ألقى قائد أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي كلمة شاملة في المؤتمر القومي العربي المنعقد في بيروت، تناول فيها مجمل التطورات الإقليمية والدولية، محذراً من حجم المؤامرات التي تستهدف الأمة ومؤكداً على ضرورة التمسك بالثوابت والاعتماد على عناصر القوة لمواجهة المخاطر.
أكد السيد الحوثي أن انعقاد المؤتمر القومي العربي في هذا التوقيت الحساس يعكس أهمية الوعي الجمعي في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني، مشيراً إلى أن أعداء الأمة يجاهرون اليوم بمشاريعهم لإقامة ما يسمونه “إسرائيل الكبرى” وتغيير الشرق الأوسط، في حين يقف بعض أبناء الأمة “غافلين أو متواطئين أو مزيفين للوعي”، يروجون لخطاب العدو الذي يسعى لتجريد الشعوب من عناصر قوتها.
وأوضح أن العدو الإسرائيلي يسعى بشراكة أمريكية إلى فرض معادلة الاستباحة بحيث يُوجَّه اللوم إلى الضحية، بينما يُعفى المعتدي من جرائمه. وقال إن محاولات نزع سلاح المقاومة في لبنان وغزة جزء من مخطط السيطرة والإخضاع، وإن الموالين للعدو يساهمون في خيانة الأمة والتفريط بحريتها واستقلالها. واصفاً العدو بأنه “مجرم طاغٍ متجرد من كل القيم الإنسانية”، مشيراً إلى أن عدوانيته وأحقاده تتجلى بوضوح في فلسطين ولبنان وسائر المنطقة ضمن مشروع صهيوني معلن.
وشدد القائد على أن السبيل الوحيد لمواجهة طغيان العدو هو الأخذ بكل عناصر القوة لا الرضوخ لإملاءاته، منتقداً أولئك الذين يتجاهلون الثبات العظيم في غزة ولبنان وجبهات الإسناد، أو يتنكرون للمعادلة الذهبية القائمة على الجيش والشعب والمقاومة، والتي منعت العدو من تحقيق أهدافه. كما حذّر من محاولات واشنطن و”إسرائيل” لجرّ الشعوب العربية إلى مربع الضعف والتبعية، تحت عنوان ما يسمى “تغيير الشرق الأوسط”.
وفي استعراض تفصيلي، تحدث السيد الحوثي عن دور جبهات الإسناد وفي مقدمتها حزب الله الذي “قدّم تضحيات عظيمة وثباتاً أسطورياً”، مشيراً إلى أن دور اليمن كان واضحاً ومؤثراً على المستويين الشعبي والعسكري، حيث “نفذت قوات اليمن 1830 عملية عسكرية ما بين صواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيّرة وزوارق حربية”، وجرى خلال تلك العمليات استهداف 228 سفينة تابعة للأعداء، ما أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش لعامين متواصلين وتكبيد العدو خسائر اقتصادية فادحة.
وأضاف أن قوات اليمن أسقطت 22 طائرة تجسس أمريكية من طراز MQ-9، في عمليات كان لها أثر كبير في إفشال الخطط الأمريكية لتدمير القدرات اليمنية. كما واجهت القوات اليمنية خمس حاملات طائرات أمريكية وأجبرتها على مغادرة مسرح العمليات، في حين بلغت الغارات الأمريكية والإسرائيلية على اليمن أكثر من 3000 غارة بمشاركة قاذفات استراتيجية من طراز B-2 وB-52 وطائرات F-35، مؤكداً أن اليمن قدّم خلال هذه المواجهة مئات الشهداء والجرحى بينهم رئيس الوزراء وعدد من الوزراء ورئيس الأركان الشهيد محمد عبد الكريم الغماري.
وأشار القائد إلى أن الحضور الشعبي اليمني كان غير مسبوق في التاريخ، حيث استمرت المسيرات المليونية الأسبوعية على مدى عامين، وبلغت الفعاليات العلمائية والطلابية والقبلية أكثر من نصف مليون فعالية، بينما بلغ عدد المتدربين عسكرياً مليوناً ومائة وثلاثة عشر ألف متدرب في إطار التعبئة العامة، بمشاركة واسعة من الرجال والنساء، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، مصحوبة بحملات تبرع ودعم مستمرة.
وأكد السيد الحوثي أن هذه الأنشطة تعكس إيمان الشعب اليمني بقضيته القومية والإسلامية، وثباته على نهج دعم فلسطين، مشدداً على أن العدو يحاول فرض منطق القوة وسلب الأمة حقوقها المشروعة، وتشويه الصراع ليبدو وكأنه نزاع بين إيران و”إسرائيل” لا علاقة للعرب به، واصفاً هذه الرواية بأنها “أطروحة سخيفة تتجاهل الحقائق الواضحة”، إذ إن البلاد المحتلة عربية، والضحايا عرب، والمجازر تُرتكب بحق العرب.
وأوضح أن الدور الإيراني هو دور داعم ومساند للعرب وقضاياهم المركزية، معتبراً أن ثمرة الصمود في غزة وجبهات الإسناد والصحوة الشعبية العالمية هي التي أجبرت العدو على إعلان وقف عدوانه، لكنه حذر في الوقت نفسه من محاولات الالتفاف والغدر الصهيوني لاستئناف العدوان، داعياً إلى الاحتفاظ بعناصر القوة وتنميتها لإفشال مخططاته.
وختم القائد كلمته بالتأكيد على أن ما تحتاجه الأمة اليوم هو التمسك بالثوابت والاعتماد على عناصر القوة، وتوسيع الوعي الجماهيري، وتعزيز المقاومة بكل أشكالها، لأن العدو لا يفهم إلا لغة الردع، مؤكداً أن الثبات في مواجهة العدو هو الطريق الحقيقي نحو النصر والكرامة والتحرر من الهيمنة الأمريكية الصهيونية.
