المشهد اليمني الأول| متابعات

كشفت صحيفة “تايمز”، عن دور سري تقوم به قوات بريطانية خاصة داخل الاراضي السورية لدعم ما یسمی ب”جيش سوريا الجديد” المنشق عن الجيش السوري والذي أعيد تشكيله في الاردن تحت إشراف البريطانيين، حيث يضم فصائل سورية معارضة متعددة كانت منضوية تحت مايسمى بالجيش الحر، وقوامها نحو 1000 عنصر، وتضع المنطقة الشرقية والجنوبية في سورية أولوية لها، وهدفها الرئيسي قطع إمداد داعش بين سورية والعراق.

ويأتي ذلك وسط جدل في شأن وجود قوات بريطانية خاصة في ليبيا أيضاً، لمساعدة فصائل مسلحة على التصدي لـ داعش.

يبدو أن البريطانيين عادوا لاساليبهم الخبيثة في المنطقة، فمنذ دعمهم لتأسيس جماعة الاخوان المسلمين، وإبراز دورهم في المنطقة، لم يتدخلوا بهذا الشكل السافر في شؤون بلد عربي، ولكن هذه العودة خير دليل على أن لندن ستستغل الملفات الساخنة في المنطقة خدمة لمصالحها، وعلى وجه الخصوص الملف السوري المشتعل. وذلك بعد دور أمريكا بتشكيل “جيش سوريا الديموقراطية”، ودعم روسيا لقوات “صقور الصحراء”.

ولم تقتصر مهام القوات الخاصة البريطانية حسب ماذكرته صحیفة التايمز، على التدريب وإنما شاركت بشكل مباشر في جبهات القتال ضد داعش، وهو مايثبت التدخل المباشر في شؤون الدولة السورية.

إن دعم بريطانيا لجيش سوريا الجديد عن طريق إرسالها لفرقة خاصة، خير دليل على نيّة لندن في العودة الى المنطقة عن طريق الاخوان المسلمين، على الرغم من أن سياستها في الوقت الحاضر تعارض حضور مباشر للإخوان المسلمين في أي بلد، ولكن يبدو أنها ستسمح بحضورهم تحت إشرافها في سورية.

وقد عبرت قوات بريطانية متمركزة في الأردن إلى داخل الحدود السورية باستمرار، لمساعدة “جيش سورية الجديد” في الدفاع عن معبر التنف في أقصى ريف حمص الشرقي.

و تمكن مسلحي جيش سوريا الجديد بدعم بريطانيا من تحرير معبر التنف قرب الحدود السورية مع العراق والأردن من سيطرة داعش في آذار (مارس) الماضي. وشن “داعش” بعدها هجوماً بعربة مفخخة ضد “جيش سوريا الجديد” في التنف ما أدى إلى مقتل 11 من عناصر هذا الفصيل وجرح 17 نقلتهم مروحيات أمريكية للعلاج في الأردن.

وكشفت التقارير الاعلامية عن دعم هيلوكبترات بريطانية لجيش سوريا الجديد في السيطرة على مدينة البوكمال الواقعة شرق محافظة دير الزور، وهو الأمر الذي أكد استكلاب بريطانيا للحصول على حصتها من النفط السوري.

وقد رفضت وزارة الدفاع البريطانية التعليق على المعلومات بشأن نشاطات قواتها الخاصة، سواء في سورية أو ليبيا.

وقالت النائب عن حزب العمال في مجلس العموم “ياسمين قريشي”، أنها سعيدة بإثارة هذا الموضوع عن القوات الخاصة البريطانية في سورية، مذكّرة بمقالة نشرتها قبل أيام في مجلة “نيوستيتمان” انتقدت فيها رفض الحكومة البريطانية توضيح مسألة نشر قوات خاصة للقيام بمهمات خارج أراضي المملكة المتحدة، وتحديداً في ليبيا.

على مايبدو أنه تم تشديد الرقابة الدولية على المشهد السوري، فحضور القوات الفرنسية والألمانية في منطقة “تلة النور” في جنوب مدينة عين العرب في شمال سورية، وموافقة البرلمان النرويجي على إرسال قوات برية الى سورية، برهان على أن الائتلاف الامريكي بدأ بتنفيذ مشروع تقسيم سوريا.

