المشهد اليمني الأول/

 

نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا تحدث فيه عن “خيانة ملوك السعودية للتاريخ القديم للأماكن المقدسة من خلال ارتكاب جرائم في حق الشعب اليمني المسلم، وخذلانهم للشعب الفلسطيني وقضيته بعد التحالف مع العدو الصهيوني”.

 

وقال الموقع في تقرير، إنه مع اقتراب موعد الحج السنوي، أعلنت الأمم المتحدة عن اندلاع وشيك لموجة ثالثة من الكوليرا في اليمن، ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، تسبب هذا المرض في مقتل 2300 شخص وإصابة أكثر من مليون آخرين، وهو ما يعتبر كارثة طبية وفق كل المعايير.

 

وذكر الموقع أن الحج الذي فرض على جميع مسلمي العالم مرة في العمر يمنح منظميه العديد من الامتيازات. فهو يكسب حكام المملكة العربية السعودية الهيبة والشرعية في العالم الإسلامي ويعزز مكانتهم كأوصياء على الأماكن المقدسة، ويمثل الحج مصدرا هاما للعائدات بالنسبة للمملكة، وهو يحتل المرتبة الثانية بعد صناعة النفط.

 

وأكد الموقع أنه لا يمكن تحديد أرقام دقيقة لإيرادات الحج، ولكن تشير تقديرات سنة 2014 إلى أن هذه الإيرادات قد بلغت 8.5 مليار دولار لتلك السنة فقط، ويستشهد البعض الآخر بمتوسط سنوي يتراوح ما بين 12 و20 مليار دولار، مع الأخذ بعين الاعتبار إيرادات “العمرة” بقية السنة.

 

ونقلا عن جريدة عرب نيوز، التي نشرت سنة 2017 تصريحات للعديد من الخبراء الاقتصاديين، فإن إجمالي إيرادات الحج سيصل إلى 150 مليار دولار بحلول سنة 2022، وقد أجبرت الأعداد المتزايدة من الحجيج المملكة العربية السعودية على بناء المزيد من الفنادق ومراكز التسوق والطرق وغيرها من البنى التحتية، وساهم ذلك في خلق آلاف مواطن الشغل.

 

وبين الموقع أنه بالنظر إلى عوامل الجذب الاقتصادية، فإنه من غير المرجح أن تتخلى السعودية عن ملكيتها لإدارة الحج، على الرغم من أنها لا تملك الحق في ذلك أكثر من أي دولة إسلامية أخرى، ومنذ عدة عقود، تم عرض عدة مقترحات بشأن استبدال هيئة دولية من ممثلي الدول الإسلامية تحت رعاية منظمة التعاون الإسلامي بالإدارة السعودية للحج، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن.

 

ومن خلال فكرهم الوهابي الذي فرضوه على المسلمين إن تسنى لهم ذلك، فقد عمد حكام المملكة العربية السعودية إلى هدم 90 بالمئة من الأحياء القديمة في مكة المكرمة والمساجد والمقابر والأضرحة والمنازل التاريخية، لقد أزالوا جميع بيوت ومقابر عائلة النبي والخلفاء الراشدين الموجودة هناك، وصيّروا منزل خديجة الزوجة الأولى للنبي مرحاضا عموميا، وهدموا منزل عمه حمزة على الرغم من أنه صمد إلى ما يقارب 1400 عام، وقد وضع قبر النبي على لائحة الإزالة، لكنهم توقفوا إثر هبّة دولية.

 

وأفاد الموقع بأن مكة المكرمة باتت اليوم مدينة ناطحات سحاب بلا روح تحتضن مراكز تسوق وفنادق فاخرة، وقد بنيت على أعلى مستوى وكأنها تحاول التقليل من شأن الكعبة، وللأسف أنها لا تحمي اليونسكو أيا من معالم المدينة، ما يجعلها تحت التصرف المطلق للعائلة الحاكمة السعودية.

 

وسلط الموقع الضوء على ممارسات المملكة العربية السعودية التي تنخرط بكل ثقلها في الحروب والصراعات، مخالفة مفهوم الوحدة والانسجام الذي تفرضه روح الحج. فمنذ سنة 2015، كانت المملكة رأس حربة لحرب مدمرة شنت ضد اليمن، وقد أدت هذه الحرب التي لم تستثن المدنيين إلى وفاة 50 ألف طفل وفق تقديرات اليونيسف لسنة 2017، إلى جانب تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية لهذا البلد الفقير.

 

وتجدر الإشارة إلى أن المملكة لم تكتف بهذا القدر من الدمار بل قامت بمحاصرة الموانئ اليمنية، ما أدى إلى انتشار المجاعة والأمراض، ومع ذلك، فما زالت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها يواصلون حربهم المدمرة، ما أغرق البلد الفقير في الفقر المدقع دون فائدة ترجى.

 

وأشار الموقع إلى أن السعوديين قاموا بإطالة أمد النزاع الدموي في سوريا من خلال التمويل العشوائي للجماعات الجهادية الوحشية التي لا يمكنها إلا أن تعيث فسادا بين الشعب السوري، وفي الوقت نفسه، يحتفظ السعوديون بموقف عدائي لا طائل من ورائه تجاه إيران التي لا يستطيعون هزيمتها، ولكنه موقف يهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة لا غير.

 

وذكر الموقع أن حكام السعودية قد وضعوا قطر جارتهم المقربة جدا تحت حصار دام سنة، ليحرموا أنفسهم من وحدة الخليج وهو العنصر المطلوب للتصدي لإيران التي يزعمون أنها تشكل تهديدا عليهم، والأخطر من ذلك، أن المملكة العربية السعودية تتشبث بشكل وثيق أكثر من أي وقت مضى بعلاقتها بإسرائيل؛ داعية الحرب في المنطقة والعدو الحقيقي للعرب.

 

والجدير بالذكر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يبدو أنه لا يفهم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قد تحالف مع جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات، وهما من أكثر الصهاينة الأمريكيين قسوة ويتمثل طموحهما في إخماد القضية الفلسطينية إلى الأبد.

 

وفي الختام، أكد الموقع أن سحب الدعم من الفلسطينيين لصالح مغتصبهم ومضطهدهم ليس عملا من أعمال الحماقة والظلم فحسب، بل هو وصفة نزاع لا نهاية له سيؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وكل ما سبق ذكره هو خطايا اقترفها حكام المملكة العربية السعودية ويجب أن يفكروا فيها ويتوبوا عنها وهم وقوف على جبل عرفات هذا الأسبوع.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا