في تقرير تحليلي صادر عن المعهد الأمريكي لأبحاث السياسة العامة، سلّط المعهد الضوء على ما وصفه بـ “الفشل السعودي في اليمن”، مؤكداً أن الرهان الأمريكي على الرياض في هذه الحرب لم يُثمر سوى عن خيبة استراتيجية مشتركة.
ووفق التقرير، فإن الولايات المتحدة كانت في بداية الحرب شريكاً مباشراً للسعودية، إذ قدّم الرئيس السابق باراك أوباما دعماً استخباراتياً وخدمات تزويد بالوقود جواً لتعزيز الحملة الجوية التي قادتها الرياض، إلا أن هذا الانخراط لم يفضِ إلى تحقيق أهداف التحالف، بل عمّق التعقيدات على الأرض.
وأضاف المعهد أن تقاسم الأدوار بين السعودية والإمارات لم ينجح في تحقيق التوازن الميداني، مشيرًا إلى أن “السعودية ركزت عملياتها شمالاً لمحاربة قوات صنعاء، بينما انشغلت الإمارات بالسيطرة على الجنوب”، إلا أن “النتائج كشفت عن نجاح إماراتي في فرض نفوذها الجنوبي مقابل إخفاق سعودي واضح في الشمال”.
وفي ظل هذا التعثّر، رأى المعهد أن الرياض لجأت إلى “خطة بديلة” تمثّلت في استرضاء حكومة صنعاء، عبر غض الطرف عن هجماتها، مقابل التزام غير معلن بألا تستهدف السعودية مباشرة. ورغم هذا، استمرت القوات المسلحة اليمنية في قصف المطارات والمنشآت النفطية داخل العمق السعودي، في ما وصفه التقرير بـ “تحول استراتيجي أجبر السعودية على شراء الهدوء، لا السعي لتحقيق النصر”.
كما أشار المعهد إلى أن الرياض شعرت بأنها “خُذلت” من قبل واشنطن، خصوصاً في ظل التحوّل في الموقف الأمريكي بعد انتخاب الرئيس جو بايدن، إذ واجهت السعودية انتقادات حادة من التيار التقدمي الأمريكي، وتهديدات بفرض عقوبات، بالتزامن مع رفع الخارجية الأمريكية أنصار الله من قائمة المنظمات الإرهابية، وهو ما اعتبرته الرياض “قراراً عدائياً وغير مبرر”.
واختتم التقرير بالإشارة إلى ما اعتبره “مفارقة سياسية لافتة”، حيث أن الرياض، التي كانت تعوّل على استعادة العلاقة الخاصة التي ربطتها بإدارة ترامب، فوجئت باتفاق أمريكي منفصل لإنهاء الحملة على اليمن دون التشاور معها، وهو ما دفعها لإعادة تقييم الثقة في الحليف الأمريكي. وخلص المعهد إلى أن “السعوديين اليوم لا يدركون أن اليمنيين باتوا ينظرون إليهم كما ينظرون إلى واشنطن: قوة خارجية لا يُعوّل على وعودها”.