المشهد اليمني الأول/

هل تعرف أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الملياردير ترامب يمتلك مزرعة كبيرة جدا تصل مساحتها إلى حوالي 2.200.000 كم مربع (إثنان مليون ومائتي مليون كم مربع) يعمل فيها حوالي60مليون عامل وعاملة كثير منهم عبيد والبقية مستأجرين ؟؟؟

قد تكون المعلومة هذه صادمة للكثير وقد يشكك فيها الاغلب ولكن هذه هي الحقيقة وهذا ما يمتلكه ، فهو يمتلك هذه المزرعة والتي ايضا للعلم لا يزرع فيها شيئا عوضا عن ان العاملين فيها يعملون في قطاعات متعددة بأجر شهري زهيد مقارنة بما تنتجه هذه المزرعة من ثروات طائلة كونها أرض ثرية تحتوي ثروات هائلة جدا ، فهذه المزرعة تقع في وسط العالم وبالتحديد ما بين جنوب سوريا والعراق وشمال اليمن وعمان ويحيطها من الشرق الخليج العربي ومن الغرب البحر الأحمر .

أكيد تعرفتم الآن على موقعها ولكن مازال يتحكم تفاعلكم مع الموضوع كثير من الدهشة والإستغراب عن تفسير الأمر ، فهذه المنطقة تقطنها دول متعددة ولكل دولة أمير أو ملك وهي مستقلة بذاتها ولديها حكومات وشعوبها ليسوا عمال وعبيد ومستأجرين كالسعودية والإمارات والبحرين !!

نعم قد تصدق هذه الأطروحات عندما يكون التوصيف قشري أي خارجي ولكن الأمر يصبح عكس ذلك تماما عندما يتم التحقق من حقيقة الأمر والتعمق أكثر في واقع هذه البقعة الجغرافية الثرية ، فهذه الأرض بمساحتها الشاسعة تحتوي عشرات الملايين من البشر يكدون يوميا يشتغلون ويعملون ليل نهار تحت حرارة الشمس الصحراوية الحارقة التي تشتهر بها تلك المنطقة فتجتمع أموال الأرض في بنوك تلك المزرعة والتي معظمها تأتي مما تخرج الأرض من نفطها وغازها ومعادنها ، وفي نهاية الأسبوع يأتي الإقطاعي ترامب يأخذ هذه الأموال جميعا إلى بلاده أمريكا مع محاصصة بسيطة لبعض الدول والمنظمات الدولية التي يعملون معه كموظفين سواء مرافقين (بودي قارد) كبريطانيا وفرنسا أو كمحاميين (كالأمم المتحدة وهيئاتها) ، ويبقى العاملون القاطنون في تلك المزرعة ينتظرون ما يتجمع لهم من أموال ما يسمى كفالة المستأجرين أو مال ينفقها من يسافر للعمرة والحج او من ضرائب وجمارك ومخالفات مرورية ومما تخرجه بحارها لتأخذه في يوم واحد في الشهر فتواصل مسلسل العمل الجاد بقية ايام الشهر لأجل ملء خزانة صاحبة المزرعة الأمريكي كعبيد لا يجرؤ أحد منهم ان ينبت ببنت كلمة واحدة يعترض على تحويل أرضهم إلى أقطاعية خاصة بأمريكا وتحويل حريتهم إلى عبيد ومستأجرين يعملون لأجل رفاهية أمريكا لأن القائمين على إدارة عملهم يستخدمون سياطا مؤلمة تضرب على جلودهم كلما تهاون وتقاعس عن العمل أما إذا فكر أحدهم الأعتراض فإن نزع روحه بفتاوى القسيسين والاحبار جاهزة منذ عقود من الزمن لا ينقص تنفيذ القتل إلا كتابة أسم المدان في الحكم.

أتحدى أي انسان يصف هذه المقالة وهذا التشخيص بالخطأ وبسوء التوصيف والتقدير فالعرف المتعارف عليه ان مالك الشيء هو من يمتلك ثرواتها وأرباحها سواء كان يعيش في الشيء هذا أو يديره عبر البحار خاصة في ظل العولمة والتي جعلت قدرة إدارة مشاريع تجارية عبر التكنلوجيا وعن بعد وايضا جاءت فكرة الاستعمار بنفس الطريقة بعد أن كان كلاسيكيا عبر الجيوش والحاكم المقيم وغيرها من أمور عفى عليها الزمن ، يحق لمالك الأرض او الشركة أن يغير مديرها من اراد ومتى يريد ويغير نظامها وشكلها وفي يديه رزق العاملين عنده وهذه الأمور جميعا تنطبق جملة وتفصيلا على تلك البقعة الجغرافية المعروفة بالجزيرة العربية والتي أطلق عليها مالكها الاقطاعي مسميات (وهذا ايضا من حقه) كالمملكة السعودية ومملكة البحرين والإمارات المتحدة وغيرها ، فتمعنوا أين تذهب ثروات هذه المنطقة وأيضا من له الحق الأول والأخير في تعيين مديرها (ملكها او أميرها) ومن الذي يصيغ مناهجها وبرامجها ويخطط مدنها وطرقها ويؤسس جيشها وأمنها ويرضى عن هذا ويسخط عن هذا وفي يده مقاليد الأمر والنهي فيها ؟؟؟ أليست هي أمريكا ولا احد دون أمريكا والتي تنهب ثروات هذه المزرعة (اقصد تجني ثروات ما تمتلكه) سرا وعلانية ، ليلا ونهارا ولا يبقى للعبيد فيها إلا فتات ما يسد حاجتهم لكي يبقوا أحياء ليواصلوا مسئوليتهم كعبيد ؟ أليست هي أمريكا من وضعت هذا ملكا وهذا وليا للعهد وهذا اميرا مخترقة كل القوانين والقواعد التي وضعها العبيد لأنفسهم دون ان يكون للعبيد اي ردة فعل ممانعة من منطلق ان العبد لا يملك قرار نفسه بل لا يملك نفسه فكيف سيكون له قرارا على منطقته الجغرافية التي يعيش فيها.

أليست المناهج التي تربى عليها أجيال العبيد هؤلاء في مدارسهم وجامعاتهم والبرامج التي تبث لهؤلاء في إعلامهم والأفكار التي تنشر في صحفهم كلها موضوعه من قبل صاحب الأقطاعية الأمريكي لينشيء النشء والشباب (ذراري العبيد هؤلاء) نشأة تصب في مصلحة صاحب الأرض ومالكها ويضمن ان يكون منتوجهم اكثر من منتوج آباءهم وخضوعهم أشد وأوفى وأقوى من خضوع اباءهم ومن سبقهم ؟؟ أليس كل هذا هو الوضع الذي تعيشه هذه المزرعة التي يمتلكها ترامب في الأرض والذي يطالب العاملين فيها كل لحظة يرفع معدل أنتاجهم أكثر وأكثر (ما يسمى في العمل الاستثماري التارقت او الهدف) وفي اخر تارقت وضعه لهم كان لا يقل عن 7ترليون دولار (7مليار ألف دولار = 7.000.000.000.000دولار) يريدها في الأشهر القادمة مما يعني ان هناك جهدا زائدا سيبذله العبيد في المزرعة مقابل معاناة أكبر على مستوى معيشتهم ورواتبهم لكي يثبت هؤلاء المدراء أحقيتهم في مناصبهم وليرضى عنهم مالك المزرعة دون ان يكون لكرامة وعزة ورفاهية المواطنين أي قيمة او أعتبار فحياتهم محصورة بين العمل المجهد بصمت وبمقابل زهيد أو السجن والقتل.

ملاحظة :- مقالي هذا يستثني البعض من هؤلاء المواطنين في هذه البقعة الجغرافية والذين رفضوا ان يكونوا مجرد مستئجرين وعبيد في أرضهم ومالهم وممتلكاتهم وحقوقهم بل يشمل الخانعين والذين حياتهم تجري كما هي حياة العبيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: د. يوسف الحاضري

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا