كتب/ الشيخ عبدالمنان السنبلي

الشيخ عبدالمنان السنبلي
الشيخ عبدالمنان السنبلي

يستطيع المتابع أن يستشف المكانة الكبيرة التي تحتلها فلسطين و شعبها العربي في قلوب و أفئدة اليمنيين سواءً على المستوى الرسمي أو الشعبي من خلال المواقف الرسمية و الشعبية اليمنية المبدئية و الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، فقد كانت القضية الفلسطينية.

و مازالت هي الهم الأكبر الذي يؤرق الشعب و القيادة السياسية اليمنية على إمتداد الصراع العربي الإسرائيلي لدرجة أن اليمن على شدة فقره و إحتياجاته قد ظل من الدول العربية القلائل التي ظلت تقاوم عملية التطبيع مع الكيان الصهيونية برغم الضغوطات الدولية الكبيرة و الهائلة التي كانت تستهدفه في قوته و أمنه و وحدته .

بعد الإجتياح الإسرائيلي للبنان و إخراج مقاتلي منظمة التحرير الفلسطيني منها حيث لجأ الجانب الأكبر من قياداتهم و مقاتليهم إلى اليمن حيث تم إستقبالهم في اليمن إستقبالاً شعبياً و رسمياً كبيرا و خلال كلمته أمام الرئيس عرفات قال الرئيس صالح موجهاً كلامه لعرفات و الفلسطينيين عموماً : أننا على إستعداد أن نقتسم كسرة الخبز نصفين، فأنتم هنا في وطنكم و بين شعبكم .

و في خلال الإحتفال الشعبي الذي خرج لإستقبال القيادة الفلسطينية و بينما كان الرئيسان صالح و عرفات يقفان في المنصة و لكثرة التدافع الشعبي فقد وقع عرفات على الأرض ليسارع القاضي (عبدالله الشماحي) إليه قائلاً : لقد أبت الأرض اليمنية إلا أن تقبلّك . كما أن الرئيسين صالح و البيض قد حرصا على أن لا يتم التوقيع على إتفاقية الوحدة إلا في القاعة التي تحمل إسم (فلسطين) في مدينة عدن الباسلة و بحضور الرئيس عرفات نفسه و الذي بدوره قد وصف عملية إعادة تحقيق الوحدة اليمنية يومها (باللُحمة)، كما أعلن أن فلسطين هي الشطر الآخر لليمن الموحد .

بصراحةٍ شديدة و بغض النظر عمن يؤيده و يناصره أم لا، لم يدع الرئيس صالح طوال فترة حكمه محفلاً عربياً أو دولياً إلا و كان يؤكد فيه على موقف اليمن المبدئي و الثابت في مناصرة الشعب الفلسطيني في إستعادة حقوقه المشروعة و مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة مواجهة الصلف و الجرائم الإسرائيلية بكل حزمٍ و ثبات في نهاية سبتمبر من عام 2000 و بعد حادثة قتل الصهاينة للطفل الفلسطيني محمد الدرة، و في ظل صمتٍ عربيٍ رسميٍ مطبق، فأجأ صالح العالم على قناة أبوظبي بتصريحه الشهير التي قال فيه بلهجة متحدية و صارمة : ( ليت كان لي حدودٌ مع إسرائيل، لما تركت الصهاينة يتمادوا في جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني الأعزل … ) الأمر الذي جعل الرئيس عرفات يطلق عليه يومها لقب (فارس العرب) في الثلث الأخير من شهر مارس 2004 و عقب إغتيال إسرائيل للشهيد أحمد ياسين حضر الرئيس صالح بنفسه مظاهرةً عارمة إكتظ بها ميدان السبعين و خطب فيها مطالباً الحكام العرب بالتحرك العاجل لإنقاذ الشعب الفلسطيني و دعمه بالسلاح و المجاهدين .

في نفس العام و أثناء زيارته لواشنطن حضر حفل إستقبالٍ على شرفه و أثناء مصافحته للمدعوين لم يكن يعلم أن السفير الإسرائيلي قد كان من بين المدعوين إلا بعد أن صافحه ليقطع صالح على إثر ذلك إستقبال الضيوف و يعتلي منصة الحفل قائلاً : أن السلام لا يمكن أن يأتي بنصب الكمائن، و إنما بوقائع ملموسة على الأرض … و يغادر بعدها القاعة غاضباً .

إضافةً الى تلك المواقف الرسمية التي ذكرنا البعض منها آنفاً كان هنالك حراكاً شعبياً يمنياً داعماً للشعب الفلسطيني لا يتوقف سواءً من خلال خروج المظاهرات الشعبية العارمة و إقامة الفعاليات و المنتديات الإجتماعية و الثقافية و حملات جمع التبرعات و غيرها من الأنشطة الدائمة و المستمرة على مدار العام و التي تصب كلها في مصلحة دعم القضية الفلسطينية بالإضافة إلى ما كان يتم من عملية تجنيد المتطوعين من الشباب اليمني في مراحل الكفاح المسلح و الدفع بهم إلى القتال بجانب إخوانهم الفلسطينيين في الجناح العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية و ما العملية الفدائية التي قامت بها الشهيدة (دلال المغربي) إلا خير شاهدٍ على ذلك حيث كان الشهيد (أحمد اليمني) أحد خمسة مشاركين في تلك العملية، و لولا ما ترتب على إتفاقية (أسلو) من رغبةٍ و التزامٍ فلسطيني بوقف الكفاح المسلح، لما توقف تدفق المقاتلين اليمنيين إلى فلسطين .

و اليوم ورغم ما تمر به اليمن و تتعرض له من عدوانٍ غاشمٍ على يد من لم يقدموا لفلسطين سوى مبادرات الإستسلام و التآمر، إلا أن فلسطين و القدس لازالت هي الجرح الغائر و النازف بالنسبة لعموم الشعب اليمني و الذي يتأهب للخروج في يوم القدس الذي يصادف آخر جمعةٍ من كل رمضان للتعبير عن رفضه لبقاء القدس و فلسطين تحت نير الإحتلال الصهيوني و للتأكيد على موقفه الثابت و الدائم و الداعم لصمود الشعب الفلسطيني و لحقه في نيل إستقلاله و تقرير مصيره .

لتبقى فلسطين هي الأمل المنشود الذي لا يكاد يبارح كل يمني مهما أثقلت كاهله الهموم الأزمات حتى نصلي جميعاً إن شآءالله في رحاب المسجد الأقصى بعد أن ننصب رايات النصر و التحرير على تلال و سهول إيلياء …

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا