في لقاء سياسي حادٍّ ومحمّل برسائل استراتيجية، أكد رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الخارج خالد مشعل أن حرب الإبادة التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي على غزة تجاوزت قدرة العالم على تحمّلها، مشيرًا إلى أن “القضية الفلسطينية اليوم استعادت روحها ومكانتها على الساحة الدولية بعد أن كانت منسية في الأدراج المغلقة”.
وأوضح مشعل في مقابلة متلفزة أن وجه الكيان الصهيوني القبيح انكشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر، حين تحوّل إلى “كيان قاتل منبوذ ارتكب جريمة إبادة جماعية بحق شعبٍ محاصرٍ أعزل”، مؤكدًا أن “الأمة الإسلامية والعربية استعادت وعيها وكرامتها في مواجهة هذا العدو الذي يشكل تهديدًا وجوديًا لكل الأمة وليس للفلسطينيين وحدهم.”
وشدد مشعل على أن الإدارة الأمريكية تسعى لتلميع صورة الاحتلال عبر مبادرات “إنسانية زائفة”، هدفها الحقيقي إنقاذ سمعة الكيان الصهيوني وتوفير مخرج سياسي يتيح لبعض الأنظمة العربية المضي في مشاريع التطبيع، معتبرًا أن “أي وقف جزئي لإطلاق النار لا يُنهي الاحتلال، بل يمنحه استراحةً لإعادة بناء آلة القتل.”
وأضاف رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس أن الحرب بصورتها الوحشية وصلت إلى نهايتها، قائلاً: “لقد استنفدت الحرب قدرة العالم على تحمّلها… نأمل ألا تعود، لكن القتل لم يتوقف، وما زال الاحتلال يمارس جرائمه يوميًا في غزة والضفة.”
وكشف مشعل عن أن اجتماع قادة ثماني دول عربية وإسلامية مع الرئيس الأمريكي ترامب كان “محاولة أخيرة لتلميع المشهد، وليس لإنهاء العدوان فعليًا”، مضيفًا أن “الحراك العربي والإسلامي يرفض التهجير ونزع سلاح المقاومة، لكنه لم يرتقِ بعد إلى مستوى الدم الفلسطيني المسفوك.”
وأكد مشعل رفض أي محاولة لنزع سلاح المقاومة أو وضعه تحت وصاية دولية، مشددًا على أن “سلاح المقاومة ليس أداةً مادية بل رمز وجودي يعادل روح الفلسطيني نفسه.” وقال: “من يطالب بنزع سلاح غزة إنما يطالب بنزع روحها… السلاح هو كرامتنا وبوصلتنا، وتجريده يعني استسلامنا، وهذا لن يكون.”
وأوضح أن المقاومة أبدت مرونة مسؤولة في التعاطي مع المبادرات الدولية لوقف الحرب، لكنها لن تقبل “سلامًا يُبنى على إذلال الشعب الفلسطيني أو فرض الوصاية عليه.”
وأشار إلى أن “حماس” والفصائل وافقت على إدارة مدنية مؤقتة لقطاع غزة عبر حكومة تكنوقراط فلسطينية، يعقبها تشكيل جهاز شرطة وطني لحفظ الأمن الداخلي، لكن الاحتلال الإسرائيلي يعرقل هذا التفاهم خشية فقدان سيطرته على مسار الأحداث.
وفي هذا السياق، رفض مشعل ما وصفه بـ”مجلس السلام” المقترح من إدارة ترامب، قائلاً إنه “مجلس وصاية أمريكية – صهيونية يهدف إلى إعادة الاحتلال بثوب مدني ناعم”، محذرًا من أنه يشبه الانتداب البريطاني بصيغة جديدة أكثر خطورة.
وشدد على أن الفلسطيني يجب أن يحكم نفسه بنفسه، وأن غزة ستبقى قلعة المقاومة، لافتًا إلى أن المرحلة المقبلة ستتركز على إعادة إعمار القطاع وترسيخ وقف دائم لإطلاق النار دون المساس بسلاح المقاومة.
واختتم مشعل تصريحه بتأكيد أن المعركة لم تنتهِ بعد، وأن إرادة الشعب الفلسطيني أقوى من كل مشاريع الإخضاع والتجريد من السلاح، قائلاً: “سلاحنا هو حياتنا… والذين يراهنون على كسر إرادة غزة سيجدون أنفسهم أمام جيلٍ لا يعرف إلا لغة المقاومة، ولا يرضى بغير التحرير الكامل.”
