الرئيسية أخبار وتقارير 9 قطع أثرية يمنية في مزاد بريطاني… تاريخ منهوب يُعرض للبيع من...

9 قطع أثرية يمنية في مزاد بريطاني… تاريخ منهوب يُعرض للبيع من دون مساءلة

في واقعة تُضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات المستمرة للتراث الثقافي اليمني، كُشف عن نية دار “تايم لاين” البريطانية للمزادات عرض تسع تحف أثرية يمنية في مزاد سيُقام في مقاطعة إسكس، شرق إنجلترا، بين 9 و17 سبتمبر/أيلول 2025، وهو ما أثار غضب عدد من المختصين في علم الآثار والمهتمين بالهوية التاريخية اليمنية.

التحف المعروضة تعود إلى فترات تتراوح بين القرن السادس قبل الميلاد والقرن الثاني الميلادي، وتتنوع بين البرونز والمرمر والحجر الجيري. خبير الآثار اليمني عبدالله محسن وصف هذه القطع بأنها “رائعة بقدر روعة حضارتنا”، مشيرًا إلى أنها نتاج حضارة ضاربة في عمق التاريخ اليمني، يجري تسليعها وبيعها اليوم في سوق الفن العالمي

أبرز القطع المعروضة تتصدرها:

  • وعاء برونزي استثنائي يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، منقوش بمشهد صيد أسطوري يظهر فيه الـ”غريفون”، المخلوق الذي يجمع بين جسد الأسد وجناحي العقاب، ويُهاجم وعلًا بينما يظهر رامٍ راكع في الخلف. النقوش المكتشفة عليه مكتوبة بـالخط المسند، الخط العربي الجنوبي القديم.

  • رأسا رجل وامرأة من المرمر، تعودان إلى القرن السادس حتى الثاني قبل الميلاد، تحملان ملامح النحت اليمني القديم، بتفاصيل دقيقة تُظهر التجاويف الخاصة بالعيون المرصعة وتقنيات الحفر المسندية.

  • تمثال نذري نادر يُصوّر رجلًا وامرأة في وضعية حميمة، يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد. وبحسب تفسير د. فيصل البارد، فإن هذه التماثيل كانت تُستخدم في المعابد للتكفير العلني عن خطايا الزنا، وتقديمها كقرابين دينية.

  • طاولة قرابين حجرية من القرن السادس قبل الميلاد، تحمل نقشًا غير واضح، فيه حروف فينيقية، ما يثير تساؤلات عن مدى دقة نسبها أو “تعديلها” لأغراض تجارية.

ورغم ما تمثله هذه القطع من رمزية حضارية وسيادية لليمن، إلا أن جميعها، بحسب بيانات المزاد، قد خضعت للفحص في قاعدة بيانات الإنتربول للأعمال الفنية المسروقة، وتم إرفاقها بشهادات تؤكد خلوها من البلاغات الجنائية.

لكن مراقبين يرون أن هذا الإجراء لا يعفي الدول والجهات المنظمة من المسؤولية الأخلاقية والقانونية، خاصة أن السياقات التي خرجت فيها هذه الآثار من اليمن تظل غامضة، وغالبًا ما تمت عبر التهريب خلال فترات النزاع أو الضعف المؤسسي.

وتتبع تاريخ بعض القطع يكشف انتقالها بين مجموعات ألمانية وبريطانية خاصة منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى الألفية الجديدة، ما يعزز الشكوك حول شرعية تملّكها ويفتح باب التساؤلات عن دور شبكات الاتجار غير المشروع بالآثار، خصوصًا تلك النشطة أثناء الحروب والأزمات.

ويرى متخصصون يمنيون أن هذه المزادات تمثل عملية “إفراغ ناعم” للهوية اليمنية من شواهدها المادية، عبر بيعها من دون أي تفويض رسمي من اليمن أو الجهات الثقافية المختصة، ووسط صمت دولي مستمر.

وحمّل الباحث عبدالله محسن السلطات البريطانية مسؤولية قانونية وأخلاقية، داعيًا وزارة الثقافة اليمنية واليونسكو إلى التحرك العاجل لوقف المزاد واستعادة القطع، خاصة تلك التي يمكن إثبات خروجها بعد عام 1970م، تاريخ اتفاقية اليونسكو لحظر استيراد وتصدير الممتلكات الثقافية.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version