المشهد اليمني الأول/

ينطوي استشهاد الرئيس صالح الصماد على مجموعة من الدلالات العملية والرمزية التي تشكل منعطفا هاما في مسيرة المواجهة مع تحالف العدوان السعودي الأميركي الاماراتي.

فبعد اكثر من ثلاث سنوات من المطاردة والملاحقة تمكن العدوان من اغتياله بعيد انتهائه من لقاء مكشوف ومعلن عقده مع السلطات المحلية في محافظة الحديدة التي زارها في سياق تحشيد المواطنين للتصدي لعملية عسكرية محتملة ضد هذه المنطقة الساحلية الهامة يقوم العدوان بالتحضير لها بدعم وغطاء اميركيين واضحين، وبرزت احدى مؤشراتها في تهرب نائب وزير الخارجية الأميركية دايفيد ساترفيلد من أسئلة عدة وجهها له أعضاء في الكونغرس الأميركي بشأن الحديدة اثناء استجوابه حول قضايا عدة بينها الحرب على اليمن.

كما ان تأخير المبعوث الدولي الجديد الي اليمن البريطاني مارتن غريفيث اطلاق مسار تفاوضي جديد بشأن القضية اليمنية لمدة شهرين حسبما اعلن في احاطته امام مجلس الامن الدولي فسر على انه إعطاء وقت طويل للعدوان لحسم معركة الساحل الغربي لليمن. وعليه رصدت القيادة اليمنية مجموعة من المعطيات والمؤشرات الإضافية حول اقتراب موعد معركة الحديدة، ونظرا لأهميتها بالنسبة الى اليمنيين ذهب الصماد شخصيا الى هذه المحافظة وجال فيها والتقى من يجب ان يلتقيه لحث اليمنيين على الدفاع عن آخر منفذ بحري تحت سيطرة الشرعية الحقيقية.

ولعل اخفاق العدوان في الوصول الى الصماد طيلة السنوات الماضية ووضعه في مرتبة المطلوب الثاني وتخصيص جائزة 20 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات حوله، هذا الإخفاق رغم حركة الصماد اليومية المكشوفة بين صنعاء ومختلف المحافظات والجبهات التي كان يجول عليها في وضح النهار دليل على شجاعة الرجل وبذله من ناحية، وعلى اخفاق استخباري من ناحية ثانية، الى ان بلغ الامر حد رفع درجة المخاطرة بحياته بحجم الخطر الذي يتهدد الحديدة.

ومن سياق العملية والصور الجوية التي بثها يتضح ان هناك عملية مشتركة سعودية أميركية كانت وراء استهداف سيارات غير معلوم من يستقلها، بدليل ان العدوان لم يصدر أي إشارة تفيد انه استهدف موكبا قيادياً.

الإخفاق الآخر تمكن في عدم معرفة تحالف العدوان طبيعة الهدف الذي اغار عليه رغم مضي أربعة أيام قبل اعلان المجلس السياسي الأعلى في اليمن نبأ استشهاد الصماد.

وهذا يدل على نمط القتل الاعمى الذي يمارسه العدوان والذي أوقع الاف الضحايا من المدنيين اليمنيين عن سابق تصور وتصميم. كما ان تمكن قيادة انصار الله من التكتم على خبر استشهاد احد كبار قيادييها يعكس متانة أمنية قوية جدا سمحت لهم بالتعاون مع شركائهم بإنجاز عملية ترتيب انتقال سلسة لقيادة المجلس الأعلى برئاسة مهدي المشاط لمنع أي شغور في هذه المؤسسة التي تتولى إدارة شؤون اليمنيين.

ومع الاستعداد لتشييع الشهيد الكبير فان التفاعل الشعبي مع هذه الشهادة العالية المرتبة سيكون لها اثر إيجابي على مستويات عدة، خصوصا رفد الجبهات بمزيد من المجاهدين مع مزيد من التماسك الداخلي، حيث ان التجربة التي يقدمها انصار الله في تصدر قياداته لعملية المواجهة وانخراطهم مباشرة مع المواطنين بعيدا” عن أي حواجز واعتبارات امنية، وتقديم العديد من القادة الشهداء، سيكون عاملا قويا في زيادة الالتفاف الشعبي حول انصار الله واحتضانهم باعتبارهم القوة الحقيقية التي يمكن الرهان عليها في المضي قدما نحو استعادة الدولة اليمنية من براثن التبعية الخارجية والفساد الداخلي.

واذا كانت المدرسة الإسرائيلية قد أخفقت في تطبيق نظرية استهداف القادة كعامل لاضعاف خصومها وتشظيتهم وارباكهم حيث أتت تجاربها معاكسة لما تتوقعه من اغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية واللبنانية في مراحل متعددة من الصراع العربي الصهيوني، فان المدرسة السعودية ستجني خيبة أمل مماثلة، وسيكون لشهادة قيادات جهادية كبيرة مثل الرئيس صالح الصمود صفة التحول النوعي في مسار المواجهة من خلال حسم الكثيرين من المترددين خياراتهم ضد العدوان والتخلي عن الحياد، وستزداد الجبهة المقاتلة تماسكاً واستعداداً للمزيد من البذل والتضحية طالما ان من يقودهم في هذه المعركة المقدسة يقدمون انفسهم في سبيل الله والوطن ولا يبخلون بشيء لإنقاذ أهلهم من هذا العدوان المتمادي بوحشيته.

اذا هي مرحلة جديدة من التصدي للعدوان سيضخ فيها دم الصماد حافزية ومعنويات وعاطفة كبيرين سيكون لهم الأثر الكبير في تقريب موعد النصر الذي بات معقودا لليمنيين بعد اكثر من ثلاث سنوات من الفشل والاخفاق في تحقيق الأهداف المعلنة لتحالف عدوان يضم اقوى دولة عسكرية في العالم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم: عبدالحسين شبيب

https://youtu.be/5NrIWZEqPNk

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا