لم يعد خافيًا على أحد أن العلاقة بين المملكة العربية السعوديّة والولايات المتحدة الأمريكية هي علاقة استراتيجية معقّدة ومتعددة الأبعاد، قائمة على التبعية والطاعة العمياء وتبادل المصالح، منذ أن أُنشئت مملكة آل سعود بدعمٍ من البريطانيين والغرب، ووُضعت في قلب الجزيرة العربية، تمامًا كما وُضع الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية، ليشكّلا معًا خنجرين مسمومين في خاصرة الأُمَّــة الإسلامية.
السعوديّة تريد من أمريكا: الضمانات الأمنية والعسكرية:
لا يستطيع النظام السعوديّ البقاء على عرشه دون الحماية الأمريكية، وهو وهمٌ قديم عفا عليه الزمن.
وقد كشفت الأحداث والوقائع أن “الغول الأمريكي” لم يعد قادرًا حتى على حماية نفسه.
كذلك، تسعى السعوديّة إلى الحماية من “البعبع الإيراني”، رغم أن الأيّام كشفت أنه لا مطامع لإيران في السعوديّة، بل إن النظام السعوديّ نفسه تأكّـد من ذلك، وعقد معها علاقات دبلوماسية ممتازة.
فليس هناك أي تهديدات إقليمية حقيقية للسعوديّة، لا من بعيد ولا من قريب.
حتى اليمن لا يهدّد المملكة، بل يُبدي لها كامل الاحترام وحق الجوار، بقدر ما يدافع عن نفسه من الاستهداف المتكرّر من قبل النظام السعوديّ.
التسليح العسكري:
على المستوى العسكري، تسعى السعوديّة لشراء أحدث الأسلحة الأمريكية – مثل الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الصاروخي – للحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة.
رغم أن الأحداث والحروب التي جرت وتجري في الشرق الأوسط أثبتت فشل الدفاعات الأمريكية وقواتها الجوية والبحرية، وأبرز مثال على ذلك ما حدث لها في حرب اليمن، حَيثُ سقطت هيبتها العسكرية، حتى في دعمها اللوجستي.
الدعم السياسي والدبلوماسي:
تريد السعوديّة دعمًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا لسياساتها الإقليمية، واعترافا بدورها القيادي في العالمين العربي والإسلامي – وهو وهمٌ يُضاف إلى أوهامها؛ إذ إن سياستها الخارجية فاشلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ففي المسار الفلسطيني، لم تقدّم السعوديّة أي حَـلّ للقضية الفلسطينية، بل مارست المتاجرة والبيع والخيانة، وأكبر مثال على ذلك مشروع التطبيع مع كَيان الاحتلال.
البقاء تحت الوصاية الأمريكية: تريد السعوديّة أن تظل شريكًا موثوقًا للولايات المتحدة في ضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية، وفي ذات الوقت أن تبقى تحت وصايتها.
الاستثمار ونقل التكنولوجيا: في إطار “رؤية 2030″، تتطلع السعوديّة إلى جذب استثمارات أمريكية ضخمة وشركات تكنولوجيا عملاقة للمساعدة في تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، خَاصَّة في مجالات التكنولوجيا، والرقمنة، والذكاء الاصطناعي، والصناعات العسكرية.
ولو كانت أمريكا صادقة في سياستها، لحقّقت هذا الدعم منذ زمن بعيد.
أمريكا تريد من السعوديّة.. استنزاف الثروة النفطية:
إن أبرز ما تريده أمريكا من المملكة هو استمرار “حلب” النفط واستنزاف أموال الخزينة السعوديّة.
استخدام السعوديّة كأدَاة في مخطّطاتها:
تريد أمريكا استخدام المملكة كعَكاز تتوكّأ عليه لتنفيذ مخطّطاتها ومشاريعها الاستعمارية، والاستفادة من نفوذها في منظمة “أوبك” ضد النظام الروسي، خَاصَّة أثناء حربه مع أوكرانيا.
التعاون الأمني والاستخباراتي “المزعوم”:
تشير أمريكا إلى التعاون في “مكافحة الإرهاب”، بينما الحقيقة أن هذا التعاون كان غطاءً لدعم الإرهاب وتبنيه، خَاصَّة ضد تنظيمات مثل القاعدة وداعش والنصرة.
التطبيع مع إسرائيل:
تريد أمريكا من السعوديّة أن تكون حجر الزاوية في التطبيع مع كَيان الاحتلال.
ونرى بوضوح أن الولايات المتحدة تضغط على المملكة للمضي قُدمًا في هذه العملية؛ باعتبَارها إنجازا استراتيجيًّا كَبيرًا لأمريكا في المنطقة، مستغلةً الرمزية الدينية للمملكة واحتضانها للمقدسات الإسلامية.
الصفقات العسكرية والاستثمارات:
تُعد الصفقات العسكرية الضخمة والاستثمارات الاقتصادية مع السعوديّة دعمًا كَبيرًا للاقتصاد الأمريكي.
الخلاصة
أن العلاقة السعوديّة–الأمريكية هي علاقة متبادلة ومتجذّرة، مبنية على المصالح المشتركة والاستراتيجيات التغييرية التي تهدف إلى إعادة تشكيل وجه المنطقة والحفاظ على الهيمنة والاستكبار الأمريكيَّين على الاقتصاد العالمي.
هذه العلاقة تتكيف وتتطوّر مع تغيّر الأولويات في كلا البلدين، لكنها تظلّ واحدة من الركائز الأَسَاسية للسياسة الشيطانية في الشرق الأوسط.
