الرئيسية أخبار وتقارير “مؤذن غزة” يذبل جوعًا في خيمة النزوح.. والاحتلال يواصل سياسة التجويع حتى...

“مؤذن غزة” يذبل جوعًا في خيمة النزوح.. والاحتلال يواصل سياسة التجويع حتى الموت

في خيمة رقيقة من القماش والنايلون، غرب مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، يذوي جسد المؤذن سليم عصفور (85 عامًا) رويدًا رويدًا، وسط مجاعة خانقة تفتك بآلاف الفلسطينيين، في مشهدٍ يلخص كل أوجه الجريمة المركّبة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان القطاع: تجويع، تشريد، وحصار بلا أدنى مقومات الحياة.

كان عصفور، الأب لستة أبناء، يسكن بلدة عبسان شرقي المدينة، قبل أن تُجبره أوامر الاحتلال العسكرية على النزوح إلى الغرب، ليبدأ فصلًا جديدًا من المعاناة الصامتة بين خيام النازحين.

كان ذات يوم يرفع الأذان خمس مرات يوميًا في مسجد بلدته، لكنه اليوم لا يستطيع حتى الجلوس أو الوقوف دون مساعدة. الجوع سرق منه القوة والبصر والكرامة، وجرّده من نصف وزنه. “كنت أزن 75 كيلوغرامًا، الآن وزني بالكاد 40”، يقول عصفور بصوت خافت، بالكاد يُسمع، في مقطع مؤلم جرى تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

“نظري ضعيف، ولا أقدر على المشي حتى الوصول إلى الحمام إلا بصعوبة، بسبب نقص الطعام والشراب”، يشرح بصوت واهن، بينما تحيط به أكياس نايلون وقليل من العدس.

عصفور يتحدث عن “الدقة” كطعام رئيسي: مزيج من القمح المطحون وبعض البهارات، وقد تمر عليه خمسة أيام متتالية دون أن يتذوق الخبز.

معاناة عصفور ليست سوى صورة مكثفة لما يعيشه أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في غزة، في ظل استمرار الحصار الذي حوّل القطاع إلى منطقة منكوبة بالكامل، في واحدة من أبشع جرائم الحرب الحديثة.

وفي الوقت الذي يتضور فيه الأطفال والمسنون جوعًا، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع عدد شهداء التجويع إلى 175 فلسطينيًا، بينهم 93 طفلًا، منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023.

من جهته، دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، إلى “مواصلة وزيادة تدفق المساعدات الصحية إلى قطاع غزة”، وسط حصار شامل لا يسمح حتى بدخول الحد الأدنى من الإغاثة.

وتستمر آلة التجويع الصهيونية في العمل، بتواطؤ دولي وصمت مريب من المنظمات التي يفترض أن تدافع عن كرامة الإنسان وحقه في الحياة. وفي كل خيمة، هناك قصة مثل قصة سليم عصفور: مُسنّ يصارع الجوع، وأطفال يذبلون، وأمّهات يخبئن الألم في أكياس الشاي ومرق العدس الخفيف.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version