ذات صلة

الأكثر مشاهدة

التعبئةُ العامّة.. مدرسة إعداد متكاملة

ليست التعبئةُ العامة مُجَـرّد نشاطٍ عابر أَو برنامجٍ تنظيميّ؛...

‏الشعوب الموحدة والمشروع القرآني: سر النصر والصمود

يعيش العالم اليوم مرحلة فارقة تُختبر فيها القيم، وتُعرّى...

شتاء غزة.. معركة بقاء في ظل هُدنة منهارة

مع اشتداد المنخفضات الجوية التي تضرب قطاع غزة، تتكشف...

ترامب يعلن الاستيلاء على ناقلة “نفط فنزويلية” والأخيرة تصف العملية بـ”جريمة دولية خطيرة”

في خطوة وصفت بأنها الأكثر جرأة منذ عودته إلى البيت الأبيض، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ القوات الأمريكية استولت على ناقلة نفط ضخمة قبالة سواحل فنزويلا، في عملية عسكرية أثارت عاصفة من الجدل الإقليمي والدولي، وطرحت تساؤلات حول البعد الإيراني – اللبناني في هذا التطور المفاجئ.

وقال ترامب في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض:“لقد استولينا للتو على ناقلة نفط ضخمة قبالة فنزويلا، وهي في الحقيقة أكبر ناقلة يتم الاستيلاء عليها على الإطلاق… وقد تمت المصادرة لأسباب وجيهة للغاية”. ورغم امتناعه عن الكشف عن تفاصيل هوية السفينة أو وجهتها، أشار ترامب إلى أن النفط المحتجز “سيبقى في حوزة الولايات المتحدة”، مضيفًا بنبرة تحدٍّ: “أعتقد أننا سنحتفظ به… نعم، سنحتفظ بالنفط”.

وبحسب المدعية العامة الأمريكية بام بوندي، فإن الناقلة كانت جزءًا من “شبكة شحن غير مشروعة” متهمة بتمويل منظمات إرهابية أجنبية، واستخدمت لنقل النفط الخاضع للعقوبات الأمريكية من إيران وفنزويلا. ونشرت بوندي مقطع فيديو يظهر قوات أمريكية تنزل بالحبال من مروحية على سطح الناقلة في عملية إنزال بحري مثيرة أشرفت عليها قوات خفر السواحل ومشاة البحرية.

ووفق ما نقلته شبكة CBS الأمريكية، فقد انطلقت المروحيات من حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد” المتمركزة مؤخرًا في البحر الكاريبي، وشارك في العملية عشرون عنصرًا من النخبة بين قوات خاصة وخفر سواحل. وتشير المعلومات إلى أن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث كان على علم مسبق بالعملية، وأن الإدارة تدرس تنفيذ عمليات مماثلة “لمواجهة التهريب وتمويل الإرهاب”.

في المقابل، نددت فنزويلا بشدة بما وصفته بـ“القرصنة الدولية المعلنة”، معتبرة أن الولايات المتحدة ارتكبت “جريمة دولية خطيرة” بالاستيلاء على ناقلة ترفع علمًا أجنبيًا. وقالت وزارة الخارجية الفنزويلية في بيان: “ما جرى هو سرقة فاضحة واعتداء على السيادة الوطنية الفنزويلية.. الولايات المتحدة تثبت مرة أخرى أنها دولة قراصنة”.

أما وزير الداخلية ديوسدادو كابيو فذهب أبعد من ذلك، واصفًا واشنطن بأنها “دولة قتلة ولصوص”، مضيفًا: “حتى في أفلام قراصنة الكاريبي، كان جاك سبارو بطلًا… أما هؤلاء، فهم مجرمون في أعالي البحار”.

وأشار كابيو إلى أن مثل هذه العمليات هي “الأسلوب الأمريكي المعتاد في إشعال الحروب عبر العالم”، مؤكدًا أن بلاده “لن تكون مستعمرة نفطية مهما كان الثمن”.

الخطوة الأمريكية جاءت بعد تصاعد التوتر بين واشنطن وكاراكاس في الأسابيع الأخيرة، إذ اتهم ترامب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بأنه “يبيع النفط تحت الطاولة لتمويل الإرهاب الإيراني”، معلنًا في وقت سابق أن “أيام مادورو باتت معدودة”. وتزامن ذلك مع انتشار عسكري أمريكي مكثف في البحر الكاريبي شمل آلاف الجنود وتمركز حاملات طائرات على مقربة من السواحل الفنزويلية.

وردّ مادورو في كلمة جماهيرية من كاراكاس برسالة ساخرة إلى واشنطن قائلاً بالإسبانية: “إلى الشعب الأمريكي الذي يعارض الحرب، أقول: لا تقلقوا، كونوا سعداء… لا للحرب، لا للجنون الأمريكي، كونوا سعداء”.

الأسواق النفطية تفاعلت سريعًا مع التطور، إذ ارتفع سعر خام برنت بنسبة طفيفة وسط مخاوف من أن تؤدي التوترات الجديدة إلى تعطيل إمدادات النفط الفنزويلية المحدودة أصلًا، بينما حذر محللون من أن استمرار التصعيد قد يدفع المستوردين للامتناع عن شراء النفط الفنزويلي خشية العقوبات أو المصادرة.

وتنتج فنزويلا نحو 1.1 مليون برميل يوميًا، وتصدر معظم إنتاجها إلى الصين ودول آسيوية أخرى عبر قنوات مالية معقدة تتجاوز العقوبات الغربية، وهو ما تعتبره واشنطن “شبكة تهريب منظمة تمول خصومها في الشرق الأوسط”.

وبينما تزداد التكهنات حول احتمال تطور الحادث إلى مواجهة بحرية أوسع، تتجه الأنظار إلى ردّ فنزويلا، في وقت يرى فيه مراقبون أن العملية ليست سوى إشارة أولى من إدارة ترامب لمرحلة جديدة من “حروب الطاقة والسيادة”، قد تمتد من الكاريبي إلى الخليج.

spot_imgspot_img