المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    اليوم الأربعون للهدنة في غزة.. قصف إسرائيلي واعتقال أكثر من 100 فلسطيني بالضفة قانون إعدام الفلسطينيين، وخطة أمريكية تعيد رسم خريطة غزة

    في اليوم الأربعين من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بدت الهدنة أكثر هشاشة من أي وقت مضى، إذ واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاته للاتفاق عبر عمليات قصف ونسف استهدفت مناطق عدة داخل الخط الأصفر، ما أسفر عن استشهاد فلسطينيين اثنين جنوب القطاع، بزعم اقترابهما من مواقع عسكرية إسرائيلية.

    ورغم استمرار وقف النار شكلياً، تشهد غزة توغلات محدودة وغارات خاطفة تحمل دلالات على أن الاحتلال لا يزال يحافظ على “جهوزية قتالية عالية” تحت ذريعة حماية قواته. ويأتي ذلك وسط جمود سياسي وإنساني، مع استمرار القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات، وغياب أي تقدم في ملفات إعادة الإعمار أو تبادل الأسرى.

    الضفة الغربية تشتعل: اقتحامات واعتقالات جماعية

    شهدت الضفة الغربية المحتلة فجر الأربعاء موجة اقتحامات واسعة نفذها جيش الاحتلال طالت مدناً وبلدات في الخليل وطولكرم وبيت لحم. وأفادت مصادر فلسطينية بأن نحو 100 مواطن اعتقلوا في بلدة بيت أمر شمالي الخليل، في واحدة من أكبر حملات الاعتقال منذ بداية العام.
    وحولت قوات الاحتلال الملعب البلدي في البلدة إلى مركز تحقيق ميداني، وفرضت حصاراً كاملاً عبر السواتر الترابية والبوابات الحديدية، فيما داهمت عشرات المنازل وحوّلت بعضها إلى ثكنات عسكرية.

    ويأتي هذا التصعيد بعد ساعات من عملية دهس وطعن في مفترق “غوش عتصيون” جنوب الضفة، أدت إلى مقتل مستوطن إسرائيلي وإصابة ثلاثة آخرين، قبل أن يستشهد منفذا العملية برصاص الاحتلال. وأعقب الحادثة إغلاق شامل لمناطق بيت أمر وبيت لحم والخليل، وسط استمرار حملات الاعتقال التي طالت ذوي منفذي العملية.

    وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد استشهد الشابان عمران الأطرش ووليد صبارنة برصاص الاحتلال قرب بيت لحم، فيما واصلت قوات الجيش عمليات المداهمة والتدمير لمنازل الشهداء في أحياء واد الهرية وأبو كتيلة ودير سامت. وتشير التقديرات إلى أن عدد الشهداء في الضفة الغربية تجاوز 1076 منذ اندلاع حرب الإبادة في غزة، فيما ارتفع عدد المعتقلين إلى أكثر من 20 ألفاً.

    صور صادمة تكشف انهيار المنظومة الأخلاقية لجيش الاحتلال

    في تطور أثار غضباً واسعاً، نشر جندي إسرائيلي صورة على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي كتب فيها “فلسطيني للبيع”، مرفقة بصورة لأحد المعتقلين الفلسطينيين، في سلوك وُصف بأنه تجسيد للوحشية الممنهجة والإفلات من العقاب داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
    بالتزامن، تداول ناشطون مقطع فيديو يُظهر اختطاف شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة في جباليا على يد جنود الاحتلال، وسط غياب أي معلومات عن مصيره.

    وأعاد هذا السلوك التذكير بما كشفه الوثائقي البريطاني “كسر الصفوف: داخل حرب إسرائيل”، الذي بثته قناة “Channel 4”، وضم شهادات لجنود إسرائيليين أقرّوا بإطلاق النار بلا تمييز على مدنيين في غزة، وبتلقيهم أوامر مباشرة بتدمير مناطق سبق تصنيفها “آمنة”. وأكد محللون أن هذه الوقائع تؤكد الطابع الإبادي للحرب الإسرائيلية، والانهيار الأخلاقي داخل جيش الاحتلال.

    إسرائيل تتجه لتشريع الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين

    في القدس المحتلة، اندلع جدل سياسي وأخلاقي داخل الكنيست الإسرائيلي بعد كشف تفاصيل مشروع قانون جديد لإعدام الأسرى الفلسطينيين، تقدم به وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وحزبه “القوة اليهودية”.
    وينص القانون على تنفيذ الإعدام بالحقنة السامة (السم)، على أن يُحكم به دون استئناف أو عفو، وأن يكون قابلاً للتطبيق على كل من “يقتل يهودياً بدافع قومي”.

    وشهدت جلسة لجنة الأمن القومي طرد ممثل نقابة الأطباء الإسرائيلية بعد رفضه السماح بمشاركة الأطباء في تنفيذ العقوبة، مؤكداً أنها “تتعارض مع أخلاقيات المهنة ومبادئ الطب الدولي”.
    ويصف مراقبون مشروع القانون بأنه أخطر تشريع عنصري في تاريخ إسرائيل الحديث، ويأتي في سياق تصاعد الخطاب الفاشي داخل الحكومة الإسرائيلية، التي تسعى لتمريره قبل الانتخابات العامة المقبلة.

    واشنطن ترسم مستقبل غزة بخريطة “انسحاب مشروط”

    وفي تطور موازٍ، كشفت خريطة أمريكية رسمية صادرة عن البيت الأبيض ملامح خطة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة رسم مستقبل الوجود الإسرائيلي في غزة. تُظهر الخريطة مراحل انسحاب تدريجي من القطاع عبر ثلاث مراحل تمتد من الشمال إلى الجنوب، بحيث ترتفع مساحة المناطق غير الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية من 20% حالياً إلى 82% بعد المرحلة الثالثة.

    لكن الوثيقة المرفقة بالخطة توضح أن “منطقة أمنية عازلة” بعرض 18% من مساحة غزة ستظل تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة “حتى التأكد من زوال أي تهديد مسلح”.
    ويرى مراقبون أن الخطة الأمريكية تمثل إعادة إنتاج لصيغة “الاحتلال الذكي”، الذي يبقي على السيطرة الأمنية دون وجود عسكري كثيف، ما يجعلها نسخة محدثة من مشاريع الوصاية التي ترفضها الفصائل الفلسطينية.

    وبينما تصف واشنطن الخطة بأنها “خارطة طريق للأمن والاستقرار”، يعتبرها الفلسطينيون محاولة لتكريس واقع التقسيم والهيمنة الإسرائيلية، خصوصاً مع غياب أي التزامات سياسية تجاه رفع الحصار أو الاعتراف بحق الفلسطينيين في السيادة.

    خاتمة المشهد: وقف هش ونظام دموي يتوسع

    تتزامن هذه التطورات – من انتهاكات الهدنة في غزة، والاقتحامات في الضفة، والتشريعات الإسرائيلية العنصرية، إلى الخطة الأمريكية التي تُبقي الاحتلال قائماً بصيغ جديدة – لتكشف عن مرحلة خطيرة من إعادة هندسة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

    في الوقت الذي تتحدث فيه تل أبيب وواشنطن عن “سلام واستقرار”، تتواصل عمليات القتل والاعتقال والتهجير على الأرض، في مشهدٍ يعكس ازدواجية الخطاب الدولي وانحيازه السافر للاحتلال.

    إن ما يجري اليوم في فلسطين، من غزة إلى الخليل، يؤكد أن الهدنة ليست سوى فصل جديد في حرب مستمرة، وأن الاحتلال – بدعم أمريكي مباشر – يعيد إنتاج أدوات السيطرة والهيمنة، فيما يواجه الفلسطينيون سياسات الإبادة بعزيمة وصمود غير مسبوقين.

    spot_imgspot_img