المشهد اليمني الأول/
في مصر عندما كنت اقصد محل الخضروات واطلب من صاحب المحل “كبزرة” كان يرد علي انه ﻻيوجد المطلوب لديه، فاشير باصبعي إلى المطلوب فيرد علي بقوله هذه “كزبرة “.. مع ان الفرق بين تسميتي وتسميته هو اني اقدم حرف ال”ب” على حرف ال”ز” وهكذا بالنسبه لكثير من المسميات اي فرق في التسميه حتى لوكان الفرق في مخارج الحرف ولهذا كنا نقول عليهم بانهم مصابون ببﻻده لغوية والمناسبة في ذكر هذا ان البعض منا يعاني من بﻻده سياسية فهو يصدق كل مايسمعه وخصوصا عندما يأتي الخبر من مؤسسة اعﻻميه كبيرة غير مدرك ان السياسة هي بمثابة فن الكذب واننا لكي نصل الى الحقيقة ان نقرأ ماوراء الخبر والموضوع الذي سنتكلم عنه هو تحديد حرب من تكون هذه الحرب ولخدمة من؟!!
فبينما كان العدو السعودي واﻻماراتي يبررا حربهما على اليمن انه لدواعي حماية اﻻمن الوطني واﻻقليمي من التهديدات اﻻيرانيه عبر تحالف هذه اﻻخيره ودعمها لجماعة انصار الله ط – حسب زعمهم – باﻻضافه الى حجة اﻻنقﻻب وعودة الشرعيه، ولكن في ضوء المسارات التي اخذتها الحرب وكشفها لكثير من الحقائق التي تستبعد تماما صحة تلك المزاعم.
اتجه بسطاء التفكير من المواطنين الى اعطاء الحرب تفسيرات اخرى منها انها جاءت نتيجة حقد دفين عند هذه الدويﻻت على اليمن لتفوقه عليها باتصاله بتاريخ عريق وبالقيم العربيه اﻻصيله ولما يتمتع به اليمنيون من عزة وكرامه ومكنات ذهنية واقتصادية تتيح له امكانية النهوض والتحرر من ربقة التبعية، ونتيجة ﻻطماع اقتصادية مع احساس بشعور العظمة جعلهما يعتقدان أن بمقدورهما صناعة امبراطورية على اراضي اليمن من خﻻل استعراضهما لقفزات بهلوانية خادعة.
والحقيقه أن الأسباب الأكثر وضوحا هي أن هاتين الدولتين ينوبان عن امريكا واسرائيل في خوض هذه الحرب فهي حرب من اجل اسرائيل ولحماية المصالح اﻻمريكيه من الصحوة التي تفجرت عند كثير من الشرفاء في المنطقه وبروز قيادات قادرة على تحريك الشعوب ضد هيمنة قوى الطغيان والجبروت امريكا واسرائيل..
وليس من المستغرب ان تخوض هذه الدويﻻت الحرب بدﻻ عنهما ﻻن قوى الطغيان تلك يتعامﻻن معهما كوﻻيات تابعه لهما فهما صنيعتهما ويتوﻻن حمايتها وقد اقتضت مصلحتهما ان تبدو الحروب التي يشعﻻنها في المنطقه حروبا عربيه عربيه وان تحمل هذه الدويﻻت عنها التبعات اﻻقتصاديه والبشريه و اﻻخﻻقيه والقانونيه والسياسيه للحرب كما فعلت في سوريا والعراق وليبيا وخصوصا ان امريكا تعرف مخاطر دخولها المباشر في حرب مع اليمنيين المتشوقين لمواجهتا.
واﻵن تعالوا نعرض لعدد من الشواهد المؤكدة لما ذهبنا إليه :
-من ذلك اعﻻن الحرب من واشنطن بالتزامن مع التحرك اﻻسرائيلي واﻻمريكي النشطين بخصوص تصفية القضيه الفلسطينيه وتسخين جبهة المواجهة مع ايران.
– استمرار تصدير اﻻسلحه بكل انواعها بما فيها اﻻسلحه المحرمه دوليا ودون اية شروط في تحدي صارخ لكل النداءات التي تطلقها اﻻصوات الحرة والمنظمات اﻻنسانيه والحقوقيه في العالم، و لقد تعلمنا حسب اﻻحداث المتعاقبه في العالم ان مثل هذا الصلف ﻻيحدث اﻻ عندما تكون الحرب هي حرب من اجل المصالح اﻻسرائيليه اواﻻمريكيه .
– ومن مظاهر كون الحرب هي حرب اسرائيل فضاعة ماترتكبه هذه اﻻدوات من جرائم غير مسبوقه وبدون ادنى خوف او وجل من التبعات القانونيه بل ومع ثقه كبيره ان جميع المنظمات اﻻمميه بما فيها مجلسي حقوق اﻻنسان واﻻمن لن تحرك ساكنا بل هي من ستتولى الشرعنه والتغطيه لهذه اﻻنتهاكات ومثل هذا ايضا ﻻيحدث بهذه الصورة اﻻعندما تتواجد السطوه والنفوذ اﻻمريكيين واﻻسرائيليين وهما في العاده ﻻيتواجدان اﻻلخدمة قضاياهما اﻻستراتيجية.
-والمتابع لطبيعة تلك الجرائم المرتكبه في حق الشعب اليمن سيجد انها تستهدف كل مقومات الحياة وتهدف الى كسر ارادتنا وامتهان كرامتنا مما ينذر على – فرض نجاحهم – بكارثه انسانيه وانفجارسكاني كبير ستكون هذه الدويﻻت هي اول من يلحقها اثاره المدمره بفعل الجوار اي انه سيكون له اثار كارثيه على امن واستقرار هذه الدويﻻت وبالتالي لن يحقق عند حصوله سوى اهداف وتطلعات العدو الصهيوني وهذا دليل اضافي ان هذه الحرب ﻻيمكن ان تكون اﻻ حرب اسرائيل وامريكا .
-واذا مدينا بصرنا الى ابعد من ذلك فاننا سنجد ماهو اكثر دﻻله على مانسعى الى اثباته بان هذه الحرب هي حرب اسرائيل وليست حرب السعوديه واﻻمارات وذلك في ضوء الممارسات التى تقوم بها هذه الدويﻻت في المناطق الجنوبية وفي الساحل الغربي كقيامها بالسيطرة على مضيق باب المندب وميناء المخا وعمل قاعده عسكريه في جزيرة ميون واحتﻻلها السافر لجزيرة سقطرى رغم بعدها عن مواقع المواجهة باكثرمن الف كيلومتر الى غير ذلك من التصرفات التي تقوم بها اﻻمارات في حضرموت والمكﻻ والمهرة انها جميعها ﻻتشير الا الى اهداف اسرائيل ومصالحها في البحر اﻻحمر والعربي وخصوصا اذا ماتم الربط بين ماتقوم به اﻻمارات واعﻻن اسرائيل حفر قناة بن “جريون” التي لن يكون لها اية قيمه اﻻمع تامين الممرات البحرية في البحراﻻحمر، وكذلك الربط ببن مايقوم به النظام السعودي وبين التحوﻻت الجذريه في ايدلوجيته السياسيه والفكريه والثقافيه وتبديل هويته نحو العولمه “اﻻمركة” وكذلك التحول في مواقفه من القضيه الفلسطينيه وماطرا من تطورات في العﻻقات السعودية اﻻسرائيلية.
-ومن ناحية ثانية رأينا ان من يشرف على غرفة عمليات الحرب ويمثل المصدر الوحيد للمعلومات والتعليمات المتعلقه بكل شئون الحرب هي امريكا وبريطانيا كما ان مشاركتهم اللوجستيه في الحرب غير خافيه على احد وقدسمعنا تصريحات البنتاجون بالمشاركه الفعليه لبﻻده بجنود ومستشارين عسكريين اسماهم باصحاب القبعات الأخضر.
وراينا كيف ان اعﻻم امريكا واعﻻم اكثرية دول العالم اﻻربية والعربية يعمل بتناغم مخيف في تظليل الراي العام العالمي وقد تجاوز كل المحددات المسموح بها في ممارسة الكذب والخداع اﻻعﻻمي وتجاوز كل القواعدالمهنيه والتي تجازي من يتنكر لها بعقوبات قاسية كأن تفقد المؤسسة اﻻعﻻمية مقومات وجودها بخسارتها للمصداقيه فيما تقوله اوتقوم بنشره، ومن المعتاد حسب المعطيات التاريخيه ان اﻻعﻻم ﻻيلجأ الى هذا اﻻسلوب المبالغ فيه من الكذب اﻻعندما يكون خاضعا لسطوة امريكا واسرائيل وان يكون اﻻمر متعلقا بمصالحهما اﻻستراتيجيه وهذا ماتابعناه في حرب العراق ويوغسﻻفيا وبشان شيطنة طالبان وحزب الله وايران وسوريا والسودان قبل ان تعود هذه اﻻخيره الى بيت الطاعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: الدكتور إسماعيل المحاقري