المشهد اليمني الأول/

تبجح ولي العهد السعودي خلال زيارته لمصر بأن “الحرب فى اليمن قاربت على النهاية بعد أن حققت أهدافها المتمثلة في إستعادة الشرعية، وإن التحالف الذي تقوده السعودية يقترب من إنهاء العمل في اليمن”، موضحا “لم يعد ضدنا في اليمن سوى فلول أنصار الله”- حسب وصفه؛ كما شن ولي العهد السعودي هجوما على إيران، واصفا إياها بـ”نمر من ورق”- وفق ما نقلته صحيفة الدستور المصرية في 4 مارس/آذىار الجاري.

قبل وصول محمد بن سلمان الولايات المتحدة الأمريكية بيومين كان وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي قد حط ولأيام ضيفاً على طهران بعد زيارة وزير الدفاع الأمريكي “جيم ماتيس” ناقش خلال زيارته الأولى للسلطنة القضايا الأمنية الحالية بما في ذلك الوضع في اليمن المجاور، داعياً السلطان قابوس للقيام مرة اخرى بدور الوسيط بين واشنطن وطهران لإنهاء الأزمة اليمنية بما يحفظ ماء وجه تحالف العدوان العربي – الغربي على الشعب اليمني الفقير، حيث التقى الوزير بن علوي وفور وصوله طهران بأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني الأدميرال علي شمخاني حاملاً معه رسالة سرية أمريكية – سعودية مهمة جداً تلتمس مساعدة الجانب الايراني للخروج من وحل مستنقع اليمن .

ولي العهد السعودي أشار خلال مقابلته مع قناة “سي بي إس” الأمريكية يوم الأثنين 19 مارس الجاري، إلى “أن الفكر الإيراني تسلل إلى أجزاء كبيرة من اليمن”.. أعتراف يحمل الكثير في طياته وتبرير لفشله في اليمن، ما يدلل على أن زيارة وزير الخارجية العماني لطهران لم تكن زيارة مكوكية حسب قول البعض بل كانت مهمة وساطة جديدة بين واشنطن والرياض من جهة وبين طهران من جهة اخرى لإنهاء الحرب على اليمن، والمعروف أن ايران تولي أهمية كبيرة لوساطة سلطنة عمان في الأزمات الدولية والاقليمية والاتفاق النووي الذي وقعته طهران والدول الكبرى كان لمسقط دور مهم فيه.

صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية نقلت عن مسؤول سعودي رفيع المستوى قريب جداً من نجل سلمان الطائش وقراراته، قوله: أن خسائر الحرب على اليمن التي طالت أكثر من ثلاث سنوات قد تجاوزت 120 مليار دولار، وهو ما تضررته محافظاتها الحدودية الجنوبية فقط جراء هجمات اليمنيين، إضافة الى أنها تسببت في خسائر مادية وتهديم للبنى التحتية اليمنية وقتل وجرح عشرات الآلاف من الأبرياء يشكل الأطفال والنساء قسم كبير منهم، فيما توفي عشرات آلاف آخرين (بينهم الكثير من الاطفال) جراء الحصار الظالم الذي يمنع وصول حتى أبسط المساعدات الإنسانية لليمن الذي يشهد الملايين من مواطنيه أسوأ حالات المجاعة والفقر وسط تفشي كبير للامراض المعدية – وفق تقارير المنظمات الدولية والأممية لحقوق الانسان .

قال بعضهم، أن ولي العهد السعودي يمثل ظاهرة جديدة في المملكة التي عاشت منذ تأسيسها على تخوم القرون الوسطى، أو في أروقة ألف ليلة وليلة، وأنه يحاول تفكيك الركام الإيديولوجي الذي طالما جرى توظيفه، كما الركام القبلي، لحماية بلاطه المستقبلي من أعاصير الحداثة؛ أننا سنكون شيئاً فشيئاً أمام سعودية أخرى، ولكن بديكتاتورية ضاحكة ومتجهمة نحو الدمار والزوال في آن واحد.. فيا سمو الأمير الأرعن، لا مجال للغطرسة، وبلادنا ضائعة بين ليل الحرائق، وليل الأزمنة، وقمع المواطن وقتل الجار وخيانة الأخوة وذبح أبناء العمومة.. وبضع صواريخ من أولئك البؤساء (اليمنيين) تلك التي قلتم عنها وقالها عضيدكم نتنياهو، إنها “بضاعة ايرانية”، أثارت كل ذلك الهلع والفزع والخوف عندما أستهدف أحدها قصر اليمامة في الرياض، ليبرهن أن السعودية شأنها شأن الكيان الاسرائيلي الحليف “نمر من ورق” يا نمر آل سعود.

صحيفة “التايمز” البريطانية نقلت عن تقرير سري لوكالة المخابرات الأميركية.. أن الحرب الضروس التي تقودها السعودية وتحالفها منذ أكثر من ثلاث سنوات على اليمن (25 مارس 2015) قد كبدت الرياض خسائر ضخمة وكبيرة تجاوزت التريليون و500 مليار دولار، الى جانب تصاعد الإدانات الدولية لما تقوم به المملكة من جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الشعب اليمني الأعزل.. ثم أن خروجها من المستنقع اليمني سيكلفها المزيد المزيد من أموال النفط التي تذهب سدى باتفاقيات الأسلحة التي يوقعها ولي العهد السعودي مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا لكسب ودّ ودعم الدول الكبرى وربما إنقاذه من ورطته هذه التي ربما ستذهب بإحلامه الوردية بإعتلاء العرش في مهب الريح قريباً.

“مايكل هورتون” كبير محللي الشؤون العربية في مؤسسة “غيمستون” والمحلل البارز في صحف “ذا ناشيونال إنترست” و”الإيكونومست”، ومراقبين آخرين للشأن السعودي أكدوا أن “المسؤولين السعودين أمام حقيقة مرة وطريق صعب جداً، وسيدمرون أنفسهم قبل أن يدمروا اليمن لأنهم لم يدركوا حقيقة أن اليمن عصي على الاحتلال والعدوان فقد تصدى للرومان في عام 25 قبل الميلاد، وكذا الاحتلال البرتغالي البريطاني، كما لم يفلح معه المصريون في الستينات، وها هي السعودية والإمارات تحاولان كسر القاعدة التي أستمرت منذ قرون طويلة جداً”.

“هورتون” كتب أيضاً في تحليل نشرته مجلة “ذا أمريكان كونسرفيتف” الأمريكية، إن السعوديين على أعتاب إكتشاف أنهم أمام “الطريق الوعر والخطير”، ألا وأن “اليمن مقبرة للإمبراطوريات”. مشيراً الى أن ولي العهد السعودي كان قد تفاخر في بداية حربه على اليمن، بأن الحرب ستستغرق أسابيع أو ربما بضعة أشهر، بهدف إظهار القوة العسكرية للممملكة ضد الحوثيين، لكن هذه الحرب المدمرة لم تكن مجرد أحتفال للأمير الشاب الطائش”.

البعض الآخر وصف ولي العهد السعودي بأنه ساذج متوهم لايتفوه إلا بكلام مرّ كذب، لايعرف من السياسة والكياسة سوى إطلاق ألفاظ في غير محلها بعيدة عن الحكمة ولا تستحق الرد، لانها نابعة من فهم مدفوع بعصبية قبلية مجحفة تذكرهم بجاهلية البدو وتعيد للاذهان تحدياتهم الخاوية.

دراسة إسرائيلية تحت عنوان “السياسة الخارجية السعودية.. مطلوب تغيير إتجاه” أعدها “معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي” التابع لجامعة تل أبيب، أشارت إلى “خسارة” السعودية في اليمن، مقابل “انتصار” إيران وحلفائها في المنطقة، مؤكدة إن المكانة الإقليمية للسعودية تضررت بشدة بعد إمساك ولي العهد الشاب محمد بن سلمان بمقاليد الأمور في المملكة، و”مغامراته” في الداخل والخارج حولت السعودية إلى “نمر من ورق” حيث خسرت النزال أمام ايران في كل من لبنان وسوريا والعراق وحتى البحرين، واليوم متورطة في مأزق اليمن تبحث عن مخرج لاتجده سوى عبر طهران.. حتى أنها خسرت الحليف القوي في سياستها الإقليمية ألا وهي قطر والتي أرتمت هي الاخرى في الأحضان الايرانية ايضا

شركة «آي إتش إس» للأبحاث والتحليلات الاقتصادية، قالت في آخر تقرير لها، إن مشتريات السعودية من السلاح قفزت بمعدل كبير؛ لتصبح المملكة المستورد الأول للسلاح على وجه الأرض.. لكن ما يدور على أرض الواقع يؤكد أن ذلك كله لن يجديها نفعاً في كسب الحرب على اليمن.

*حسن العمري

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا