آخر مذابح الكيان في خان يونس، بعدما خانه العرب والمسلمين، شِلْو: قطعة من لحم مسلوخ، شِلْو تلو شِلْو، تسعة أقمار، توافدوا أشلاء إلى والدتهم الطبيبة آلاء، أكبرهم 12عام وأصغرهم الرضيعة دون العام، لتصبح الطبيبة آلاء النجار نفسها شِلْو بين أشلاء أطفالها التسعة الوافدين إليها من بيتها، الذي كان “البيت” ذات صباح.
لم تحملهم الأم 9 أشهر، بل 7 أعوام لتنجب 10 أقمار، حجب الكيان ضوء 9 منهم، والعاشر آدم نجى لأن بعض الحكايات تحتاج إلى من يحمل جمر الحقيقة ليقذفها في آذان الصمت والخذلان، أو يسكبها في أعين العلماء المنتجين لنظريات الأسباب والمسببات، وكأنها حمى تداوى بالأعشاب، لا موبقات احتلال إجرامي يواجه بالدم والنار.
عاش آدم لترى أمه فيه بقية أضناء السنين، من ضلوعه ثمة صرخاتٌ وأنين، في العينين يحيى وركان وفي القلب سيدار، والرأس ريفال ولقمان، وباقي الجسد سدين وجبران وإيف ورسلان، أما روح آدم كأمه، شجرة شامخة مثقلة بثمار الحنين.
أفضالها على جراح الآلاف ضَمَّادَةٌ
وعند أطفالها كل الضمادات أكفانُ
نِعمَ الآلاء آلاءها آل النجار حمَّادَةٌ
شكَّارةٌ وروح القلب بالأوجاع أطنانُ
ستبكي الأم حتى لا ترى الأرض، كيوسف بكاه الأب يعقوب حتى ابيضت عيناه، فأقمارها التسعة ارتفعوا للسماء، وعلى الأرض ما من ضياء، وما من ريح سوى ريح أخاهم لكن ليس قبل فصل أسلاك العير عنه في العناية المركزة ليبقى لها من القوم بضعة تفنيد، أو قميص يرمى عليها فيمنح عيناها بعض الضياء، هو لا سواه قميص آدم، وهي تعرف أن ما تبقى من قمصان في هذا الزمن هي قمصان “التحرير” المناطقي والطائفي، وقمصان شرعية التطبيع والانبطاح، وقمصان حراس تل أبيب في الساحل، وقمصان انقاذ بني العرب بقنابل الناتو الصهيوني والنهب والدمار الإفرنجي كونه مريح لأنظمة المرحاض والترفيه، وقمصان دماء الافتراء والدجل من ذئاب الوهم لحرف الجهاد عن بوصلة الأقصى وفلسطين هناك حيث يكتمل الإسلام وتكتمل الإنسانية.
وفي هذا الزمن كان للعير نظراء من البعير والأبقار والماعز يطلقون قوافل الإمداد بجسور برية وبحرية للكيان، ويصكون عملات الذهب وبراميل النفط وأطنان من الدراهم والريالات والدولارات لخزائن راعي البقر، بينما عشرات الألوف من أبناء فلسطين العربية المسلمة يناشدون إنفاق الخيرين للحفاظ على نبض عرق في جسد الأبناء أو الأبوين، أو كسرة خبز، أو شربة ماء، وما نراه فقط من حلف التطبيع والترفيه تجاه الفقراء المظلومين في قطاع غزة هو التنظير بالأسباب والمسببات والمسبات والسفه والتطاول والعداء قومٌ بالسيوف وقومٌ بالسهام وقومٌ بالرماح وقومٌ بالحجارة وقومٌ بالحصار وقومٌ بالتجويع.
مع كل ذلك الظلم والظلام من معابد الكهنة والجاهلية، لكل إخوة يوسف عزيز مصر، ولكل فرعون موسى وبحر وعصا، ولكل خيبر علي ومقاومة وجهاد وإنفاق ونصر ونجاة وسعادة أبدية خالدة مخلدة، لا تُقارن بفقد البصر ومرارة الفقد، كما لا يقارن لظى الخلود في قعر الحطمة بلظى غارات وتضحيات اليوم، ومع ذلك -بخلافنا- تقاتل إسرائيل -الكيان- من أجل “البقاء والوجود” وكم تكررت من رأس نتنياهو إلى أخمصه بن غفير، فحي على الجهاد، حي على الانفاق، وإن غداً لناظره قريب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جميل أنعم العبسي