إن المسألة الملفتة أن الدولة البريطانية والدول الأخرى الداعمة للمعارضة المسلحة في الداخل السوري، لم تسطع ترويض هذه الجماعات المسلحة، حيث اتهمت عدة مرات كل من بريطانيا ودول الائتلاف الامريكي جيش سوريا الجديد وقوات سوريا الديموقراطية بتقديم مساعدة غير مباشرة للدولة السورية بسبب محاربتهم لتنظيم داعش عوضا عنها، مؤكدين أن حرب المعارضة المسلحة ضد داعش لن تكون إلا لصالح دمشق.

ولابد لي من ذکر حقيقة و هي، كيف يمكن لمعارضة مسلحة متواجدة في الميدان السوري، تتلقى أوامرها من أمريكا، أن تتعرض لمهب رياح النقد بسبب محاربتها تنظيم داعش الارهابي، مع العلم أن أمريكا تصرّح على الدوام بأن تنظيم داعش لابد من القضاء عليه، وتدعو لحشد قوات حلفائها بوجه التنظيم، فكم من وجه خبيث ترتديه أمريكا أمامنا.

يبدو أن المعارضين من أمثال “جيش سوريا الجديد” و “قوات سوريا الديموقراطية” بسبب عدم تأييدهم لمخططات الرياض، سوف يستبعدون من مباحثات جنيف السورية القادمة، وذلك لأمر واضح، وهو خوف الرياض التي تدعم جماعات إرهابية كجيش الاسلام وحركة أحرار الشام، من فرض دخول الاكراد والمعارضة السورية على مجموعاتها السلفية في سورية، وبذلك لن تتمكن من حصار كل من نبل والزهراء في ريف حلب في حال تم الإتحاد المشؤوم بين هذه التنظيمات.

يمكن القول أن السبب وراء الانتقادات اللاذعة التي يوجهها آل سعود لجيش سوريا الجديد، هو خوفهم من سقوط مصالحهم في المنطقة، المتمثلة في الحفاظ على آبار النفط بأيدي تنظيم داعش الارهابي، وتحسبا من وقوع المناطق الاستراتيجية والغنية بالنفط تحت سيطرة المعارضة السورية المدعومة من الرياض نفسها أيضا.

كما يوجد سبب آخر خلف كل هذه الشيزوفرينيا الوهابية، وهو قلقهم أنه في حال سيطرت المعارضة المسلحة الموالية للدعم البريطايني على المناطق الغنية في النفط، من الممكن ان تتخلى عن السعودیة في سبيل البقاء تحت ظل بریطانیا، وهو الأمر الذي يدفع آل سعود الى الوقوف بوجه أي بادرة لحل الصراع الدموي في سورية.

إن وصمة العار لن تزول عن نظام آل سعود في حال أدرك العرب حقيقتهم الشيطانية، فقد كشف الجيش العراقي خلال حملته العسكرية على تنظيم داعش، عن معدات للتجسس والمخابرات العسكرية صنعت في اسرائيل، نعم هذه هي حقيقة آل سعود، لقد اشتروا معدات صهيونية من أجل دعم الدواعش في نفث سمومهم، كما بانت أكاذيبهم بشأن دعم القضية الفلسطينية.

والآن بات واضحا للجميع الخيانة السعودية للعرب، من خلال احتمائها في ظل الكيان الصهيوني،ويعتبر التحالف السري القائم بين آل سعود وتل أبيب يعد بمثابة قارب نجاة للوهابيين من الغرق في مستنقع الجرائم التي ارتكبوها بحق كل من الشعبين اليمني والسوري.

إن المواقف والسياسات الدولية بشأن الملف السوري، أظهرت جدية الرقابة الامريكية من أجل السيطرة على المناطق الغنية بالنفط في سورية، والحفاظ على الارهاب مستعرا داخل أراضيها.

وفقا لما ذكرته يمكن القول بأن تل أبيب ترى في بريطانيا بعد دعمها لجيش سوريا الجديد، تهديدا خطيرا لمصالحها، بالإضافة الى التهديد الذي وجدته حليفها الأقوى أمريكا من خلال دعمها لقوات سوريا الديموقراطية التي تحارب داعش في الشمال.

یمیل الکیان الإسرائیلي الى دعم تنظيم داعش والمجموعات الارهابية الاخرى حتى يبقى الملف السوري مقيدا في شراك التعقيد والفوضى، وذلك من خلال تحريضها للجماعات المسلحة في سورية على مواجهة بعضها البعض من جهة، وعلى مواجهة الجيش السوري من جهة أخرى، وبذلك یقترب من تحقيق هدفه المنشود بقيام أمن الكيان الاسرائیلي من خلال إبقاء الملف السوري داخل دائرة الارهاب الأبدية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا