المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    مشاة البحرية الأمريكية: “اليمنيون أعادوا تعريف الحرب البحرية الحديثة”.. المارينز يعترفون بتفوق تكتيكات أنصار الله في البحر الأحمر

    في اعتراف غير مسبوق، نشر موقع مشاة البحرية الأمريكية (U.S. Marine Corps Association) تقريراً عسكرياً مفصلاً، أقرّ فيه عدد من ضباط المارينز بأن التجربة اليمنية – وبالأخص نموذج “أنصار الله” في المواجهة البحرية والجوية – أصبحت إحدى أهم المدارس القتالية الحديثة التي تفرض على واشنطن مراجعة عقيدتها العملياتية في الحروب المقبلة.

    التقرير الذي أعدّه الكابتن تايلر سيجان، أكد أن ما حققه اليمنيون في البحر الأحمر “يمثل تحوّلاً جذرياً في التفكير العسكري الأمريكي”، مشيراً إلى أن اليمن تمكّن من فرض معادلة الردع البحري دون امتلاك جيش نظامي أو سلاح جو أو بحرية تقليدية، الأمر الذي وصفه التقرير بـ“الدرس القاسي الذي يجب أن يتعلمه المارينز قبل فوات الأوان”.

    وأوضح الكاتب أن قدرات اليمنيين غيرت موازين الاشتباك البحري كلياً، إذ أجبرت الأساطيل الأمريكية والبريطانية على التموضع الدفاعي لأكثر من عامين، بعد أن أثبتت الطائرات المسيّرة اليمنية، والقوارب المتفجرة، والصواريخ البحرية، قدرتها على اختراق أنظمة الدفاع المتقدمة وتهديد حاملات الطائرات في الممرات الاستراتيجية.

    وكشف التقرير أن التكلفة المالية للهجمات اليمنية كانت فادحة بالنسبة لواشنطن، إذ أنفقت الولايات المتحدة “أكثر من مليار دولار” في عمليات اعتراض صواريخ ومسيرات، مقابل أسلحة يمنية لا تتجاوز قيمتها الإجمالية بضع مئات آلاف الدولارات. ووصف الكابتن سيجان ذلك بأنه “نموذج غير متكافئ من الحرب الاقتصادية والعسكرية استطاع تحويل نقاط ضعف الفقراء إلى نقاط قوة مدمّرة للأغنياء”.

    وأشار التقرير إلى أن أسلوب “عدم التماثل” الذي يعتمده اليمنيون – القائم على الاستنزاف والإرباك بدلاً من المواجهة المباشرة – أصبح “كابوساً تكتيكياً للبحرية الأمريكية”. واستشهد الكاتب بعدة عمليات بارزة، منها استهداف ناقلة “مارلين لواندا” في يناير 2024، وإغراق السفينة التجارية “MV Tutor” في يونيو 2024 بواسطة زورق مسيّر يمني، واصفاً تلك العمليات بأنها “نقطة تحول في الحروب البحرية المعاصرة”.

    وأكد التقرير أن المرونة الميدانية والقدرة على البقاء لدى القوات اليمنية “مذهلة”، موضحاً أن وحدات الإطلاق تستخدم شاحنات متنقلة كمنصات لإطلاق الصواريخ، تُخفيها حتى لحظة الضرب، ثم تنسحب وتذوب في تضاريس وعرة يستحيل على الأقمار الصناعية تتبّعها. وأشار إلى أن صاروخ “قدس-4” الذي أُطلق في فبراير 2025 كان مثالاً على “ذكاء قتالي فريد” أربك أجهزة الاستخبارات الأمريكية تماماً.

    كما لفت التقرير إلى أن وحدات الإطلاق اليمنية تُنصهر بعد كل عملية، في ما يشبه “الموت التكتيكي”، بحيث لا تترك أي إشارات إلكترونية تدل على موقعها. وأضاف أن أنظمة الاتصالات اليمنية تعمل بأسلوب “تحكم انبعاثي” منخفض للغاية، ما يجعل تعقبها شبه مستحيل، رغم امتلاك واشنطن أقوى تقنيات التجسس في العالم.

    وأكد الكابتن سيجان أن القوات اليمنية تستخدم ترسانة متنوعة ومتكاملة من الأسلحة تشمل صواريخ كروز مضادة للسفن، وصواريخ باليستية بحرية، وطائرات مسيّرة هجومية، وزوارق غير مأهولة، ما أجبر البحرية الأمريكية على مواجهة “مزيج معقد من التهديدات الجوية والسطحية وتحت السطحية في وقت واحد”.

    وأشار إلى أن بعض المدمرات الأمريكية اضطرت لاعتراض موجات متتالية من الصواريخ والطائرات المسيّرة، كل واحدة منها تستنزف ذخائر دفاعية بملايين الدولارات، في مواجهة هجمات منخفضة الكلفة لكنها عالية الذكاء.

    ويعترف التقرير بأن اليمنيين نجحوا في فرض آثار استراتيجية عالمية، منها تعطيل جزء كبير من التجارة الدولية عبر البحر الأحمر، وإجبار مجموعتين من حاملات الطائرات الأمريكية على إعادة التموضع خارج النطاق اليمني، رغم غياب أي “أسطول بحري رسمي” لدى صنعاء.

    ويرى الكابتن سيجان أن هذه التجربة اليمنية أجبرت المارينز على إعادة النظر في مفهوم التفوق العسكري القائم على التكنولوجيا، إذ أظهرت أن “المهارة والمرونة والذكاء الميداني يمكنها كسر التفوق التقني مهما بلغت درجته”.

    واختتم الكاتب تقريره بالقول: “إن التواضع هو ما تحتاجه المؤسسة العسكرية الأمريكية اليوم. ما يفعله اليمنيون في البحر الأحمر يجسّد جوهر القتال الذكي — إنجاز المزيد بالموارد الأقل. لقد ظننا أننا نملك كل الإجابات، حتى جاء خصم غير متوقّع من جبال صنعاء ليعلّمنا كيف تُخاض الحروب في القرن الحادي والعشرين”.

    ونقل التقرير عن أحد الرقباء الأمريكيين المشاركين في محاكاة ميدانية قوله:”لم نعتقد يوماً أننا سنتعلم من مقاتلين يمنيين… لكن اليوم؟ نحن ندرّس تكتيكاتهم في دوراتنا.” وختم الموقع العسكري الأمريكي مقاله بعبارة مقتضبة حملت دلالات عميقة: “لقد نجحت.” — في إشارة إلى أن اليمن استطاع فعلياً تغيير قواعد الحرب البحرية الحديثة، وفرض واقع جديد في التفكير العسكري الأمريكي، لم يعد بالإمكان تجاهله.

    spot_imgspot_img