قدّمت مصادر عسكرية أمريكية ووسائل إعلام إسرائيلية سلسلة إقرارات تُجمع على أن القدرات اليمنية “تعاظمت وتحوّلت إلى عامل مُغيّر لقواعد اللعبة” في البحر الأحمر، بعد عمليات “معقّدة وغير متوقعة” نجحت —بحسب تلك الشهادات— في “فرض حظرٍ بحريٍ فعلي على الملاحة التابعة للكيان” وإرباك “تحالف حارس الازدهار” الذي تقوده واشنطن.
ونقلت صحيفة “غلوبز” العبرية عن الأدميرال الأميركي المتقاعد غاري راتهيد، القائد السابق لأسطول البحرية الأميركية، أن اليمنيين نفّذوا “عمليات بحرية معقّدة وغير متوقعة” واجهت الولايات المتحدة ودولاً أخرى معها “صعوبة حقيقية في التعامل” رغم الفوارق الشاسعة في التسليح.
وأقرّ راتهيد بأن الهجمات الأميركية–الإسرائيلية كانت “غير متكافئة كلفةً” في مواجهة “أسلحة صغيرة وسريعة وعالية الكفاءة” استخدمها اليمنيون، لافتًا إلى أن “إسقاط طائرات كليو الأميركية مرتفعة الكلفة بوسائل زهيدة” يجسّد “فجوة الأداء بين الكفاءة اليمنية وتعقيد المنظومات الغربية”.
ودعا إلى عدم الاستهانة بـ”درس البحر الأحمر” وضرورة “الاستثمار في منظومات دفاعية جديدة” قادرة على مجابهة التقنيات التي باتت “بحوزة اليمنيين اليوم”.
وفي تقييم موازٍ، كشف موقع تاسك آند بيربس الأمريكي المتخصص بالشؤون العسكرية عن تقديرات لعسكريين أميركيين، بينهم العقيد المتقاعد في سلاح الجو مارك جونزينغر (طيّار اختبار سابق لطائرة B-52)، أكّد فيها أن العمليات فوق اليمن كشفت “منظومة دفاع جوي أكثر تقدّمًا مما كان متوقعًا” وأن المجال الجوي اليمني “أصبح شديد الخطورة على الطائرات غير الشبحية”.
وبحسب جونزينغر، فإن القدرات اليمنية “فرضت على الولايات المتحدة اللجوء إلى الطائرة الشبحية B-52 لتنفيذ مهام داخل مجال جوي محميّ بدرجة عالية”، محذّرًا من أن الأنظمة التي ظهرت في اليمن قد “تهدّد مستقبل فاعلية جزء من الأسطول الجوي الأميركي” خصوصًا المنصّات “ذات تقنيات التخفي الأقل تطورًا”.
تجمّع هذه الإقرارات يرسم صورة “تحوّل استراتيجي حقيقي” فرضه اليمن على القوى البحرية والجوية الكبرى: “تهديد منخفض الكلفة عالي التأثير” أصبح واقعًا يضغط على واشنطن وتل أبيب، ويُحتّم “تعديل عقائد الحرب والتسليح”. فالقدرة اليمنية على “توليد تأثيرات استراتيجية بموارد محدودة” أعادت معايرة “مخاطر العمل الجوي والبحري” في الممرات الحسّاسة، ورسّخت “معادلة ردع جديدة” تتقدّم فيها “الفعالية والابتكار” على “الوفرة التقنية والإنفاق”.
