في وقت لا تزال فيه التحذيرات الأممية تتوالى بشأن الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، تؤكد الأرقام أن سياسة التجويع باتت واقعا قاتلا للأطفال، في ظل حصار محكم منذ أشهر ومنع ممنهج لوصول الغذاء والدواء.

وتشير بيانات أممية حديثة إلى أن أكثر من مليون طفل في غزة يواجهون خطر الجوع، وسط تحذيرات من تفشي سوء التغذية الحاد بينهم بوتيرة متسارعة.

ووفقا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فإن الأطفال يشكّلون الشريحة الأضعف والأكثر تضررا من هذه الأزمة، مع تعذّر وصول المساعدات إلى معظم مناطق القطاع نتيجة القيود العسكرية الإسرائيلية المشددة.

وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بأن الجوع بات “واقعا مروّعا” يهدد حياة مئات الآلاف من الأطفال، مشيرة إلى أن أكثر من 70 ألف طفل في غزة يعانون من سوء تغذية حاد، بينما شُخّص أكثر من 5 آلاف طفل دون سن الخامسة رسميا بهذه الحالة خلال شهر مايو/أيار وحده.

وفي غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة أن 20 شخصا استشهدوا بسبب التجويع خلال 48 ساعة الماضية فقط.


كذلك أوردت تقارير ميدانية قصصا مفجعة عن رضّع فقدوا حياتهم بعد أيام من تناولهم مشروبات عشبية فقط، في ظل فقدان الحليب الصناعي وانعدام المواد الغذائية الأساسية للأمهات المرضعات.

وتشير تقديرات برنامج الغذاء العالمي إلى أن ثلث سكان القطاع لم يتمكنوا من تناول الطعام لأيام متتالية، بينما يعيش ربعهم في ظروف تُشبه المجاعة، الأمر الذي يزيد من هشاشة الوضع الصحي والنفسي للأطفال ويدفعهم إلى حافة الخطر.

من جهتها، حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن الأزمة مرشحة للتفاقم السريع ما لم يُسمح بإدخال المساعدات الغذائية والعلاجية بشكل عاجل.
وأكدت أن أكثر من 100 ألف طفل وحامل في غزة يعانون من مستويات حرجة من سوء التغذية، وذلك يجعل حياتهم في خطر دائم.
وتُتهم إسرائيل باستخدام الجوع كسلاح، إذ وثّقت منظمات دولية، بينها “أمنستي”، أدلة تشير إلى تجويع السكان المدنيين بشكل ممنهج، وهو ما يُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي ويرقى إلى جريمة إبادة.

وفي ظل غياب حل سياسي أو تدخل دولي فاعل، تستمر معاناة أطفال غزة في التفاقم، بينما العالم يكتفي بإطلاق النداءات.
