في كلمة سياسية حادة، ألقاها قائد أنصار الله السيد عبدالملك الحوثي، كشف عن آخر تطورات العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، مُسلّطاً الضوء على كارثة إنسانية غير مسبوقة، ومحذراً من تداعيات التواطؤ العربي والإسلامي، ومؤكداً أن مصير كيان الاحتلال مرتبط بيقين الوعد الإلهي، وليس بموازين القوى الآنية.
مأساة الأطفال: وجه الإجرام الصهيوني وفضيحة المجتمع الدولي
اعتبر السيد الحوثي أن “مظلومية الأطفال في غزة” هي العنوان الأبرز للجريمة المستمرة، حيث كشف أن أكثر من 100 ألف طفل يواجهون خطر الموت جوعاً، بينهم 40 ألف رضيع يعانون من انعدام الحليب، في مشاهد “رهيبة ومخزية” تُظهر هياكلهم العظمية، تُعدّ انتهاكاً صارخاً لكل القيم الإنسانية. وشدد على أن “العدو الإسرائيلي يستهدف الأطفال الرضع كجزء من أهدافه العملياتية”، في تأكيد على نية إبادة جماعية ممنهجة.
وأشار إلى أن “الصهيونية هي نتاج التوحش الإجرامي”، مذكراً بأن الجرائم لم تقتصر على القصف، بل امتدت لاستهداف النساء أثناء الولادة، وتدمير البنية التحتية، وإفراغ القطاع من مقومات الحياة، بما في ذلك القضاء على الزراعة.
خداع إسرائيلي: الهدن الإنسانية وإنزال المساعدات جواً
نفى الحوثي صدق “الهدن الإنسانية” التي أعلنتها إسرائيل، موضحاً أن العدو استهدف خلال أسبوع الهدنة أكثر من 4 آلاف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، غالبيتهم كانوا يسعون للحصول على الغذاء. ووصف إنزال المساعدات جواً بـ”الخدعة الجديدة“، مؤكداً أن “الهدف ليس الإغاثة، بل الخداع واللعب بكرامة الناس”، مضيفاً أن “من الممكن إيصال المساعدات براً عبر الأمم المتحدة، لكن العائق الوحيد هو إسرائيل التي تمنع التوزيع المنظم لتعميم الفوضى والاقتتال على الفتات”.
تعاون عربي مخزي ونفط يُستخدم لقتل الفلسطينيين
وجّه الحوثي انتقاداً لاذعاً للأنظمة العربية، معتبراً أن “التخاذل العربي أسهم في تضخيم حجم الإجرام الصهيوني”. وكشف أن “الطائرات الإسرائيلية التي تلقي القنابل الأمريكية على غزة تتحرك بوقود من النفط العربي”، كما أن “الدبابات تجتاح غزة بالنفط العربي”. ولفت إلى أن “22 مليار دولار من التريليونات العربية تم تحويلها لأمريكا لدعم العدوان”.
وأكد أن “السعودية وأنظمة عربية أخرى تفتح أجواءها ومطاراتها للعدو الإسرائيلي”، وتستمر في “التعاون الاقتصادي معه”، بل وترسل شحنات ضخمة من البضائع إليه، بينما يُجوع أطفال غزة. ووصف السماح بالسياحة المتبادلة مع الكيان الصهيوني بـ“الاستهانة بالدم الفلسطيني”.
تصنيف المقاومة بالإرهاب: تواطؤ رسمي مع العدو
وأدان السيد الحوثي تصنيف بعض الأنظمة العربية لفصائل المقاومة في غزة بـ“الإرهاب“، معتبراً أن “من يدافع عن شعبه ومقدساته لا يمكن أن يكون إرهابياً”، وأن هذا التصنيف “يشكل تعاوناً مباشراً مع العدو”. وأشار إلى أن “كل من يقف صادقاً ضد إسرائيل يُعادى من قبل بعض الأنظمة”، بينما “دعاة الفتنة ينشطون ضد الأمة ولا يحركون ساكناً أمام العدو الصريح”.
فشل المفاوضات وانكشاف المطالب الصهيونية
رأى الحوثي أن “المسؤول عن فشل المفاوضات هو من يصر على استمرار جريمة القرن”، مشيراً إلى أن المطالب الإسرائيلية بـ”استسلام حماس وتسليم سلاحها” تُظهر أن “العدو لا يريد سلاماً، بل استسلاماً كاملاً”. واعتبر أن انسحاب إسرائيل من المفاوضات “يفضح نواياها العدوانية”.
دور المجاهدين: خط الدفاع الأول عن الأمة
أكد أن “المجاهدين في غزة ولبنان هم خط الدفاع الأول عن الأمة”، مشيداً بصمودهم على مدى 662 يوماً، وتنفيذ كتائب القسام وسرايا القدس لعمليات جهادية بطولية. ووصف استبسالهم في اقتحام الدبابات وتفجيرها بـ”الدرس الأعظم للأمة”. وشدد على أن “لولا تضحياتهم، لكانت مصر والأردن وسوريا تحت السيطرة الإسرائيلية”.
الوعي المغيب: أزمة إدراك وعمى قلوب
أشار إلى أن “الأمة تعاني من أزمة إدراك وعمى قلوب“، تُروّض فيها الشعوب على القبول بالذل. وتساءل: “كيف تبقى أمة بحجمها وعدد سكانها جامدة أمام أكبر مأساة إنسانية؟”، معتبراً أن “التجاهل لن يعفي الأمة من العقاب”، وأن “الله يصنع المتغيرات”.
وأضاف: “لا تظنوا أن الحساب يكون فقط على الصلاة والصوم، بل على التواطؤ في أكبر إجرام عرفه التاريخ”. ودعا إلى “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، معتبراً أن “ما يفعله العدو الإسرائيلي من أكبر المنكرات”.
مواقف غربية: تناقض صارخ وخداع مكشوف
انتقد المواقف الأوروبية، مشيراً إلى أن “بريطانيا وفرنسا وألمانيا تتحدث عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكنها تزود إسرائيل بالسلاح”. واعتبر أن “الحديث عن حقوق الإنسان والقيم الليبرالية من قبل الغرب هو خداع”، بينما “الاتحاد الأوروبي يواصل اتفاقياته مع العدو”.
وأشار إلى أن “إدراج هولندا لإسرائيل في قائمة التهديدات الأمنية موقف متقدم”، داعياً الأنظمة العربية إلى “الاقتداء بالرئيس الكولومبي الذي منع تصدير الفحم للعدو”.
الوعد الإلهي: زوال الكيان الصهيوني حتمي
اختتم السيد الحوثي كلمته بالتأكيد على أن “الكيان الصهيوني كيان زائل حتماً”، مهما بلغ من إجرام، وأن “تخاذل الأمة لا يُؤجل النهاية، بل يُكبّد الخسائر”. وشدد على أن “النصر سيكون لمن ثبت على الحق، وصدق مع الله، وناهض المسؤولية”.
ودعا “المساجد، الجامعات، النخب، ووسائل الإعلام” إلى “استنهاض الأمة”، معتبراً أن “فلسطين هي أعظم ميدان للجهاد، وأصدق اختبار للإيمان”.