المشهد اليمني الأول/

 

مع توصل الأطراف اليمنية في السويد إلى إتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة وتعز، أطلق تحالف العدوان تصريحات بأن الاتفاق يمثّل انتصاراً لماتسمى بالشرعية وتراجعاً لـ«أنصار الله»، وفي المقابل اعتبره الوفد الوطني انتصاراً لليمنيين كونه ملفاً إنسانياً بحتاً، ينفصل عن الملفات السياسية، خصوصاً وأن ما وافقت عليه اليوم ماتسمى بالشرعية كانت ترفضه منذ أشهر، برغم موافقة الوفد الوطني.

مقدمات اتفاق الحديدة

خلال الأشهر الماضية، طاف المبعوث الدولي مارتن جريفيث، بين صنعاء وعدن، والرياض وأبوظبي، باحثاً عن صيغة تخرج مدينة الحديدة من الصراع، نظراً لما تشكله من شريان حيوي رئيس للمدن الواقعة تحت سلطة حكومة «الإنقاذ»، أي أن حياة ما يقارب 20 مليوناً مرهوناً ببقاء الحديدة آمنة؛ من جهته وافق الوفد الوطني على مبادرة جريفيث، قبل أشهر، والتي نصت على وقف العمليات القتالية في المدينة، وانسحاب المقاتلين ووقف الغارات، على أن يكون للأمم المتحدة دوراً إشرافياً لبقاء المدينة بمينائها بعيداً عن المواجهات، غير أن تحالف العدوان رفضت صيغة الحل حينها، وصعّد العدوان من عملياته العسكرية لإسقاط المدينة، فأطلق الحملة الثالثة، في سبتمبر الماضي، بقيادة العميد علي الطنيجي، بعد عزل العميد عبدالسلام الشحي، الذي فشل في إسقاط المدينة. على أنه قبل عزل الشحي سقطت في أغسطس الماضي، الكتيبة الخامسة من قوات «العمالقة»، بيد الجيش واللجان الشعبية، كما فقد لواء المحضار، 3 سرايا وقعت في الحصار.

 

تلك الحملات العسكرية خاضت معارك ضارية لمواجهة الجيش واللجان في الحديدة، لكنها لم تستطع إسقاط المدينة أو الوصول إلى الميناء، فيما سقط لها المئات في تلك المعارك، ودمّرت مؤسسات عامة وخاصة بقصف طيران العدوان للمدينة؛ وفي خضم تلك المعارك، ضاعف جريفيث مساعيه لجمع الأطراف قبيل حصول كارثة إنسانية بسبب المواجهات، لكن العدوان أفشل خروج الوفد الوطني إلى مشاورات «جنيف» في سبتمبر الماضي، على أمل أن يتم إسقاط الحديدة عسكرياً، وهو الأمر الذي لم يحدث.

جولة السويد

وبحسب مراقبين، فإن تلك النكسات العسكرية هيأت لمارتن جريفيث فرصة تسويق «مشاورات السويد»، مع توفر الظروف الإقليمية والدولية الضاغطة، سواء بسبب تفاقم الأزمة الإنسانية، التي جعلت من 22 محافظة يمنية مهددة بسوء التغذية، أو لتداعايات مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي ولّد ضغطاً دولياً على السعودية لوقف الحرب في اليمن. ومع انطلاق المشاورات، قبل أسبوع، وبحضور سفيري الرياض محمد آل جابر، وأبوظبي وسالم الغفلي، بدت المشاورات تتقدم في أكثر من ملف، وبرغم تعنّت وفد الرياض الرافض لمبادرة الحل في الحديدة، إلا أنها وافقت عليها اليوم، بخلاف ما أظهرته منذ بدء انطلاق المشاورات، وهو ما يوحي بإن ضغطاً دولياً على تحالف العدوان للقبول بالاتفاق، ترافق مع وصول أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى السويد.

 

وبعد الإعلان، انهالت رسائل التأييد من تحالف العدوان الذي عد النتيجة نصراً تحقق بفعل الضغط العسكري، وهو ما قاله وزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، بإنه نتيجة «الضغط العسكري المتمثل بتواجد 5000 جندياً إماراتياً مع القوات اليمنية، واستعدادهم لتحرير الميناء في أقرب وقت، (كل ذلك) شكل الضغط المطلوب على الحوثيين وأجبرهم على التعامل بواقعية والقبول بالحل السياسي». هذا الأمر كرره السفير السعودي لدى اليمن.

 

وبرأي محللين، فإن تصريحات العدوان تأتي في خانة البحث عن نصر إعلامي ومعنوي، إضافة إلى مبررات للحرب التي يشنها؛، لكن حديث رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام بددّ تلك التصريحات عندما قال، إن الاتفاق يُعدّ «إنتصاراً للإنسانية»، وأعطى تطمينات للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، سواء بدعوته إياها للقيام بدور إشرافي على ميناء الحديدة ومطار صنعاء، أو في ما يتعلّق برغبة «الإنقاذ» الذهاب إلى مفاوضات الحل السياسي من دون شروط بعد فشل الحل عسكرياً.

 

هكذا إذاً أنهت «مشاورات السويد» جولتها، تلك المشاورات تمثّل تحولاً نوعياً في مسار الحرب في اليمن، وتفتح آفاقاً للحل السياسي، كما تخفف عن ملايين اليمنيين المتضررين من حرب الحديدة وتعز وإغلاق مطار صنعاء، في إنتظار الجولة الثانية الشهر القادم.

https://youtu.be/uFTmY62HS0g

https://www.youtube.com/watch?v=imiIyS0VxCk&t=38s