خاص
بعد أن فشلت كل رهانات العدو الأمريكي والإسرائيلي على كسر إرادة اليمن عسكريًا، تبدو المرحلة المقبلة مختلفة في أدواتها لا في أهدافها. فوفقًا لما كشفه نصر الدين عامر، رئيس وكالة الأنباء اليمنية سبأ، يدخل العدو طورًا جديدًا من المواجهة، مستعيضًا عن الغارات بالقنابل السياسية، وعن المدمرات بوسائل اختراق الداخل اليمني بأدوات محلية وإقليمية تحمل شعارات زائفة عن “الحقوق” و”الوضع الإنساني”.
عامر لم يترك مجالاً للشك: نحن أمام “مخطط بديل” – لا افتراض، بل واقع قطعي بحسب المعلومات الاستخباراتية المتوفرة لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية في صنعاء – يستهدف إيقاف العمليات اليمنية البطولية التي أربكت كيان العدو في البحر الأحمر وأفقدته السيطرة على ممرات استراتيجية.
من الهجوم العسكري إلى الاختراق الناعم
لقد بات واضحًا أن الولايات المتحدة وإسرائيل لم تعودا تراهنان على الحسم العسكري، بعد أن جربت واشنطن عدة خيارات عسكرية خلال المرحلة الماضية وفشلت، كما قال عامر. الآن، تنتقل المعركة إلى مربع “الاختراق الناعم”، مستخدمة بعض من كانوا أدوات لها في مراحل سابقة من العدوان، أو ممن يتسترون اليوم وراء شعارات إنسانية – كـ “صرف المرتبات” أو “رفع المعاناة” – بينما هم عمليًا امتداد للأجندة الإسرائيلية في الداخل.
أدوات الخيانة.. تحت عناوين خادعة
بحسب عامر، فإن العدو اليوم يستخدم أدوات خيانة محلية سبق أن أضرت باليمن سياسيًا واقتصاديًا، وتسعى الآن لتقديم نفسها كصوت الشعب، بينما هي في الحقيقة مجرد واجهة لمشروع خارجي يستهدف الموقف اليمني تجاه فلسطين.
يتستر هذا المخطط – كما تشير التحذيرات – خلف عناوين حزبية، ونقابية، وإعلامية، لكنها جميعًا تلتقي في نقطة واحدة: محاولة إطفاء الصوت اليمني الحر، ووقف عمليات الردع المساندة لغزة.
عامر يشير بوضوح إلى أن هذه الأدوات لن تقول صراحة “نحن نعمل لصالح إسرائيل”، لكنها ستلبس أثواب الحريص على الشعب، في محاولة لتمرير مشروع الخيانة بلغة معسولة.
وعي واستعداد ومواجهة
لكن في صنعاء، يبدو أن هذه المخططات لم تكن مفاجئة. فالقوات المسلحة اليمنية، وبحسب تأكيدات البيان الأخير، تتابع عن كثب هذا التحرك، وتملك معلومات تفصيلية عن الأسماء والجهات المنخرطة فيه. كما أن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي كان واضحًا في خطابه الأخير حين حذر من هذا السيناريو، وأكد أن الرد عليه سيكون حاسمًا.
ليس ذلك فقط، بل إن هناك استنفارًا شعبيًا موازيًا على الأرض، بحسب عامر، تمثل في الاستعداد للمسيرات والوقفات، وهو ما يعكس إدراكًا جماعيًا من اليمنيين بأن المعركة لم تعد فقط في مواجهة الخارج، بل أيضًا في مواجهة “الطابور الخامس” في الداخل.
عندما يُحسد اليمن على شرفه
ربما لخص عامر جوهر القضية حين قال إن “هؤلاء يحسدون الشعب اليمني على مواقفه الشريفة”. فاليمن اليوم، ورغم جراحه، يصدر للعالم صوتًا نقيًا في زمن التخاذل، ويقف مع فلسطين في مواجهة تحالف عالمي من الصمت والتطبيع. وهذا الصوت، الذي يحرج أنظمة ذليلة خانعة، يريدون إسكاته بأي وسيلة.
لكن هل يمكن إسكات شعب حر قرر أن يكون حيث يجب أن يكون؟ الأرجح، كما أكد عامر، أن هذا المخطط سيفشل، لأن اليمنيين لا يساومون على كرامتهم، ولأن موقفهم ليس تكتيكًا مرحليًا، بل التزام أخلاقي وإيماني لا يُساوَم عليه.