مقالات مشابهة

رسائل جهوزية المقاومة في وجه مناورة “مركبات النار”

رَفْعُ درجة التأهب لدى المقاومة الفلسطينية واللبنانية عقّد الخيارات في “دولة” الاحتلال.

جاء إعلان “جيش” الاحتلال عن مناورات “مركبات النار” الأركانية، التي تشارك فيها جميع أذرع “الجيش” الجوية والبرية والبحرية والسيبرانية والأمنية ومناطق عملياته الثلاث، وتديرها هيئة الأركان العامة لـ”جيش” الاحتلال لمدة 4 أسابيع كجزء استدراكي لخطة تطوير “الجيش”، وزيادة فعالية أدواته لتحقيق الأهداف العسكرية المؤجلة من العام الماضي 2021، في وقت أعلنت المقاومتان الفلسطينية واللبنانية رفع درجة التأهب في مختلف الوحدات القتالية لديها خشية غدر أو تهور من قبل العدو.

وأمام هذا التحرك المضاد من قبل المقاومة، يدرك المتابع لحركة الصراع بين المقاومتين الفلسطينية واللبنانية ضد الاحتلال تصاعداً في فنون إدارة هذا الصراع من قبل المقاومة، وصل إلى مرحلة تضييق فرص التحرك والمناورة أمام العدو بشكل غير مسبوق، حتى في المناورات العسكرية التي يجريها.

إعلان رفع درجة الاستعداد والتأهب لدى حزب الله اللبناني والغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، تزامناً مع المناورات الأركانية الكبرى التي أعلنها “جيش” الاحتلال خلال الشهر الحالي، أيار/مايو، تحت مسمى “مركبات النار”، عقّد الخيارات على المستويين الأمني والعسكري في “دولة” الاحتلال، التي عمدت طيلة السنوات الماضية إلى استغلال هذه المناورات لتحقيق ضربات أمنية وعسكرية بغطاء المناورة.

وعلى الرغم من أن المناورة العسكرية لـ”جيش” الاحتلال تهدف إلى تهدئة الشارع الصهيوني في ضوء سلسلة العمليات البطولية الفلسطينية في المدن المحتلة، وتجلي الضعف لدى “الجيش” في مواجهة هذه العمليات، وانتقال المعركة إلى الداخل والتهديد الصريح الذي باتت تعيشه الجبهة الداخلية والعمق الاستراتيجي للعدو، أخذت المقاومة بعين الاعتبار جميع الخيارات التي يمكن أن ينتهجها العدو خلال شهر المناورة، وحجّمتها، لتمنع المستويين العسكري والسياسي من مجرد التفكير بخيارات هجومية، وجعلته ينكفئ على تحسين صورته المهتزة.

الرسائل التي حملها رفع درجة الاستعداد والتأهب لدى المقاومة متنوعة للداخل والخارج والعدو، وهي كالآتي:

رسالة طمأنة للجمهور الفلسطيني الذي تابع عمليات التحريض الموسعة والمكثفة قبل أيام ضد قطاع غزة وقائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار، عقب خطابه في نهاية شهر رمضان الماضي، الذي دعا فيه إلى انطلاق عمليات فردية جديدة في وجه الاحتلال بجميع الأدوات، بما فيها السكاكين والفؤوس، ليليه بأيام عملية “العاد” البطولية التي نفذها شابان فلسطينيان بفأس، ما أدى إلى مقتل 3 مستوطنين وإصابة آخرين.

لبنانياً، كانت الرسالة واضحة للعدو بأن ساحة لبنان لا تزال حراماً على الاحتلال، والاقتراب منها سيجلب رداً ومواجهة ربما تكون فوق تخيل قادة العدو، بغض النظر عن الوضع الداخلي اللبناني وتعقيدات المشهد والحالة الانتخابية التي يمر بها لبنان، فلا تسامح مع اعتداء أو كسر للخطوط الحمر.

على المستوى الداخلي للاحتلال، كانت رسالة المقاومة أنها مستعدة لمواجهة جميع المتغيرات الناتجة من الصراعات الداخلية في الحكومة الصهيونية، ومتأهبة لإمكانية استغلال طرف من الأطراف الوضع الراهن لتنفيذ عملية غدر أو اغتيال لأحد قادة المقاومة.

وبهذا، فإن رسالتها لهم: “لا تفكروا في هذا الأمر، فثمنه سيكون كبيراً”. وقد كانت الرسالة التي بثها الناطق باسم الجناح العسكري لحركة حماس أبو عبيدة تحمل المضمون ذاته فيما بتعلق بالرد على دعوات اغتيال قائد حماس في غزة يحيى السنوار.

في المجمل، كانت الرسالة واضحة بأن الساحتين اللبنانية والفلسطينية لم تعودا صالحتين لتفريغ الضغط الداخلي للمجتمع الصهيوني خارجياً، كما كانت تفعل كل الحكومات الصهيونية السابقة، فالمتغيرات باتت كبيرة والمخاطر أكبر من قدرة الاحتلال السيطرة عليها.

رسالة المقاومة للاحتلال كانت واضحة بأن ارتكاب أي حماقة تحت غطاء المناورة سيؤدي إلى تفجر مواجهة عسكرية كبيرة تستخدم فيها جميع الأدوات، وتفعّل فيها جميع ساحات المواجهة. هذه المواجهة قد لا تقتصر فقط على قطاع غزة، لأن رمزية قطاع غزة وقادته باتت مرتبطة برمزية مدينة القدس المحتلة بعد معركة “سيف القدس”.

الرسالة الأخرى من المقاومتين الفلسطينية واللبنانية كانت للعدو والمجتمع الدولي بأن فرص تفجر مواجهة شاملة تزداد يوماً بعد يوم في ظل التغطية الدولية على جرائم “جيش” الاحتلال، واستمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية واللبنانية والسورية، بل ربما تكون حرباً إقليمية متعددة الجبهات ضد “دولة” الاحتلال.

هذا الأمر يمكن فهمه من خلال الإعلان شبه المتزامن بين المقاومتين الفلسطينية واللبنانية حول رفع الجهوزية، وخصوصاً في ضوء التعاون المتزايد قبل معركة “سيف القدس” وبعدها.

وهنا، يمكن القول إن متغير الترابط والتعاون في عدة مجالات بين المقاومتين اللبنانية والفلسطينية يمثل أيضاً تعقيداً لخيارات العدو في التوجه نحو المواجهة، لأن فصل الجبهات بعد معركة “سيف القدس” لم يعد مضموناً أو مسيطراً عليه.

ومن ضمن الرسائل التي يمكن استنباطها من الواقع المرحلي أن المقاومتين اللبنانية والفلسطينية باتتا تقفان نداً أمام العدو الصهيوني، وبات تعاملهما أكثر فاعلية أمام جميع تحركات العدو، وهذا الأمر يقيد تحركاته في المنطقة، ويعيد الكرة دائماً إلى مربع الاحتلال، ليقيد مبادرته نحو أي من الخيارات.

ــــــــــــــــــــــــــ
أيمن الرفاتي
الميادين نت