المشهد اليمني الأول/

 

قرأت في كتب التاريخ والسِّير عن حماية محمد ص، وشجاعة علي، وبسالة الحسين، وفدائية العباس، وصمود زيد، وصبر مسلم بن عقيل عليهم السلام.. وظننتُ أنَّها منتهى الكمال، وقمَّة المثال، ولن يأتِ أحد بعدهم يسطر ما سطروا على أرض الميدان، شاهدتُ قبل قليل مشهدًا للإعلام الحربي وهو يرصدُ مجاهدين اثنين يتصديان لأكثر من عشرة مهاجمين، في بسالةٍ وشجاعة منقطعة النظير، لا أستطيع وصف المشهد..إلا أن للحدث تفاصيل لابد منها..

 

يُقرر المرتزقة من القاعدة مهاجمة إحدى التباب في البيضاء، بعد التمشيط الناري المكثف بالقذائف، ويهدأ المجاهدان قليلاً حتى يكون اللقاء وجهًا لوجه، يصعد التبة أكثر من عشرة من المرتزقة، يطلقون النيران بغزارة، وفي مفاجأةٍ غير محسوبة، أعلنَ رشاش أحدُ المجاهدين انتهاء الرصاص..

 

كانت اللحظة لا تحتملُ التفكير، ولا تنتظر التأخير..تقدم المجاهدُ الأولُ برشاشه، يسكبُ حمم رصاصه من نقطة الصفر، ويلتقط الرؤوس المهاجمة، فيما اتخذ المجاهد الثاني قرارًا حكيمًا وسريعًا، وبدأ بقذف الحجارة في وجوه المرتزقة..
ظنَّ المهاجمون بأن الحجارة قنابل، فتسابقوا للهروب ووقع بعضهم فوق بعض..

 

استمرت رصاصُ المجاهدُ تلاحق الهاربين، لكن رصاصةَ أحد المختبئين أصابته وسقطَ شهيدًا، وفيما المجاهد الآخر يستمر في رمي الحجارة، إلاَّ أنه أدركَ أن رفيقه قد استشهد برصاص ذلك المختبئ الذي يظهر فجأة ثم يعود لاختبائه..

 

استعان المجاهدُ بالله، وردد التكبير.. ولم يهرب، ولم يرتعب، بل قفز إلى المكان ، وأخذ بندقية رفيقه، لكنه وجدها قد أصيبت كصاحبها..
قفزَ ثانيةً كالأسدِ يقلبُ جثثَ المرتزقة النافقة، وأخذ سلاحَ أحدهم، وأسرعَ إلى ذلك المختبئ ووقف عند رأسه، وأخذ يرشه جزاء ما فعَلَ برفيقه..ثم انتقل بخطواتٍ ثابتة لملاحقة البقية الهاربة..

 

انكسرَ المهاجمون، وفروا مخلفين وراءهم جثثَ زملائهم القتلى والجرحى..في مشهدٍ لو لم تلتقطه كاميرا الإعلام لظنناه ضربًا من الخيال..

 

وسأردد وترددون.. أسئلة حيرى كثيرة؛
من علمهم؟ من ربَّاهُم؟ من غرس في قلوبهم كل هذا الإيمان؟ من ثبت أقدامهم؟ من ربط على قلوبهم؟ من أنزل فيهم كل هذا البأس؟ من سدد رميهم؟ من ألهمهم؟
وسنجدُ الجواب في ألسنتهم الطاهرة يتردد عند كل رمية، ويصدحُ عند كل هجوم ومواجهة، ويملأ الأرجاء في كل ساحةٍ وجبهة…

 

وهكذا هم اليمنيون في الساحِلْ والجوف وصرواح ونهم ونجران وجيزان وعسير؛ يسطرون ملاحم أشبه بالمعجزات، وينكلون بالغزاة ومرتزقتهم أشد تنكيل..
وقد ظن العدو السعوإماراتي ومن ورائه الأمريكي والصهيوني؛ أنه بجرائمه الكبيرة في قتل الأطفال سيخيف أبناء اليمن؛ ولكن المفاجأة أنَّ المجاهدين يزدادون بسالةً وإقدامًا، والقبائل اليمنية تزداد تحشيدًا وإعدادا…

 

فسلام الله على البطلين العظيمين..وعلى المجاهدين الأقوياء؛في كل الجبهات..
وعلى حامل راية النصر الكبير القائد الملهِم والملهَم والعلَم.
ــــــــــــــــــــــــــــ
مصباح الهمداني

https://www.youtube.com/watch?v=eURE1Rq27FI

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا