُسمت الخارطةُ وانتهت أحلامُ المرتزِقة والعملاء ومستقبلهم، وبات القرارُ النهائي متخَذًا بحقهم من داعميهم ومموليهم.

    فالمرحلة جديدة والتغيرات فوق المتوقع والخيال، والسياسة لها أوجه متعددة ومختلفة، ولها وقائعها ومتغيراتها.

    فليس هناك أي استبعاد لأية خطوات مستقبلية قريبة لطي صفحة المرتزِقة والخونة والعملاء وإنهاء وجودهم والتخلص منهم، وينتهي بهم الأمر إلى مزبلة التاريخ.

    وهنا، لا بد من الإدراك والاعتبار مما حصل للمرتزِقة والخونة والعملاء على مر العصور والأزمنة.

    فالتاريخ مليءٌ بالأحداث التاريخية التي رسّخت ودوَّنت النهايةَ الحتميةَ والسيئة للمرتزِقة الرخيصة والخونة والعملاء، وأين انتهى بهم الزمان، وأين باتوا، وأين أصبحوا، وكيف كانت نهايتُهم، وعملية التخلص منهم وقذفهم إلى بعيد البعيد، وكيف لاقوا الهلاك والحتف، ورُميت ورقتهم إلى مزبلة التاريخ دون عودة مطلقًا وأبدًا.

    فهل هناك مَن يعتبر ويفهم حقائقَ التاريخ؟ عسى ولعل أن يكون هناك أيُّ بابٍ وطني داخلي بإمْكَانه أن يتعالى عن الجراح ويعفوَ ويصفحَ ويتجاوزَ كُـلَّ الماضي والأخطاء.

    وهي فرصة مواتية لكل من أخطأ بحق بلده وشعبه وخان وارتزق وكان أدَاةَ هدم للمستعمر والمحتلّ الخارجي والأجنبي؛ لطي صفحة الماضي والانطلاق إلى المستقبل.

    فاليمن الكبير وقائدُه المفدَّى ودولتُه الراسخة وشعبها العظيم عبر التاريخ، تتجلى فيها سماتُ القوة والتعقُّل والحكمة والشجاعة والتعالي والضغط على الجراح وبلسمتها ولَمِّ الشمل واحتضان كُـلّ اليمنيين حتى وإن أخطؤوا؛ فالعفوُ والصفح عند المقدرة، وهذه من سمات القادة العظماء والدول الكبيرة.

    فالوقت قد حان ليدخل الجميعُ تحت مِظلة الدولة والقائد في صنعاء، وهي عاصمة الجمهورية اليمنية، لا سيما أن العدوان في 2015م بدأ وصنعاء دولة، وسينتهي وصنعاء دولة.

    وهي كذلك قاعدة ثابتة في ما تلاها من مراحلَ عدوانية وُصُـولًا إلى عدوان أمريكا المُستمرّ في السابق والحاضر والقائم اليوم على اليمن الكبير؛ فهو فاشلٌ ومنتهٍ حتمًا، وسينتصر اليمنُ الكبير، القائد والدولة والشعب، وسيكون كذلك حتمًا.

    وبدأ وسينتهي واليمن الكبير في صنعاء دولة، ويُعترَفُ بها عالميًّا، وستُوضع في المكانة التي تليقُ بها.

    وسيكون قائدُ الثورة -يحفظه الله- في المكانة الكبيرة التي وضع نفسَه فيها كقائد كبير بفعلِه وقوله، وهي المكانة التي تليقُ به.

    فالقائد العظيم لا يضع نفسه إلا في الموضع والمكان الكبير الذي يليق به وبمكانته العظيمة والكبيرة يمنيًّا وعربيًّا وعالميًّا، ويضع معه اليمن الكبير في المكانة الكبيرة التي تليق به وبقائده العظيم والمفدى وفخر الأُمَّــة.

    وهذه حقائق مرسخة وثابتة وتحقّقت، وسيُستكمل ما تبقى من تحقيقها، والواقع يشهد بذلك، وآفاق وملامح الانتصار تلوح في الأفق، وسيتحقّق ذلك بإذن الله.

    في المقابل، على الخونة والمرتزِقة الرخيصة الذين باعوا أنفسَهم وضمائرهم وبلدهم وشعبهم في سوق النخاسة والوساخة والعبودية والرق والعمالة والارتزاق لتحقيق آمال ومشاريع الاستعمار مقابل حفنة من المال الحرام، أن يدركوا أنهم بلا مستقبل مطلقًا، وقد انتهت ورقتهم ووقتهم وفاعليتهم مهما حاولوا أن يرفعوا أصواتهم للأمريكي والإسرائيلي، ومن قبلهم دول وأنظمة كانت في عدوان على اليمن الكبير وفشلوا، وفشلت كُـلّ تحَرّكاتهم وتوجّـهاتهم وأحلامهم الاستعمارية.

    واليوم، هناك حقيقة تاريخية ماثلة أن الممولين والمحركين والداعمين والدافعين ومن يقف خلف أرخص وأوسخ مرتزِقة وعملاء وخونة عبر التاريخ، أن صفحتهم طُويت وباتوا في مزبلة التاريخ وخسروا خُسرانًا كَبيرًا.

    فلم يعد لهم مكان ولا قرار ولا بقاء ولا مستقبل.

    فالدول والأنظمة رفعت يدَها وتخلت وساومت ورأت وارتضت وسارعت في رمي كُـلّ الأوساخ والأثقال التي كانت وما زالت عبئًا عليها وفوق كاهلها، لتكون أولوياتها مصالحها وأمنها واستقرارها وعلاقاتها السياسية المتحولة مع تحول الأحداث في اليمن والمنطقة والعالم.

    وهكذا دومًا تكون النهايات، وهكذا أبدًا تكون الخسارة الأكبر.

    والأهم من ذلك، سيتركُكم الكل وتنتظرون مصيركم المحتوم وغير البعيد.

    فالمسألة مسألة وقت للنهاية والمصير وطي صفحتكم ورميها في مزبلة التاريخ، لا سِـيَّـما أن العالم أجمع يتحضَّر للتفاهم والتفاوض والقبول بالواقع الجديد في المنطقة والعالم، وتحقيق السلام والاستقرار، ورعاية المصالح المشتركة، والعلاقات الدولية الطيبة والندية، وبناء نظام عالمي جديد خالٍ من الشوائب والأثقال والأوراق والأدوات والكُروت المحروقة والأعباء الثقيلة؛ ليرسم واقعًا جديدًا لمستقبل اليمن والمنطقة والعالم.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    علي القحوم

    spot_imgspot_img