الرئيسية زوايا وآراء لماذا كلّ هذا الاحتفاء بترامب؟

لماذا كلّ هذا الاحتفاء بترامب؟

وصفته سابقا بشيخ مشايخ القبائل العربية، وهاهو ترامب يزور بلادنا، ويحظى بحفاوة لم نشهد لها مثيلا من قبل، فالشيخ الكبير في ديارنا، هو يعلم مالدينا من خيرات ودولارات، مقاول وتاجر من الدرجة الأولى، ويعرف تماما من أين تؤكل الكتف .

يذهب حاكم أو زعيم دولة لزيارة واشنطن، لا يجد في استقباله غير مندوب من الخارجية الأمريكية وأركان سفارة الزعيم الزائر، لا أحد من الأمريكيين يتابع زيارته، وربما لا يعلمون شيئا عنها، لا يأبهون لذلك، ولكن ؛ نحن العرب أهل النخوة والشهامة، والواجب يحتّم علينا أن نستقبل الضيف الكبير، شيخنا الجليل بما يليق به، إنّه ترامب ياجماعة، وليس أي زعيم آخر .

الطائرات الحربية ترافق طائرة الرئيس أثناء دخولها الأجواء، وهذا بحدّ ذاته قمّة الترحيب بالضيف، والخيول الأصيلة ترافق سيارته، يدخل ترامب لقصر الحاكم، يفتح فمه من شدّة اندهاشه بالفخامة والأبّهة، يثير إعجابه الرخام والبلاط، ينظر إلى الثريات الضخمة المعلّقة في السقف، يبدي دهشة وغرابة في هذا الثراء الفاحش، ثمّ يبدأ المزاد .

مئات المليارات تمّ التوقيع عليها خلال دقائق، والمعلومات تقول بأن الشيخ ترامب حصل خلال جولته القصيرة في ديار العرب على مايقارب 2 ترليون دولار، صحتين وعافية، عدا عن صفقات السلاح الضخمة والتي لا نظير لها أبدا، والرئيس يشدد على أنّه سعيد جدا بهذه الزيارة، وفوق ذلك يبدي إعجابا كبيرا بالرئيس السوري ؛ قويّ البنية وهاديء ووسيم !

هذا هو شيخكم الذي يزوركم هذه الأيام، في الوقت الذي تقصف طائراته أطفال غزة، هاهو ترامب الذي تحتفون به، وقنابله الذكيّة لا تخطيء أهدافها بحقّ مستشفيات غزة ومراكز الإيواء وخيام النازحين، إنّه ترامب زعيم اكبر دولة إجرام في التاريخ، العالم لم ينس جرائم فيتنام، ولا نصف مليون طفل شهيد في العراق، وما يقارب المائتي ألف ما بين شهيد وجريح ومفقود في القطاع الذي يحاصره العرب قبل غيرهم .

نحتفي بترامب، نعمل على تزيين وتبييض وجه إدارته الصهيونية، ونعطي وعدا عربيا للشيخ الكبير مفاده .. تكرم ياسعادة الشيخ، اتفاقات أبراهام سوف تتوسّع وتشمل أكبر عدد ممكن من الدول العربية، فهذه مسألة بسيطة ولا تشغل بالك بها، قريبا سنقوم بتوقيع الإتفاقيات مع أولاد العمّ .

بصراحة .. كنت أتمنى أن أكون أحد أعضاء الوفد المرافق لترامب، زيارة فيها كلّ الإغراء والإثارة، لا تفهموني غلط، فمن يحضر القسمة يناله جزءا منها، فربما خرجت بمبلغ دافيء، ينفعني خلال سنواتي القادمة، فقد تنتابني الغيرة، وأتحوّل إلى مقاول عقارات كالشيخ ترامب !

صبّ القهوة لعمّك ترامب ياولد، يلعن سنسفيل العرب، يلزمهم مئة شخص مثل ترامب، حينها سنعود لركوب الإبل والحمير وأكل التمر واللبن !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

د. محمد أبو بكر

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version