المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    منتخب مصر يفشل في حسم التأهل إلى مونديال 2026 في بوركينا فاسو

    خرج منتخب مصر بتعادل سلبي من ملعب مضيفه منتخب...

    فريق القدس يتوج بطلا في ذكرى المولد النبوي الشريف

    احياء لذكرى المولد النبوي الشريف عليه افضل الصلاه وازكى...

    اليمن في مواجهة السعودية 4 عصرا

    يخوض المنتخب اليمني للشباب، اليوم مواجهة حاسمة أمام نظيره...

    آبل تستعد للكشف عن آيفون 17: حدث عالمي تحت شعار “Awe Dropping” اليوم

    تستعد شركة آبل للكشف عن أحدث إصدارات هواتفها الذكية...

    جوجل تطلق ميزة “Circle to Search” للترجمة الفورية على الهواتف الذكية

    أعلنت شركة جوجل عن ميزة جديدة تُسهل على المستخدمين...

    الجبهة اليمنية في خطاب “معهد الاستراتيجية الصهيونية”.. تحولاً نوعياً في الرؤية الإسرائيلية تجاه اليمن

    يعكس تحليل مضامين المواد الصادرة عن “معهد ميسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية” تحولاً نوعياً في الرؤية الإسرائيلية تجاه اليمن، من كونه تهديداً ثانوياً إلى اعتباره جبهة استراتيجية نشطة في إطار محور المقاومة.

    وتُظهر التحليلات -التي أعدّها باحثان متخصصان في شؤون محور المقاومة (نوا لازيمي ويوسي مانشروف)- أن اليمن فاعل إقليمي متماسك، يمتلك قدرات عسكرية متقدمة وطموحات سياسية عابرة للحدود، مدعوماً بإيران ويسعى لبناء شرعية دولية موازية.

    وفي ضوء ذلك، يدعو المعهد إلى إدماج اليمن ضمن العقيدة الأمنية لجيش العدو، واعتماد استراتيجية “احتواء هجومي” تشمل تحالفاً عسكرياً دولياً، عمليات استخباراتية دقيقة، وضغطاً سياسياً وإنسانياً متعدد المسارات، بهدف تفكيك القوة الصاعدة في صنعاء، وقطع ارتباطها بمحور المقاومة.

    هذا التوجه يعكس تقديراً صهيونياً بأن الجبهة اليمنية تمثل تهديداً متصاعداً ومعقّداً، يتطلب “تحركاً استباقياً” عدوانياً على المستويات العسكرية، السياسية، والدبلوماسية.

    مقدمة:

    يتناول التحليل مضمون خطاب المعهد الإسرائيلي المسمى: “معهد ميسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية”، كما ورد في ثلاث مواد هي عينة التحليل، نشرت في شهري أغسطس الماضي وسبتمبر الراهن 2025م. عناوينها كالتالي:

    “الجبهة اليمنية: بناء الردع الإسرائيلي بالتوازي مع جهد إقليمي منسق”.
    “الابتزاز الإنساني في اليمن: حان الوقت لتغيير المعادلة مع الحوثيين”.
    “الحوثيون يحلمون بـ”سيناريو 7 أكتوبر والهزائم وحدها لن تكفي إسرائيل”.

    المعهد يعرف نفسه كما يلي:

    “يُروّج معهد ميسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية لسياسات عملية وواقعية في قضايا الأمن القومي، انطلاقاً من التزامه بالفكرة الصهيونية. ويسعى المعهد إلى التأثير على السياسة الإسرائيلية في مجالات الأمن القومي، بهدف تعزيز “إسرائيل” ككيان يهودي، ديمقراطي، قوي آمن، ومزدهر”.

    المواد التي تم تحليل مضمونها هي للباحثة “نوا لازيمي”، وهي خبيرة في العلاقات الدولية. منسقة أبحاث لمشروع أكاديمي يتناول الاستراتيجية الإسرائيلية الكبرى في جامعة بار إيلان. شغلت سابقاً منصب مديرة قسم أبحاث العلاقات العسكرية-المجتمعية في كلية العلوم السياسية. كما شغلت سابقاً منصب منسقة أبحاث في معهد الاستراتيجية الصهيونية، ومديرة برنامج محاكاة الأمم المتحدة في مؤسسات تعليمية مختلفة.

    والباحث الأخر: ” يوسي مانشروف” كما يقدمه المركز: “باحث في شؤون إيران وحزب الله والحوثيين والجماعات الشيعية. يتقن الفارسية والعربية، وحاصل على درجة الدكتوراه في “الشبكات الشيعية العابرة للحدود الوطنية الموالية لإيران في الخليج العربي، ١٩٦٣-١٩٨٩” من جامعة حيفا”.

    وبالتالي فإن هذه الآراء والتحليلات الواردة في مواد هذا المعهد، وبأقلام هؤلاء الباحثين مهمة من الناحية الاستراتيجية وتعكس رؤية الأوساط الأكاديمية والأمنية الصهيونية لليمن كتهديد استراتيجي وتقدير لموقف الحرب الراهنة بين اليمن والكيان الصهيوني في ظل معركة الإسناد اليمني.

    التحليل:

    تحليل سياسي عسكري لمضامين تقارير معهد “مسغاف” حول الجبهة اليمنية (2025م)

    الإطار العام للتحول الاستراتيجي الإسرائيلي تجاه اليمن

    تُظهر المواد الصادرة عن معهد “مسغاف” تحولاً لافتاً في الإدراك الاستراتيجي الإسرائيلي للجبهة اليمنية؛ فبعد أن كان يُنظر إلى التهديد اليمني بوصفه تهديداً ثانوياً أو محلياً محدود التأثير، باتت “إسرائيل” تعتبر اليمن جزءاً من منظومة التهديدات الإقليمية المترابطة في ظل محور المقاومة، والتي تستدعي إعادة تشكيل العقيدة الأمنية، ودمج الجبهة اليمنية ضمن حسابات الردع والتدخل.

    ويستند هذا التحول إلى تقدير بأن اليمنيين تجاوزوا دورهم كفاعل محلي، وتحولوا إلى “وكيل إقليمي ذي طموحات استراتيجية” حد تقديرهم، يرتبط بشكل وثيق بالبنية الهيكلية لـمحور المقاومة، ويتبنى نهجاً تصعيدياً ضد “إسرائيل”، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

    التوصيف السياسي لليمن في الرؤية الإسرائيلية

    يُصوَّر أنصار الله في هذه المواد بوصفهم فاعلاً سياسياً “غير شرعي، استولى على مؤسسات الدولة اليمنية عبر القوة العسكرية والتحالفات القبلية، مستفيداً من التصدعات في صفوف خصومه المحليين، وبدعم لوجستي وإيديولوجي إيراني”. ويُشير التقرير إلى أن الأنصار يعملون على ترسيخ سلطتهم من خلال استراتيجية مركبة تجمع بين التصعيد العسكري والدبلوماسية المرحلية، بما يسمح بإعادة بناء القدرات خلال فترات التهدئة.

    تُبرز التحليلات سعي السلطة الوطنية في صنعاء إلى اكتساب اعتراف إقليمي عبر توسيع شبكة تحالفاتهم خارج المحور ، بما في ذلك إقامة علاقات تنسيقية مع روسيا والصين، في محاولة لتجاوز العزلة الدبلوماسية، وكسر الطوق الغربي المفروض عليهم. ويُعد هذا التوجه مصدر قلق لـ”إسرائيل”، فهي تقرأ -في هذا المسار- أن حركة مسلحة باتت تمتلك تأثيراً عابراً للحدود، تعمل على إنتاج شرعية سياسية لها، وهو ما يعني إضفاء طابع شرعي على قوتها العسكرية وحضورها الإقليمي.

    التقييم العسكري للتهديد اليمني

    ترى التحليلات أن القوات المسلحة اليمنية تمتلك ترسانة متقدمة ومتنوعة من القدرات العسكرية، تشمل صواريخ باليستية، طائرات مسيّرة، أنظمة مضادة للطائرات، وقدرات هجومية بحرية. “ويرتبط تطور هذه القدرات مباشرة بالدعم الإيراني المستمر، سواء من خلال الإمدادات المادية أو التوجيه الاستخباراتي والتقني”، وتستند هذه التحليلات إلى مزاعم “ضبط سفينة في يونيو 2025، والتي كشفت عن نقل أسلحة متطورة مموهة ضمن معدات مدنية”، حد تعبيرهم.

    تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن القوات المسلحة اليمنية قد يسعون إلى تكرار سيناريو 7 أكتوبر ضد “إسرائيل”، من خلال هجمات مفاجئة عبر البحر، أو بواسطة طائرات مسيّرة وصواريخ بعيدة المدى. كما يخشى الإسرائيليون استغلال القوات المسلحة اليمنية للفراغات الأمنية في البحر الأحمر لتنفيذ هجمات على المصالح الإسرائيلية أو “الملاحة الدولية”.

    تتحدث التحليلات عن إحراز الكيان تقدماً استخباراتياً في الساحة اليمنية، ونجاحاً متزايداً في تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة استهدفت “قيادات عسكرية” وسياسية بارزة في صنعاء، وتُقيّم هذه الاغتيالات من وجهة النظر البحثية الإسرائيلية بوصفها أدوات ضغط عملياتي تهدف إلى إضعاف القيادة اليمنية، ودفعها إلى حالة دفاعية تحدّ من قدرتها على المبادرة، دون أن ترقى إلى مستوى التأثير الاستراتيجي الكامل.

    الرؤية الإسرائيلية للتحالفات الإقليمية والدولية

    تعكس المواد إحباطاً إسرائيلياً واضحاً من فشل السعودية والإمارات في حسم المعركة مع الجيش واللجان الشعبية، ومما يرونه “تردّد المجتمع الدولي” في تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالعقوبات وتجميد الأصول، وفرض العزلة الاقتصادية، وتُنتقد آليات الأمم المتحدة، مثل آلية التحقق والتفتيش، التي تُعد -من وجهة النظر الإسرائيلية- عاجزة عن منع دخول شحنات الأسلحة إلى الموانئ الخاضعة للحكومة الوطنية في صنعاء.

    ترى “إسرائيل” أن معالجة التهديد اليمني تتطلب تشكيل تحالف عسكري إقليمي–دولي مشترك، يشمل على الأقل: “إسرائيل”، الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية، والإمارات، ويهدف هذا التحالف إلى تنفيذ ضربات عسكرية مباشرة، وعزلة اقتصادية مشددة، وعمليات برية محدودة، بالتوازي مع تعزيز “المعارضة اليمنية” (المرتزقة) كبديل سياسي مستقبلي.

    البعد الإنساني لشرعنة العدوان

    تستثمر التقارير في إبراز ما تصوره بالانتهاكات بحق العاملين في المجال الإنساني (الأمم المتحدة، يونيسف، برنامج الغذاء العالمي)، وذلك لتأطير الحكومة الوطنية كـ”تنظيم إرهابي” لا يحترم القانون الدولي الإنساني، ويستخدم الابتزاز الإنساني كسلاح سياسي.

    وبهذا، تُوظّف هذه السرديات لتوفير غطاء أخلاقي وقانوني محتمل لأي تدخل عسكري ضد اليمن، خاصة في السياق الغربي.

    الخلاصات والتوصيات الاستراتيجية الإسرائيلية

    تقدم التحليلات جملة من التوصيات للكيان الصهيوني، وهي كالتالي:

    إدماج اليمن ضمن خارطة الردع الإسرائيلية بوصفها جبهة نشطة ومتقدمة في الصراع ضد محور المقاومة.

    التحرك عبر مسارين متكاملين: مسار إقليمي–دولي يستند إلى تحالف سياسي–عسكري واسع، ومسار عملياتي مستقل يضمن حرية العمل الإسرائيلي في اليمن.

    ضرب ما يسمونها “شبكة الدعم الإيرانية” في اليمن (فرع فيلق القدس) كمفتاح لتقويض القدرات العسكرية اليمنية.

    الاستمرار في بناء بنك أهداف استخباراتي متقدم لتكثيف عمليات الاستهداف النوعي.
    تعزيز أذرع المرتزقة بوصفهم أداة رديفة للضغط العسكري والسياسي.

    خاتمة:

    تمثل الجبهة اليمنية -في التقدير الإسرائيلي- جبهة صاعدة ذات أبعاد مركبة: عسكرية، سياسية، إيديولوجية، وإنسانية. ويتضح أن “إسرائيل” تتجه نحو استراتيجية احتواء هجومي تجاه اليمن، تستند إلى خبرتها السابقة مع حزب الله، مع إدراك لطبيعة البيئة اليمنية المعقدة، وضرورة الحشد الإقليمي والدولي لتغيير “معادلة الردع” في هذه الساحة. يعكس ذلك انتقالاً في العقيدة الإسرائيلية من التحييد إلى التفكيك الاستراتيجي لنفوذ القوات المسلحة اليمنية عبر أدوات متعددة ومتزامنة.
    ــــ
    موقع أنصار الله . تحليل | أنس القاضي

    spot_imgspot_img