المشهد اليمني الأول/

يصعب الاستسلام لمنطق ابتر عنوانه ان الصمت العالمي على العدوان على اليمن وتفشي الامراض والاوبئة ونهب الثروات هو نتاج الرشاوى السعودية والاماراتية فقط، والتي تدفع لشراء صمت المنظمات والهيئات الدولية، بما فيها هيئات معنية بالبيئة وحقوق الانسان.

وانما بالطبع هناك اسباب اخرى يمكن اكتشافها بالتأمل للصراع الدولي وهي في ذات الوقت كاشفة لطبيعة هذه المنظمات الدولية.

والواقع ان لغة هذه المنظمات اقتصرت على نشر الاحصائيات وتحميل بعض الاطراف المسؤولية واحيانا حملت الضحية جانبا من هذه المسؤولية!

وان كانت هناك منظمات وظيفتها الرصدورفع التقارير، فهل هذه هي وظيفة الامم المتحدة فقط؟ وهل المنظمة  لا توجد بها هيئات فاعلة وعلى رسها مجلس الأمن الدولي؟!

دعونا نتأمل تقريرا صدر في نوفمبر الماضي، حذرت الأمم المتحدة به من أن اليمن يمكن أن يصبح أسوأ كارثة إنسانية في العالم منذ نصف قرن، حيث أن البلاد التي مزقتها الحرب تكافح تفشي الكوليرا والدفتيريا المميتة وسط حرب سعودية مدمرة.

وقال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، في تصريحات اعلامية “إن الوضع في اليمن – اليوم، لسكان البلد – يبدو وكأنه نهاية العالم”. . 

وقال لوكوك ان “تفشي الكوليرا هو على الارجح الاسوأ الذي شهده العالم على الاطلاق مع مليون حالة مشتبه بها حتى نهاية عام 2017”.
كما اعرب مسؤول الامم المتحدة عن قلقه ازاء “وباء جديد فظيع” من الدفتيريا التى ادت الى مصرع عشرات الاشخاص وتضرر ما يصل الى 500 اخرين خلال الاسابيع القليلة الماضية.
واضاف ان هذا الوباء “سينتشر مثل الحرائق في جميع انحاء البلاد”.
واضاف “ما لم يتغير الوضع، سيكون لدينا اسوأ كارثة انسانية في العالم منذ 50 عاما”.
وهنا انتهت التحذيرات بشكل مفتوح على نمط بعض النهايات الدرامية، وكأن الهدف هو ابراء الذمم.

وبالعودة لبداية المقال حول الرشاوى انها ليست السبب الوحيد، فان الخطط بدأت تتكشف، وما كان تحليلا ومعلوما من الصراع الدولي بالضرورة، اصبح خططا على الارض وتقارير راصدة واقعية، فالهدف هو السيطرة الامريكية على باب المندب من الجهتين “الافريقية” والاسيوية، في جيبوتي والصومال والشرق الافريقي، وفي اليمن وخاصة جنوبها.

وما تفعله السعودية والامارات هو تنفيذ لمخطط امريكا واضعاف وهدم للدولة اليمنية لانتزاع الجنوب وفصله وتقاسم منافعه.
ان ما نجده في سقطرى وعدن هو سلسلة من الحرب بالوكالة، حيث تمارس الامارات والسعودية وما ينضم اليهم في تحالف العدوان الوكالة عن امريكا، ويمارس المرتزقة الوكالة عن هذه الدول.

ان خونة اليمن ممن تحالفوا مع العدوان هم وكلاء الوكلاء، وان احرار اليمن ومقاوميها هم من يحاربون مباشرة الهيمنة الامريكية ويفسدون مشروعها.

والمنظمات الدولية ما هي الا قناع للهيمنة واضفاء شرعية كاذبة على نظام دولي بغيض ظاهره القانون الدولي وجوهره شريعة الغاب.
من هنا فإن التفاوض هو مع الامريكان وليس الوكلاء، والامريكان لا يعرفون سوى لغة القوة والمقاومة.

ومن هنا تفشل جميع المفاوضات لانها لا تطالب الا بالاستسلام وبالأحرى هي لا تهدف الى الحل بقدر ما تهدف الى الفوضى.
ولكن وعلى المقاومة ان تعمل ايضا بالسياسة ولكن لا يغيب عنها ان ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وهي حكمة ذهبية قالها عبد الناصر والذي استهدف العدوان رمزيته بقصف النصب التذكاري لشهداء الجيش المصري والذين حاربوا الرجعية والهيمنة السعودية الامريكية في اليمن. 

ان توسيع دائرة التفاوض لتشمل سلة مفاوضات كبيرة يبدو وانه الخيار الأصح، وان اشراك الروس والصينيين والمستهدفة مصالحهم بانتهاك سيادة اليمن امر في غاية الاهمية، وان استمرار المقاومة وهز عروش الوكلاء هو حتمية سياسية تضاف لحتميتها الاخلاقية والوطنية.

إيهاب شوقي – كاتب وصحافي مصري

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا