في خضم انشغال الرجال بمتابعة صحتهم القلبية ومواجهة مخاطر السرطان، يغيب عن بال كثيرين عدو خفي ينهش في عظامهم ببطء، إنه مرض هشاشة العظام الذي غالباً ما يكتشفه الرجال متأخراً، بعد أن يصبح الكسر هو الجرس الإنذار الوحيد.
كشفت دراسة حديثة أجراها مركز ويكسنر الطبي مفارقة صادمة، حيث تبين أن 1% فقط من الرجال يعتبرون صحة العظام مصدر قلق صحي رئيسي، في حين تحتل أمراض مثل السرطان وأمراض القلب الصدارة في اهتماماتهم الصحية.
الدكتور بول لويس، أخصائي الأشعة التداخلية، يصف المرض بأنه “لص صامت” ينقض على ضحاياه دون سابق إنذار، موضحاً أن معظم الحالات لا تكتشف إلا بعد حدوث كسر مفاجئ في العمود الفقري أو الحوض، حين يكون الضرر قد وقع بالفعل.
الأرقام تكشف قصة أكثر إثارة للقلق، ففي الولايات المتحدة وحدها، يعاني مليونان من الرجال من هشاشة العظام، بينما يقف 16 مليوناً آخرون على أعتاب الإصابة، مصنفين ضمن مرحلة نقص كثافة العظام التي تسبق المرض مباشرة.
وراء هذا الإهمال قصة تتعلق بالوعي الصحي، فبينما تحرص النساء على فحص كثافة العظام بعد انقطاع الطمث، يظن كثير من الرجال أنهم بمنأى عن هذا الخطر، غافلين عن حقيقة أن انخفاض هرمون التستوستيرون مع التقدم في العمر يحول عظامهم القوية إلى هياكل هشة قابلة للانكسار بأبسط الصدمات.
لكن الأمل لا يزال موجوداً لمن يريد أن يحمي نفسه، إذ يؤكد الأطباء أن الثلاثينات هي العمر الذهبي لبدء العناية بالعظام، حيث يمكن الحفاظ على صحتها عبر التمارين الرياضية المنتظمة واتباع نظام غذائي غني بالكالسيوم وفيتامين د، مع تجنب العادات الضارة مثل التدخين والإفراط في الكحوليات.
أما لمن فاتهم قطار الوقاية، فإن الطب الحديث يقدم حلولاً مبتكرة مثل تقنيات تقويم الفقرات التي تساعد في تثبيت الكسور وتخفيف الألم خلال إجراءات بسيطة لا تتطلب سوى تخدير موضعي.
الرسالة التي يوجهها الخبراء واضحة: صحة العظام ليست رفاهية، بل هي أساس الحركة والقوة، وإهمالها اليوم قد يعني خسارة كبيرة في جودة الحياة غداً. فهل آن الأوان لأن يولي الرجال عظامهم الاهتمام الذي تستحقه؟
