المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    عطاء الشهداء.. خلودٌ لا يُقاس بثمن

    أيتها النفوس التي تقدر التضحية، نقفُ اليوم لنرسمَ بالكلماتِ...

    الساخن أم البارد؟ دراسة تكشف التأثير المذهل لحرارة المشروبات على القلق والنوم والهضم

    كشفت دراسة جديدة نشرت في المجلة البريطانية للتغذية (British Journal...

    انتصار ساحق لريال مدريد على برشلونة في الكلاسيكو بثنائية نظيفة

    حقق فريق ريال مدريد فوزا مستحقا على غريمه التقليد...

    توجيهات القيادة الحكيمة إلى فرسان الجهاد الإعلامي

    في خضمِّ المعركة الإعلاميةِ الدائرةِ وقد كثرت فيها أبواق...

    الحرب الهجينة: أدواتها ومنطقها الاستراتيجي

    الحرب الهجينة ليست كما يظن البعض مجرد مصطلحات نظرية...

    رامون وراموت.. رجال اليمن وفلسطين يرسمون نهاية الكيان المؤقت

    بعد أقل من أربعٍ وعشرين ساعة على استهداف القوات اليمنية لمطار رامون جنوب فلسطين المحتلة بطائرة مسيرة، كانت “راموت” في محيط القدس على موعدٍ مع عملية نوعية من داخل الأرض، لتثبت مرة أخرى أن قطعان المستوطنين ليسوا سوى أسرى محكوم عليهم بالإعدام، وأن بقاءهم على أرض المسلمين مجرد مهلة مؤقتة إلى أن يأتي أمر التنفيذ. فهذه الضربات، سواء أكانت من السماء أو من عمق الأرض هي مؤشرات على مرحلة جديدة عنوانها سقوط الأسطورة الصهيونية وتهاوي ما تبقى من صورة “الجيش الذي لا يقهر”.

    لقد روّج قادة الكيان لعقود طويلة أن أمنهم المطلق مضمون، وأنهم محاطون بجدران محصنة ومنظومات دفاعية تجعلهم في مأمن من الخطر. لكن بطولات رجال المقاومة في كل جبهات الصراع نسفت هذه الأكذوبة من جذورها. فما حدث في رامون وراموت ليس سوى فصلٍ صغير في كتاب الجهاد والبطولات الذي تُسطِّره الشعوب الحرة من اليمن إلى لبنان، ومن غزة إلى العراق وإيران. إنهم رجال الرجال، الذين يكتبون معادلة جديدة مفادها أن الكيان الصهيوني فقد عنصر الطمأنينة، وأن الحياة فوق أرض فلسطين باتت مغامرة خطرة لا تُحتمل.

    وما يزيد المشهد وضوحًا أن الضربات الجوية أو العمليات الميدانية لم تعد أحداثًا نادرة أو استثنائية، بل تحولت إلى سلوك متكرر يزرع الرعب في قلوب المستوطنين ليل نهار. وكل مستوطنة اليوم مرشحة لتكون الهدف التالي، وكل مطار أو ميناء أو محطة طاقة ضمن بنك الأهداف لمحور المقاومة. هذه الحقيقة جعلت فكرة الرحيل الجماعي مطروحة بجدية أكبر في أذهان الصهاينة، لا سيما بعدما شاهدوا بأم أعينهم كيف هرب عشرات الآلاف من مستوطنات غلاف غزة في أكتوبر 2023، تاركين بيوتهم وأراضيهم، وكأنهم لم يكونوا فيها يومًا.

    أما القادة الكبار من أمثال نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، فهم يدركون تمامًا أن النهاية قادمة، ولهذا يُعِدّون سيناريوهات للانسحاب الآمن لعائلاتهم عبر طائراتهم الخاصة وممراتهم السرية. غير أن السؤال: ماذا عن ملايين المستوطنين الذين جيء بهم من أصقاع الأرض إلى فلسطين؟ هؤلاء لن يجدوا من ينقذهم ساعة الحقيقة، وسينكشف أنهم مجرد أدوات في مشروع استعماري زائل، تُركوا لمصيرهم المظلم.

    إن كل عملية ناجحة للمقاومة لا تُحسب في إطارها العسكري فقط، بل هي ضربة نفسية ومعنوية تُفكك ثقة المستوطن بمستقبله، وتزرع الشك في كل خطوة يخطوها على أرض ليست له. هذا الانهيار النفسي هو الذي عجزت كل منظومات “القبة الحديدية” والجدران الإلكترونية عن التصدي له. فالخوف حين يستوطن القلوب يتحول إلى سلاحٍ أقوى من الصواريخ والبنادق.

    اليوم، ومع كل ضربة يمنية، ومع كل عملية في عمق الأرض الفلسطينية، يقترب الكيان من لحظة الحقيقة التي لا مفر منها: إمّا الرحيل الطوعي وترك الأرض لأصحابها، أو انتظار النهاية المروعة التي تقترب يومًا بعد آخر. ولأن المشروع الصهيوني قام على باطل، فإنه لن يصمد أمام إصرار الشعوب الحرة التي نذرت نفسها لاستعادة القدس وكل فلسطين.

    لقد آن للعالم أن يُدرك أن بقاء الاحتلال الإسرائيلي فوق أرض المسلمين ليس قدرًا محتومًا، بل هو وضع شاذ إلى زوال. وأما الحديث عن “أمن مطلق” للكيان ومستوطنيه، فلم يعد سوى وهم يردده القادة لتسكين مخاوف جمهورهم، بينما الوقائع على الأرض تقول إن النهاية وشيكة، وإن المستقبل الأسود ينتظرهم، جيلًا بعد جيل، ما داموا أصروا على اغتصاب أرضٍ ليست لهم.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    spot_imgspot_img