كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية في تقرير تحليلي مطوّل أن اليمن والسودان يمثلان النموذجين الأوضح لفشل المشروع العسكري السعودي الإماراتي في المنطقة، معتبرة أن البلدين تحمّلا العبء الأكبر من التدخلات الخارجية، التي أدت إلى تدمير مؤسسات الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي وتحويل أراضيهما إلى ساحات نفوذ متصارعة تخدم أجندات غير وطنية.
وأكدت الصحيفة أن التدخلات السعودية والإماراتية في اليمن والسودان أفرزت كوارث إنسانية غير مسبوقة خلال العقد الأخير، حيث تجاوز عدد الضحايا في اليمن منذ 2015 أكثر من 360 ألف قتيل، فيما قُتل في السودان خلال العامين الماضيين عدد مماثل نتيجة الحرب بالوكالة التي غذّتها شبكات المرتزقة المدعومة إماراتياً.
وبحسب “هآرتس”، فإن محللاً إماراتياً مقرباً من دوائر القرار في أبوظبي، اعترف في تصريحات خاصة للصحيفة بأن الإمارات استعانت بمرتزقة كولومبيين خدموا سابقاً في منشآت النفط والحقول الحيوية، وشاركوا لاحقاً في الحرب على اليمن، مقترحاً إرسالهم أيضاً إلى غزة “مقابل أجر مناسب”، على حد قوله.
وكشفت الصحيفة أن هؤلاء المرتزقة يتم تدريبهم في قاعدة إماراتية بالصومال قبل نقلهم إلى جبهات القتال في السودان واليمن، عبر شركات أمنية خاصة تموّلها أبوظبي مباشرة.
وتؤكد الصحيفة الإسرائيلية أن الصراع السعودي الإماراتي لم يعد سرياً، بل أصبح واضحاً في الميدان اليمني، حيث تتصارع الفصائل التابعة لكل طرف على السيطرة والنفوذ. وأشارت إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً سيطر الأسبوع الماضي على محافظتي حضرموت والمهرة وحقول النفط شرقي اليمن، في حين تمركزت القوات السعودية على الحدود مع سلطنة عمان، مكتفية بحماية خطوط الأنابيب ومواقع الطاقة، دون أن تخوض مواجهة فعلية مع فصائل الزبيدي.
وأوضحت “هآرتس” أن الحكومة الموالية للتحالف أصبحت كياناً مشلولاً، لا تملك من أمرها شيئاً، وأعضاؤها يقيمون في الفنادق خارج اليمن، بينما تتقاتل الوحدات العسكرية القبلية الموالية لها فيما بينها، وتفتقر إلى التمويل والسلاح، إذ يُقدّر عدد جنودها بين 40 و100 ألف مقاتل فقط، مقارنةً بقوات صنعاء التي تضم أكثر من 350 ألف جندي منظم ومدرب.
وأضافت الصحيفة أن التحالف السعودي الإماراتي تحوّل إلى أداة لإدارة الفوضى أكثر من كونه مشروعاً لاستعادة “الشرعية”، مشيرة إلى أن الرياض تسعى للحفاظ على وحدة اليمن خشية قيام كيان جنوبي موالٍ للإمارات يهدد أمنها البحري، في حين تتبنّى أبوظبي رؤية انفصالية توسعية، عبر السيطرة على الموانئ والجزر الاستراتيجية، من بينها أرخبيل سقطرى الذي أقامت فيه قواعد عسكرية، بعضها يضم وجوداً إسرائيلياً وفقاً لتقارير أجنبية.
وختمت “هآرتس” تقريرها بالتأكيد أن اليمن والسودان أصبحا شاهدين على آثار التنافس السعودي الإماراتي المدمر، حيث تداخلت المصالح الاقتصادية والعسكرية مع الأجندات الغربية والصهيونية، في مشهد وصفته الصحيفة بأنه “حرب نفوذ بلا أفق سياسي، تُدار بالمال والمرتزقة، وتُحرق شعوباً بأكملها من أجل أطماع النفط والهيمنة الإقليمية”.
