الرئيسية أخبار وتقارير فتات الغوث مقابل الصمت.. كيف تُبيّض “إسرائيل” حصارها القاتل

فتات الغوث مقابل الصمت.. كيف تُبيّض “إسرائيل” حصارها القاتل

في خطوة وُصفت بأنها مناورة سياسية أكثر منها إنسانية، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي السماح المؤقت بإدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر عمليات إنزال جوي وممرات ضيقة، وذلك بعد شهور من الحصار الكامل والتجويع الممنهج الذي طال أكثر من مليوني فلسطيني.

التحول الظاهري في موقف الاحتلال الإسرائيلي جاء تحت وطأة ضغوط دولية هائلة وتحذيرات منظمات إغاثة من مجاعة شاملة تهدد حياة المدنيين، إلا أن هذه الخطوة لا تعكس تغييرًا جوهريًا في العقيدة الإسرائيلية، بل تشير إلى محاولة لتخفيف الانكشاف الأخلاقي، وتفادي العزلة السياسية المتصاعدة، خاصة مع قرب انعقاد مجلس حقوق الإنسان في جنيف.

في الوقت نفسه، يحمل القرار بعدًا سياسيًا خفيًا يستهدف تقويض دور الوساطة القطرية والمصرية من خلال تجاوز القنوات التفاوضية التقليدية وفرض مسارات توزيع يتحكم بها الاحتلال الإسرائيلي بالكامل، مما يعيد تعريف الشراكة الإنسانية بحسب معايير الاحتلال.

التحكم الإسرائيلي بالمساعدات وتحويلها إلى وسيلة ضغط وسلاح سياسي، أظهرته التصريحات الرسمية التي أكدت استمرار العمليات العسكرية بالتوازي مع فتح ممرات الإغاثة، وهو ما يعكس استخدام إسرائيل للمساعدات كأداة للابتزاز السياسي والضغط العسكري، لا كاستجابة حقيقية لنداءات إنسانية.

وقد رأت جهات فلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، في هذه الخطوة استمرارًا “لإدارة التجويع” ومحاولة لتبييض الوجه القبيح للاحتلال، مؤكدة أن إسقاط المساعدات لا يُنهي الحصار، ولا يوقف الإبادة، بل يفاقم معاناة السكان ويغطي على الجريمة الأصلية: التجويع كوسيلة حرب.

أما دوليًا، فقد حملت أوروبا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية إسرائيل مسؤولية تفاقم الأزمة، مطالبة برفع الحصار كليًا، وليس مجرد تسكينه بمسكنات مؤقتة تُستخدم كورقة مساومة سياسية.

وفي خلاصة المشهد، لم يكن السماح بدخول المساعدات انعطافًا إنسانيًا، بل مناورة تكتيكية ضمن معادلة الحرب، هدفها إبقاء اليد الإسرائيلية العليا في الأرض والمفاوضات، مع الحفاظ على صورة “الدولة الأخلاقية” أمام الإعلام الغربي والرأي العام الدولي.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version