في اليوم الـ663 من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة ووصوله الى حرب التجويع، تتكشّف يوماً بعد يوم فصول الجريمة المركبة التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني برعاية ودعم سياسي وعسكري أمريكي، وسط صمتٍ دولي مُخزٍ، وتواطؤ مكشوف من أنظمة لم تعد تخفي اصطفافها إلى جانب القاتل ضد الضحية.
في جريمة جديدة، ارتقى 22 شهيداً فلسطينياً خلال الساعات الماضية، معظمهم من طالبي المساعدات الإنسانية في وسط وجنوب القطاع، جرى استهدافهم بشكل مباشر من قبل قوات الاحتلال أثناء بحثهم عن ما يسد رمق أطفالهم الجياع. وفي مدينة رفح، أصيب 7 مواطنين آخرين بينما كانوا ينتظرون دورهم في طابور المياه، في مشهد يلخص وحشية المحتل وتجرده من كل القيم الإنسانية.
وفيما يتواصل إطلاق النار على المدنيين العزل عند مراكز توزيع الإغاثة، تسجل مستشفيات غزة ارتفاعاً مريعاً في عدد ضحايا المجاعة، إذ أعلنت وزارة الصحة عن 7 وفيات جديدة خلال 24 ساعة، ليرتفع إجمالي الشهداء بفعل التجويع إلى 154 شهيداً، بينهم 89 طفلاً، في جريمة ممنهجة تُنفذ تحت أعين العالم، وسلاحها الأساسي هو “الحصار الغذائي والتجويع الجماعي”، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف ومواثيق حقوق الإنسان.
وأشارت وزارة الصحة إلى أن القطاع دخل مرحلة “المجاعة الشاملة”، حيث بلغ عدد ضحايا العدوان منذ بدايته 60,138 شهيداً، إلى جانب 146,269 جريحاً، فيما وثّقت الوزارة خلال الـ24 ساعة الماضية فقط 104 شهداء و399 جريحاً، غالبيتهم في استهداف مباشر للمراكز الإنسانية.
وفي بيان صارخ يكشف مدى اتساع الجريمة، أكدت الوزارة أن حصيلة ضحايا استهداف طوابير المساعدات قد وصلت إلى 1,239 شهيداً وأكثر من 8,152 جريحاً، فيما يتزايد عدد الوفيات الناتجة عن الجوع وسوء التغذية في ظل التدمير الممنهج للبنية الصحية، وانهيار سلاسل الإمداد بفعل الحصار العسكري المفروض على القطاع من البر والبحر والجو.
من جانبها، أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين بأن عدد المعتقلين في سجون الاحتلال قد تجاوز 10,800 أسير فلسطيني، بينهم 48 أسيرة و440 طفلاً، وأكثر من 3,600 معتقل إداري، دون تهمة أو محاكمة، فيما يحتجز الاحتلال 2,454 أسيراً من غزة تحت تصنيف “مقاتلين غير شرعيين”، في خطوة تهدف إلى إسقاط الحماية القانونية عنهم، وشرعنة تعذيبهم وإخفائهم القسري.
وفي ظل تزايد مأساة الجوع، عبّر ممثلو العشائر في رفح وخان يونس عن رفضهم القاطع لعمليات الإنزال الجوي التي تُستخدم كغطاء دعائي للتخفيف من الغضب الشعبي والدولي، مؤكدين أن السبيل الوحيد لوقف المجاعة هو “الفتح الكامل للمعابر” وإدخال المساعدات بشكل منظم وإنساني. كما شددوا على ضرورة تفعيل الضغط العربي والدولي على الاحتلال لوقف استخدام الغذاء كسلاح ضد المدنيين.
من جهته، أعلن مدير مجمع الشفاء الطبي أن القطاع دخل فعلياً في المرحلة الثالثة من المجاعة، محذراً من انفجار الوضع الصحي خلال أيام إن لم يتم التحرك العاجل، بينما أكدت تقارير برنامج الأغذية العالمي أن غزة تجاوزت بالفعل اثنين من أصل ثلاثة مؤشرات رئيسية لتعريف المجاعة، في وقت تمارس فيه إسرائيل سياسة “الخنق الكامل” على السكان.
وفي موازاة ذلك، كشفت وسائل إعلام عبرية عن أن حكومة الاحتلال تدرس “خيارات متطرفة”، من بينها فرض حصار مطلق على بعض مناطق غزة، ومنع دخول الماء والغذاء إليها، عقب فشل عملية “عربات جدعون” في إحراز أي تقدم بملف الأسرى، مما يفتح الباب أمام تصعيد كارثي قد يطال كامل سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2.2 مليون نسمة.