المشهد اليمني الأول/

لا تختلف الممارسات الإماراتية بأرخبيل سقطرى اليمني عن أطماع المستعمرين الذين مروا عليه من الاحتلال البرتغالي عام 1507 حتى عام 1511، ثم الاحتلال الإنجليزي من 1893 حتى عام 1967، وجميعهم رحلوا في النهاية، مثل أي احتلال يجبره أصحاب الأرض على الخروج صاغراً.

والقاسم المشترك بين المحتلين القدامى والحاليين هو شهوة التوسع والنفوذ على الأرخبيل، الذي أصبح منذ خمس سنوات محافظة، نظراً لأهمية موقعه الجغرافي والاستراتيجي والعسكري في الممر الدولي البحري، الذي يربط المحيط الهندي ببحر العرب، مروراً بمضيق باب المندب، على بعد 300 كم من سواحل اليمن.

يتكون الأرخبيل من أربع جزر، هي: سقطرى، ودرسة، وسمحة، وعبد الكوري، إلى جانب ست جزر صخرية، وتبلغ مساحته نحو 3796 كيلومتراً مربعاً (أكبر الجزر العربية)، ويقدر عدد سكانها بنحو 100 ألف نسمة.

توصف سقطرى بأكثر المناطق غرابة في العالم، وهي مصنفة من قبل اليونسكو، إحدى المحميات الطبيعية العالمية، ومن أهم مواقع التراث الإنساني، حيث يوجد فيها أكثر من 850 نوعاً من النباتات، منها 40 % نادرة ومستوطنة في الجزيرة، إضافة إلى 11 نوعاً من الطيور، لا توجد في أي مكان آخر من العالم.

وتتميز الحياة البحرية فيها بتنوع كبير مع تواجد 352 نوعاً من المرجان الباني للشعب، و730 نوعاً من الأسماك الساحلية، و300 نوع من السراطين، والكركند، والإربيان.

ولهذه الأهمية الفريدة والثروات المتنوعة، بدأت الأطماع الإماراتية على الجزيرة قبل حوالي عشر سنوات، عندما قام رجل الأعمال محمود فتح آل خاجة، بزيارات متكررة تحت لافتة العمل الخيري، ثم تطور لاحقاً إلى شراء أراضٍ شاسعة بملايين الريالات.

ومع تدخلها ضمن التحالف العربي، وجدت الإمارات الفرصة المناسبة لتعزيز نفوذها بالجزيرة إلى درجة تشبه ممارسات الاحتلال، مستغلة ضعف الحكومة، وكان ذلك أبرز مظاهر انحراف التحالف عن أهدافه المعلنة، والتي تحولت من دعم الشرعية إلى إضعافها وتجاوزها، لتحقيق أهداف خاصة.

ومن بوابة العمل الخيري، جاء مندوب «مؤسسة خليف»، خلفان مبارك المزروعي، المكنى بـ «أبو مبارك»، الرجل الأول للإمارات في الأرخبيل، الذي رسخ نفوذها بشراء ذمم وولاءات المسؤولين، وبعض القيادات العسكرية، ومشايخ القبائل، وشراء مساحات شاسعة في السواحل، بالقرب من الميناء، الذي شهد أيضاً هدم أحد المناطق الأثرية المطلة على البحر، لبناء قصور شخصية. ومع مرور الوقت تعززت القبضة الأمنية الإماراتية بإنشاء «القوات الخاصة» التي يبلغ قوامها خمسة آلاف جندي، وتمددت لتصل المطار، الذي أوكلت إدارته للضابط الإماراتي سعيد الكعبي، لضمان دخول وخروج أية شحنات مغلفة من الجزيرة من دون رقابة أو تفتيش من الجمارك.

وبجوار المطار، شرعت ببناء قاعدة جوية، وعززت تحكمها بمنافذ الجزيرة، من خلال تغيير حرس الميناء بآخرين موالين لها، يستقبلون سفنها التي تفرغ حمولتها بالجزيرة، وتعود محملة بكميات من الأحجار والحيوانات النادرة.

بقلم/ مأرب الورد

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا