أمست حكومة المرتزقة اليوم على قنبلتين سياسيتين فككت التلاحم الوهمي المزعوم، اذا قطع المجلس الإنتقالي الجنوبي طريق عودة الحكومة إلى عدن بشروط تعجيزية، فيما أعلنت محافظات جنوبية التمرد على المجلس الرئاسي التابع لحكومة المرتزقة، كما فجر طارق عفاش قنبلة سياسية خطيرة بإعلان ان الساحل الغربي يخضع لللإمارات بشكل كامل.
وتعيش المحافظات الجنوبية المحتلة حالة غليان غير مسبوقة، مع تصاعد التوترات بين قوى المرتزقة المتصارعة داخل معسكر تحالف العدوان، في وقتٍ رفع فيه “المجلس الانتقالي الجنوبي” من سقف تحديه لحكومة المرتزقة، واضعًا شروطًا تعجيزية تقطع فعليًا طريق عودتها إلى عدن.
فقد طالب مستشار رئيس الانتقالي عمرو البيض بحلّ برلمان سلطان البركاني، معتبراً أن عودته “تنسف الاتفاقيات وتعيد الأوضاع إلى تسعينيات القرن الماضي”، حين انهارت مشاريع الانفصال أمام تحالف الوحدة. وهاجم البيض القوى الموالية للتحالف، وعلى رأسها الإصلاح والمؤتمر، بعد إعلانها تفعيل البرلمان إلكترونيًا بدعم إقليمي ودولي، واصفًا الخطوة بأنها محاولة لإقصاء الانتقالي من المشهد الجنوبي وتقليص نفوذه الإداري والعسكري.
في موازاة ذلك، أكد عضو هيئة الانتقالي لطفي شطارة أن رئيس المجلس أحمد بن بريك لن يسمح بعودة الحكومة دون تنفيذ حزمة مطالب أبرزها “توفير المرتبات، وتحسين الخدمات، ووقف الإعاشة العسكرية، وتقليص حجم الحكومة”، وهي ملفات وصفها مراقبون بأنها مطالب سياسية مستحيلة التنفيذ في ظل الانقسامات داخل مجلس القيادة الرئاسي، وتهدف فعليًا إلى تعطيل أي مساعٍ لاستعادة القرار من يد المجلس الموالي للإمارات.
وتشير التحركات الميدانية إلى أن الانتقالي يسعى لقطع الطريق أمام أي ترتيبات جديدة لإعادة توزيع الإيرادات أو بسط سيطرة حكومة عدن على المؤسسات المالية. فبحسب مصادر اقتصادية، يستعد بن بريك لعرقلة خطط نقل العائدات إلى البنك المركزي وإغلاق شبكات الفساد التي تموّل فصائل الانتقالي، في خطوة وُصفت بأنها مواجهة مباشرة بين الأذرع الإماراتية وبقايا نفوذ السعودية في عدن.
بالتوازي، شهدت المحافظات الجنوبية تمرداً واسعاً على قرارات المجلس الرئاسي. ففي شبوة، رفض المحافظ عوض بن الوزير أوامر إغلاق ميناء قنا الذي يُعد من أبرز المنافذ النفطية، وهاجم قرار الرئاسي باعتباره “استهدافاً لصرح اقتصادي حيوي”. ويعد الميناء، الذي كان تحت سيطرة أحمد العيسي قبل أن تنتزعه الإمارات، أحد أهم منافذ تهريب النفط والغاز، وقد وُضع ضمن قائمة الموانئ المستحدثة التي أمرت حكومة معين بإغلاقها.
أما في الضالع، مسقط رأس الزبيدي، فقد شرعت السلطات المحلية في صرف عائدات المنفذ البري المستحدث لتمويل رواتب المعلمين، في تجاهلٍ تام لتوجيهات حكومة عدن، ما يعكس حالة العصيان الإداري والمالي المتنامية.
وفي خضم هذا الانقسام، فجّر طارق عفاش، قائد ما تُعرف بـ“المقاومة الوطنية”، قنبلة سياسية جديدة بإعلانه العلني أن المخا وجزر البحر الأحمر، بما فيها ميون وزقر، مناطق خاضعة بالكامل للإمارات. وجاءت التصريحات على لسان مستشاره الإعلامي نبيل الصوفي، الذي قال في تغريدة مثيرة للجدل: “جميع جبهاتنا على الساحل الغربي مدعومة إماراتيًا، وهي خطوطنا الحمراء”.
هذا الإعلان يُعد بمثابة إعلان سيادة موازية داخل الأراضي اليمنية، وردّ مباشر على مساعي المجلس الرئاسي لإخضاع موانئ الساحل الغربي للسلطة المركزية في عدن. واعتبر مراقبون أن موقف طارق يشكل تحديًا صريحًا للحكومة، خصوصًا بعد مطالبة حزب الإصلاح بفتح ملف إيرادات ميناء المخا، والتي تذهب مباشرة إلى حسابات خاصة تابعة لقيادات طارق وشركات إماراتية.
بهذا المشهد المعقد، يبدو أن الجنوب يتجه نحو مرحلة صدام مفتوح بين القوى الموالية للتحالف، وسط غياب تام لسلطة الدولة وتحوّل عدن إلى ساحة صراع بين أجنحة الرياض وأبوظبي. فبينما يسعى الانتقالي إلى فرض أمر واقع جديد يكرّس الانفصال ويقطع الطريق أمام أي نفوذ حكومي، يتمسك طارق صالح بوصايته الإماراتية على الساحل الغربي، في حين تترنح حكومة عدن بين الانقسامات وفقدان السيطرة على مؤسساتها المالية والعسكرية.
ويجمع المراقبون على أن المشهد الجنوبي اليوم لم يعد سياسياً بقدر ما هو عسكري الطابع، حيث تحوّلت الموانئ والمنافذ إلى خطوط تماس بين فصائل المرتزقة، في مؤشر على انفجار وشيك قد يعيد رسم خارطة السيطرة في الجنوب بالكامل.
