المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    صفقة الـF-35 للسعودية.. هل تُسقط تفوق “إسرائيل” في سماء الشرق الأوسط؟

      البنتاغون يوافق على مرحلة متقدمة في صفقة بيع 48...

    إسرائيل وأمريكا يختلقان مؤامرة لتبرير العدوان على العراق

    الكيان الإسرائيلي المحتل، المدعوم من الولايات المتحدة، يعود مجدداً...

    غزة تحت “هدنة الموت”: مجاعة تتفاقم، وأوبئة تنفجر، والاحتلال يخرق الاتفاق وسط تواطؤ أمريكي

    يدخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة يومه الخامس والعشرين وسط مشهد إنساني وبيئي متدهور، حيث تتصاعد الأزمات الصحية والمعيشية في القطاع المحاصر، بالتزامن مع استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وتباطؤ المساعدات، في وقتٍ تسعى فيه واشنطن لإعادة رسم ملامح “اليوم التالي للحرب” بخطة دولية جديدة.

    في الميدان، تسلمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي بعد ترتيبات ميدانية أشرفت عليها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، شرق حي الشجاعية. وقد أكدت مصادر فلسطينية أن عملية التسليم تمت عقب العثور على الجثة خلال عمليات حفر معقدة داخل “الخط الأصفر”، المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال. وبذلك ترتفع حصيلة الجثث التي تسلمها الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء الاتفاق إلى 18 من أصل 28، في حين تواصل القسام البحث عن بقية الجثث تحت أنقاض المناطق المدمرة.

    ورغم وقف إطلاق النار، لا تزال اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي مستمرة، إذ شهدت مناطق خان يونس قصفًا مدفعيًا وغارات جوية جديدة أسفرت عن سقوط شهداء وجرحى، بينما اعتقلت بحرية الاحتلال الإسرائيلي خمسة صيادين فلسطينيين بعد الاعتداء عليهم في عرض البحر. كما أقدمت قوات الاحتلال على تفجير منازل سكنية في أحياء شرقي المدينة، ما يضع الاتفاق الهش على حافة الانهيار.

    إنسانيًا، يعيش القطاع كارثة بيئية وصحية غير مسبوقة، إذ تغمر مياه الصرف الصحي الشوارع والمخيمات نتيجة انهيار شبه كامل لشبكات الصرف التي دُمر أكثر من 90% منها. ومع اقتراب فصل الشتاء، تتزايد المخاوف من تفشي الأوبئة والأمراض الجلدية والمعوية في أوساط النازحين داخل الخيام، في ظل انقطاع المياه الصالحة للشرب وغياب الخدمات الصحية.

    في المقابل، تتواصل أزمة الجوع التي تضرب القطاع، حيث أكد برنامج الأغذية العالمي أن المساعدات لا تغطي سوى 30% من الاحتياجات الفعلية، بينما يحصل مليون شخص فقط على سلة غذائية واحدة كل عشرة أيام. وأوضح البرنامج أن تشغيل معبرين فقط يعرقل توصيل الإغاثة، خاصة إلى شمال القطاع، في ظل إغلاق المعابر الشمالية واستمرار قيود الاحتلال الإسرائيلي على حركة القوافل الإنسانية.

    سياسيًا، تشهد الأوساط الإسرائيلية انقسامًا حادًا حول مستقبل الاتفاق، إذ حذر وزير طاقة الاحتلال إيلي كوهين من أن “حماس لن تسلم سلاحها”، متوقعًا عودة الجيش إلى نشاط مكثف في غزة. في حين نقلت القناة الـ12 العبرية عن مصادر أمريكية مخاوف واشنطن من انهيار الهدنة في ظل استمرار الانتهاكات الميدانية.

    وفي تطور لافت، كشف موقع أكسيوس أن الولايات المتحدة شرعت في تحريك مشروع قرار أمام مجلس الأمن لتشكيل قوة دولية متعددة الجنسيات تتولى إدارة غزة في مرحلة ما بعد الحرب، ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تعيد طرح سيناريو “الإدارة الانتقالية” بمشاركة أطراف عربية وغربية.

    ميدانيًا، يقدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن عدد الشهداء منذ بداية العدوان بلغ 68,865، فيما تجاوز عدد الجرحى 170,670، معظمهم من الأطفال والنساء. كما أكد وجود 9500 مفقود ما زالت جثامينهم تحت الركام، في حين يقبع أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال في ظروف قاسية تتراوح بين التعذيب والإهمال الطبي.

    وتستمر حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في ترك آثارها الكارثية رغم وقف إطلاق النار، إذ وثقت الجهات الحقوقية أكثر من 200 انتهاك مباشر للهدنة، شملت القصف والاعتقالات والتجريف والهدم، في وقتٍ تُقدّر فيه الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار القطاع بـ 70 مليار دولار.

    تحت هذا الواقع الكارثي، يقف قطاع غزة بين فخ المساومات وشروط الاحتلال، وسط مشهد سياسي معقد، واقتصاد منهار، ومجتمعٍ يصارع الموت تحت وطأة الجوع والمرض، فيما تتواصل لعبة الأمم على حساب دماء الفلسطينيين الذين لا يزالون يدفعون ثمن العدوان بلا توقف.

    spot_imgspot_img