المشهد اليمني الأول/

يدخل العدوان السعودي على اليمن عامه الرابع، في حين تقف القوى والتيارات والشخصيات التي راهنت على العدوان لتحقيق الانفصال، حائرة وهي تحصي خسارتها وضياع السراب المسمّى حلماً، القائم في الأساس على الاعتماد على قوى العدوان والاحتلال لتحقيق الإنفاصل تحت راية «الاستقلال».

لم يجد تحالف العدوان أرضاً خصبة يزرع فيها مشروعه التوسعي داخل اليمن ابتداءً من صنعاء، والشمال بشكل عام، فوجد في الجنوب قوى وتيارات مستعدة، تحت ضغط تحقيق «الحلم» لتحويل مناطقها ومدنها إلى بيئة حاضنة للتحالف السعودي الإماراتي، الذي عمد الى استغلال «القضية الجنوبية» وتوظيفها واللعب بورقة المذهبية والطائفية وحشد كل القوى المتطرفة وموّلها، ونجح في تكريس فراق نفسي وعملي بين شمال وجنوب، يؤمّن له أسباب التمكّن والبقاء والسيطرة.

هذا الواقع، يقرأه جيداً أكثر من طرف جنوبي فاعل. وقالت مصادر جنوبية، إن السعودية والإمارات «غيّبتا القضية الجنوبية كقضية سياسية تؤمن بها شريحة واسعة من أبناء المحافظات الجنوبية، وعمدتا إلى السيطرة على المناطق الحيوية بالجنوب، والهيمنة على ثرواتها بشكل ممنهج».

وأضافت المصادر أن السعودية والإمارات «عملتا بشكل مدروس على الزج بالآلاف من الشباب الجنوبي كوقود للحرب، وضاعفت من معاناة أبناء الجنوب بطرد مئات الآلاف من المغتربين الجنوبيين في السعودية، ما وضع البيئة الجنوبية تحت ضغط اقتصادي واجتماعي معرّض للانفجار في أي لحظة».

تجد المصادر صعودبة بالغة في ذكر أي إيجابية قدّمتها السعودية والإمارات لـ«القضية الجنوبية» منذ سيطرتهما على جنوب اليمن وقراره وإرادة شعبه. وتقول إن الدولتين المذكورتين «حوّلتا الجنوب إلى ساحة تتصارع فيها المشاريع السياسية والايدلوجية المختلفة تنخرط فيها قوى اليمنية وإقليمية ودولية عديدة، تستخدم القضية الجنوبية ورقة ابتزاز وضغط».

في هذه الأجواء، تبدو «شرعية هادي» التي تتمسّك بها السعودية، غائبة تماماً عن المشهد، في ظل الصراعات والاستقالات التي تشهدها، بفعل التناقض السعودي – الإماراتي الواضح، وبالتالي تصارع أتباع الطرفين في ما بينهم.

لكن الأكثر تأثيراً بالنسبة لقوى العدوان هو خروج أصوات من داخل الجنوب، وتحديداً من قلب حكومة هادي المقيمة في الرياض، تندّد بـ«التحالف» ودوره في تخريب اليمن انطلاقاً من الساحة الجنوبية. هذا ما فعله وزير الدولة في حكومة هادي، صلاح الصيادي، الذي حمّل، في بيان استقالته «التحالف مسؤولية الخراب والفوضى التي حلت في اليمن منذ تدخله عسكرياً»، وأقرّ بـ«سلب القرار السياسي الوطني والسيادي».

استقالة الصيادي سبقتها بساعات استقالة عبدالعزيز جباري، من منصبه نائباً لرئيس الوزراء وزير الخدمة، وتصريحه لإحدى القنوات الفضائية بأن «التحالف يقوّض الدولة وينهي تواجدها»، مؤكداً «امتهان كرامة هادي ووزراء حكومته من قبل الرياض وأبوظبي».

هذه الإستقالات أشّرت إلى توتّر العلاقة البينية التي تجمع حكومة هادي بمشغّلها السعودي من جهة، وعلاقة المشغّل السعودي بحليفه الإماراتي من جهة ثانية، وضياع ما يسميى «القضية الجنوبية» في داهليز صراع الأجنحة والمصالح بين قوى العدوان وأزلامه في الجنوب.

تقول المصادر الجنوبية، إن السعودية والإمارات استخدمتا «القضية الجنوبية كشمّاعة علّقتا عليها كل توجههما التحريضي والتعبوي في الجنوب، في حين وجدت الدولتان آذاناً صاغية لدى الكثير من القوى والأطراف، التي استجابت لخطاب العدوان تحت مبررات عدة منها «دغدغة الحلم للمشاعر الوطنية، او طمعاً في المكاسب والمطامع، أو خوفاً من المصير المجهول».

وعلى عتبة العام الرابع من العدوان على اليمن، بجنوبه وشماله، تؤكد المصادر الجنوبية أن «المحافظات اليمنية في الجنوب لم تحقق أي أهداف تُذكر من الاحتلال السعودي – الإمارتي، فيما لم تحصد القوى الجنوبية سوى تحوّلها إلى رهينة للرياض وأبوظبي، على وقع خطابات رنّانة تتغنّى بالوطنية».

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا