في خطاب بالغ الأهمية بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لعيد الجلاء الوطني، أكّد السيد قائد أنصار الله عبدالملك الحوثي أن اليمن ومعه الأمة الإسلامية يواجهان مرحلة مصيرية من الصراع مع قوى الاستعمار الحديث التي تقودها أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، مشيراً إلى أن الاستقلال الحقيقي لا يتحقق إلا بالمقاومة والوعي والإعداد، وأن الشعب اليمني اليوم يسير على خطى أجداده الذين حرروا البلاد من الاحتلال البريطاني قبل أكثر من نصف قرن.
قال السيد الحوثي إن الاحتلال البريطاني لليمن على مدى 128 عاماً مثّل واحدة من أكثر الحقب وحشية في التاريخ الإنساني، ارتكبت خلالها الإمبراطورية البريطانية جرائم إبادة واستعباد ونهب للثروات، واستطاعت البقاء طويلاً بفضل الخونة والعملاء المحليين الذين جنّدوا أنفسهم لخدمتها وسهّلوا لها السيطرة بأقل كلفة.
وأضاف أن الاستعمار لم يرحل فعلياً، بل أعاد إنتاج نفسه بوجوه جديدة تحمل قناعاً أمريكياً وإسرائيلياً، تستخدم الأنظمة العميلة والجماعات المنقسمة لتمزيق الأمة وإبقاء الشعوب خاضعة للهيمنة الغربية.
وأوضح أن المنظومة الغربية بعد فشل الاحتلال المباشر فرضت سيطرة خفية من خلال التعليم والإعلام والثقافة، ومنعت أي نهضة حقيقية أو وحدة إسلامية يمكن أن تجعل الأمة مستقلة وقوية، مشيراً إلى أن تمكين الكيان الصهيوني في فلسطين كان خطوة مركزية في مشروع “إسرائيل الكبرى” الذي يهدف إلى إخضاع المنطقة وجعلها رهينة بيد الأمريكي والإسرائيلي.
واعتبر أن ما يجري اليوم من عدوان على غزة ولبنان وسوريا واليمن هو استمرار لنفس النهج الاستعماري الذي يسعى إلى السيطرة الكاملة على المنطقة تحت شعار “تغيير الشرق الأوسط”، أي تسليم بلدانها لمعادلة الخضوع والاستباحة لصالح العدو الصهيوني.
وأكد السيد الحوثي أن اليمن اليوم في طليعة المواجهة مع هذا المشروع الاستعماري، وأنه يقف شامخاً في نصرة الشعب الفلسطيني والمظلومين في الأمة رغم العدوان والحصار، مشدداً على أن الأعداء يستعدون لجولة جديدة من التصعيد ضد الشعوب الحرة، مما يفرض على اليمنيين المزيد من الجهوزية والاستعداد العسكري والأمني. وقال إن الشعب اليمني لا يمكن أن يقبل بالعبودية أو الخنوع، فهو شعب التوحيد والإيمان الذي يدرك أن الاستسلام للطغاة يعني الذل والخسارة في الدنيا والآخرة.
وأشار إلى أن الموقف اليمني الثابت في مواجهة التحالف الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي جعله في موقع الريادة بين أحرار العالم، لافتاً إلى أن الفعاليات الشعبية والوقفات القبلية المستمرة في عموم المحافظات تعكس وعي الشعب واستعداده المستمر للمواجهة.
ودعا قاد الثورة الشعب اليمني إلى المشاركة المليونية في ميدان السبعين لإيصال رسالة قوة وثبات إلى العالم، تؤكد أن اليمن لن يتخلى عن قضاياه ولا عن واجبه في الدفاع عن الأمة وفلسطين.
وختم السيد عبدالملك الحوثي خطابه بالتأكيد أن المعركة اليوم ليست معركة جغرافيا أو سياسة بل معركة مصير وهوية، وأن اليمن بثقافته القرآنية وإيمانه الراسخ سيظل في مقدمة صفوف المقاومة حتى إسقاط المشروع الصهيوني الأمريكي وتحرير كل شبر من الأرض العربية والإسلامية من وصاية الاستكبار العالمي، مؤكداً أن النصر وعدٌ إلهيٌ محتوم وأن فجر الحرية قادم مهما طال ليل العدوان.
