تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة لليوم السادس والعشرين على التوالي، وسط تصعيد عسكري واسع شرق خان يونس وغزة، وتفاقم الكارثة الإنسانية في المستشفيات التي باتت عاجزة عن استيعاب الجرحى والمرضى.
وأفادت مصادر فلسطينية بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي نفذ سلسلة غارات جوية وقصفاً مدفعياً مكثفاً على مناطق شرق مدينتي غزة وخان يونس، تزامناً مع عمليات نسف ضخمة شرقي رفح، في انتهاك جديد لبنود الهدنة التي رعتها أطراف دولية وإقليمية.
كما استهدف طيران الاحتلال بلدة بني سهيلا شرق خان يونس بعدة غارات متتالية، تسببت في تدمير منازل سكنية بالكامل ووقوع إصابات بين المدنيين. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد بكثافة من المناطق المستهدفة، في مشهد يعيد للأذهان أجواء العدوان الواسع الذي شنته إسرائيل قبل أسابيع.
في المقابل، تعيش مستشفيات قطاع غزة حالة انهيار غير مسبوقة، مع تكدس مئات الجرحى ونفاد الإمدادات الطبية. وأكدت وزارة الصحة أن نسبة إشغال الأسرّة وصلت إلى 225%، فيما تعمل أغلب المستشفيات دون كهرباء كافية أو وقود للمولدات. وأضافت أن العديد من الجرحى يفترشون أرضيات الممرات في انتظار تلقي الإسعافات الأولية، وسط نقص حاد في الأدوية والمحاليل الطبية.
وفي تطور ميداني لافت، أفادت مصادر فلسطينية بأن فريقاً مشتركاً من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكتائب عز الدين القسام توجه إلى حي الشجاعية شرق مدينة غزة، لمواصلة عمليات البحث عن جثث أسرى صهاينة يعتقد أنها مدفونة تحت أنقاض المناطق المدمرة بفعل الغارات الإسرائيلية.
وفي سياق متصل، أعلنت وسائل إعلام فلسطينية وصول جثامين 15 شهيداً إلى مستشفى ناصر بخان يونس، كانت سلطات الاحتلال قد سلمتها وفق اتفاق وقف إطلاق النار، ما يرفع عدد الجثامين التي سلّمها العدو حتى اليوم إلى 285 شهيداً.
من جهتها، بثت كتائب القسام شريطاً مصوراً جديداً بعنوان “هذا هو المشهد الحقيقي”، كشفت فيه تفاصيل عملية خداع استخباري نفذها مقاتلوها لتضليل جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء عمليات استخراج جثث الأسرى القتلى. وأوضحت الكتائب أن الاحتلال كان يراقب عمليات الانتشال عبر طائرات مسيّرة، مضيفة أن “المواقع التي رصدها أدرجها لاحقاً ضمن بنك أهدافه لاستهدافها خلال موجات القصف بعد سريان وقف النار”.
وأكدت القسام أنها اتبعت أساليب تمويه دقيقة لمنع العدو من الحصول على أي معلومات حقيقية حول أماكن دفن أو احتجاز جثث جنوده، ووصفت المشاهد التي بثها الاحتلال سابقاً لعملية استخراج إحدى الجثث بأنها “جزء من عملية تضليل أمني نفذها جهاز أمن المقاومة وانطلت على العدو”.
وختمت القسام الفيديو بعبارة حادة جاء فيها: “أخلاق المقاومة وتعاليم ديننا الحنيف في التعامل مع الأسرى وجثامين القتلى لا تستوعبها عقول النازيين ومصاصي الدماء”.
وفي وقت لاحق، أعلنت القسام نيتها تسليم جثة أحد أسرى الاحتلال الذين تم العثور عليهم مساء اليوم في حي الشجاعية إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وكان الجناح العسكري لحماس قد سلّم قبل أيام جثث ثلاثة أسرى إسرائيليين، من بينهم العقيد أساف حمامي، وهو أعلى ضابط أسير لدى القسام منذ عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن الاحتلال الإسرائيلي تسلم حتى الآن 21 جثة من أصل 28 أسيراً مفقوداً، إلى جانب إطلاق سراح 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما ما زالت عمليات البحث مستمرة وسط دمار هائل يعقّد جهود الفرق الميدانية.
في المقابل، تؤكد المقاومة الفلسطينية أن استمرار خروقات الاحتلال اليومية يهدد بانهيار الهدنة، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التصعيد المستمر ضد المدنيين والبنية التحتية.
ومع اتساع رقعة الدمار وازدياد معاناة السكان، يبدو أن قطاع غزة يسير نحو مرحلة أكثر تعقيداً، حيث يتقاطع الانهيار الإنساني مع تصعيد عسكري ميداني قد يُفجر الأوضاع مجدداً في أي لحظة، في ظل عجز المجتمع الدولي عن إلزام إسرائيل ببنود الاتفاق ووقف جرائمها المتكررة ضد المدنيين العزّل.
