المشهد اليمني الأول| تقارير

في ظلّ تردّي الأوضاع الصحّية في اليمن نتيجة استمرار الحرب، سُجّلت إصابة 419 مواطناً يمنيّاً بمرض الكوليرا في العاصمة صنعاء ومحافظتَي الحديدة وتعز، في أقلّ من أسبوع، ما تسبّب بوفاة 22 مصاباً حتّى الآن، ولا تزال الأرقام مرشّحة للإرتفاع.
واقترن تفشّي وباء الكوليرا باندلاع الحروب منذ الحرب العالمية الأولى، فـ”الكوليرا” الناتجة من التلوّث البيئي تُعدّ من الأمراض المعدية الأكثر انتشاراً في أوساط السكّان، الذين يعانون من سوء التغذية الحادّ، والذي يُعدّ بيئة خصبة لتفشّي هذا النوع من الأمراض والإجهاز على حامله.
318 مصاباً في الحديدة
وأكّدت مصادر طبّية في محافظة الحديدة وفاة 15 شخصاً، بينهم 8 أطفال، خلال الأيّام الأربعة الماضية في المحافظة، نتيجة تفشّي وباء الكوليرا.
وأوضحت المصادر أن الجفاف الحادّ الذي تعرّض له بعض المصابين أدّى إلى إصابة اثنين منهم بفشل كلوي، مشيرة إلى أن العشرات من المصابين يرقدون في مستشفيات المحافظة العامّة والخاصّة.
وأفادت مؤسّسة “رصد لحقوق الإنسان” التي تتّخذ من محافظة الحديدة مقرّاً لها، من جهتها، بارتفاع عدد الإصابات إلى 318 شخصاً، أغلبهم من الأطفال والنساء الحوامل، بذات الأعراض.
كما أفادت بأن الارتفاع المتسارع لأعداد المصابين بالكوليرا يرقى إلى درجة وباء، وهو ما يوجب على السلطات الطبّية في المحافظة إعلان حالة الطوارئ، وعزل المناطق التي ظهر فيها المرض، وقيام السلطات الطبّية باتّخاذ إجراءات عاجلة.
سلاح جرثومي؟
ونبّهت المؤسّسة، في بيانها، إلى عدم قدرة مستشفيات مدينة الحديدة على علاج المصابين بالوباء، محذّرة من كارثة صحّية في ظلّ استمرار وصول العشرات من المصابين من محافظتَي تعز وريمة إلى مستشفيات الحديدة.
ولم تستبعد أن يكون مصدر انتشار الكوليرا في الحديدة سلاحاً جرثوميّاً يُستخدم ضمن الحرب البيولوجية غير المعلنة بهدف إيقاع أكبر قدر من الضحايا، مشيرةً إلى أن التلوّث الجرثومي الذي يحدثه ذلك النوع من السلاح، الذي سبق أن استُخدم من قبل القوّات الأمريكية في العراق عام 2003، يظلّ أثره حتّى بعد توقّف الحرب.
الارتفاع المتسارع لأعداد المصابين بالكوليرا يرقى إلى درجة وباء
68 حالة في تعز
وأعلن منسّق برنامج الأمم المتّحدة لرعاية الطفولة الـ”يونيسيف”، خزام حسين، تسجيل 68 حالة إصابة بوباء الكوليرا، موزّعة على 46 حالة في مديرية موزع، و22 حالة في مديرية مقبنة، بالإضافة إلى تسجيل حالات مشابهة غربيّ محافظة تعز، بحسب ما بيّنت نتائج الفحص الأوّلي.
وأكّد حسين أن وباء الكوليرا تسبّب بوفاة سبع حالات في مديريّات المحافظة خلال الفترة الماضية، لافتاً إلى أن هناك اشتباهاً في حالات مماثلة لمرض الكوليرا.
من جانبه، ناشد مدير مكتب الصحّة العامّة في تعز، الدكتور حسن العزي، المنظّمات الإنسانية التدخّل العاجل لمكافحة وباء الكوليرا.
11 حالة في صنعاء
وأبلغت وزارة الصحّة اليمنية منظّمة الصحّة العالمية، الأسبوع المنصرم، عن تسجيل ثماني حالات كوليرا، معظمها لأطفال في حيّ واحد في العاصمة صنعاء. ومنتصف الأسبوع الحالي، أعلنت الوزارة، على لسان مدير عام مكافحة الأمراض والترصّد الوبائي، الدكتور عبد الحكيم الكحلاني، أنّه تمّ تسجيل 11 حالة إصابة بمرض الكوليرا داخل أسرة واحدة تقطن في العاصمة صنعاء.
ولفت الكحلاني إلى أن السلطات تقوم بعمل تحرّيات عن انتشار الوباء، سواءً في العاصمة أو مناطق أخرى، متحدّثاً عن تلقّي الوزارة بلاغات بإصابات بالكوليرا من بعض المحافظات، ولكن الفحوصات المخبرية كانت سليمة.
وكشف أنّه يجري حاليّاً فحص عيّنات أخرى، معرباً عن أمله في أن تكون سليمة من المرض.
الوقاية دون علاج
واستعانت وزارة الصحّة العامّة والسكّان في العاصمة صنعاء، مؤخّراً، بوسائل الإعلام المحلّية لنشر رسائل صحّية للوقاية من “الكوليرا”.
وقالت الوزارة، في رسائلها التوجيهية عبر الجوّال، إنّه “بالنظافة الشخصية والعامّة ونظافة المياه والأغذية نحمي أنفسنا من الكوليرا”.
وخصّصت عدد من الإذاعات المحلّية الحكومية والأهلية، بدورها، برامج للتوعية الصحّية والتثقيف بمخاطر الوباء.
تحذيرات دولية
وحذّرت منظّمة الصحّة العالمية ومنظّمة الـ”يونيسف”، كلّاً على حدة، من تفاقم الوضع الصحّي في اليمن، بسبب ندرة المياه الصالحة للشرب، حيث يتفشّى وباء الكوليرا، “ما يشكّل خطراً إضافيّاً على الأطفال”.
وقال ممثّل منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة “يونيسيف” في صنعاء، جولين هارنيس، إن “تفشّي الوباء يضاعف بؤس ملايين الأطفال في اليمن”، وأضاف، في بيان رسمي صادر عن المنظّمة، أنّه “يواجه الأطفال، بشكل خاصّ، خطراً كبيراً ما لم يتمّ بشكل عاجل احتواء الوباء الحالي”.
ونبّه هارنيس إلى أن النظام الصحّي في البلاد، أفقر دول الشرق الأوسط، ينهار مع استمرار الصراع، مؤكّداً أن 1.5 مليون طفل يعانون من سوء التغذية، حالة 370 ألفاً منهم بالغة السوء، وفي حالة تفشّي “الكوليرا” فقد يؤدّي ضعف جهاز المناعة لدى الأطفال إلى وفاة الآلاف منهم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا