الرئيسية زوايا وآراء لا حياد في المشروعِ القرآني

لا حياد في المشروعِ القرآني

إن كل المنطلقات التي دعتنا إليها المسيرة القرآنية هي من الثوابت في دين الله والتي أمرنا بها الله في كتابه العزيز، وليس لنا الحق أو حتى الخيَرة أن نرفضها لأن ذلك من المشاققة لله ورسوله، وهذه حقيقة يعلمها كهنة المعارضين للمشروع ويجهلها سفهاؤهم، وأول تلك المبادئ الاحتكام لدين الله في كل عقائدنا وأفعالنا.

وليس هناك، على حد علمي، أي طرف في الواقع يستمد عقائده من القرآن دون غيره سوى المشروع القائم في اليمن بقيادة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، فسائر الأطراف لديها مصادر أخرى تستمد منها عقائدها وتقدمها على كتاب الله، بل وتؤمن، في بعض الأحيان، أن تلك المصادر أعلى شأن من القرآن نفسه، فعلى سبيل المثال هناك من يؤمن بأن القرآن يُنسخ بالسنة، أي أن حديث من مرويات أبي هريرة أصدق عنده من آيات الله، أما النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فحاشاه أن يخالف النص القرآني في حرفٍ واحد، لكن أقواماً من بعده كذبوا وأسهبوا في الكذب عليه، ثم جاء بنو أمية فجعلوا من ذلك الكذب ديناً مضاداً للدين، ومن هنا يستمد التكفيريون والوهابيون عقائدهم الضالة.

وبالعودة إلى عقيدة الأنصار ومبادئهم، فكل ما يؤمنون به مستمد من كتاب الله ويرون بأن كل عقيدة وكل فعل لا ينسجم مع كتاب الله فهو دخيل على الدين، وهذا هو الإسلام الذي ينسجم مع القرآن والفطرة، ولذا فهم (أنصار الله) لا يرون أنفسهم بأنهم يقدمون خدمة لله عند تقديم الطاعات له، بل يرون أن المِنَّة لله أن هداهم لطاعته، وهذه من المبادئ التي لم نسمع عنها قط قبل ظهور المشروع القرآني، كما يؤمنون بأن القرآن كتاب هداية لكل مناحي الحياة وينطلقون في مواقفهم معتمدين على هذه القاعدة، ومن هنا -أيضاً- جاء عداؤهم لليهود ومخططاتهم الخبيثة، فهم يصدقون الله في كل ما حكاه عنهم ولا يؤمنون بأي شكلٍ من الأشكال أن اليهود قد يقبلون بالتعايش مع المسلمين دون الاحتكام لكتاب الله في التعامل معهم.

ومن عقائدهم القرنية أيضاً، أن المشاعر يجب أن توجه حسب قواعد دينية، فالعداء يجب أن يكون لله، كعداء اليهود والنصارى، والولاء يجب أن يكون في الله، كولاية النبي وآل بيته، ولا يجوز بأي حق أن نتخلف عنهم لأن في ذلك مخالفة صريحة لكتاب الله الذي أمرنا بولايتهم ومعاداة أعدائهم، لأن ذلك من الولاية لله، ولأن هذه العقيدة صادقة وصحيحة فقد تجلت محبتهم لله وولايتهم لأوليائه في معاداتهم لأعدائه، فلا دين بلا ولاء وبراء.

والاعتصام بالله في المشروع القرآني من الفرائض المُلزمة، فالدعوة للوحدة الإسلامية يتطابق مع دعوة الله في تحقيق الوحدة الإسلامية، وهذا مما يجعل أنصار الله في خلاف دائم من الفرق الضالة، خاصة الوهابية، التي تقوم عقيدتها على تكفير المسلمين والدعوة إلى خلق الفتن والصراعات بينهم، ولا غرابة إذن أن يكون الأنصار الأعداء الألد للوهابية وأخواتها.

أما عن شعار البراءة فهو تجسيد لعقيدة البراءة من أعداء الله التي كان عليها كل الأنبياء والمرسلين من قبل، إضافة إلى أنه موقف يغيظ الكفار ويشكل حرباً نفسية ضدهم، كما أنه وسيلة لكشف المنافقين في أوساطنا ممن يسارعون في اليهود ويتبنون عقائدهم ومواقفهم، فمن غير المنطقي أن يعترض مؤمنٌ صادق على لعن اليهود ومعاداتهم، لأن في ذلك تنصلٌ علني من دين الله، فالله عز وجل قد اعتبر أن كل أشكال الموالاة والمودة لليهود من الردة عن دين الله، وبأن من يفعل ذلك فهو من اليهود لا من المسلمين.

والحديث عن مبادئ الأنصار يطول لكن خلاصة الأمر أنهم لا يجرؤون على مخالفة كتاب الله في موقفٍ أو فعل، فذلك عندهم من دواعي الهلاك في الدارين، وأمَّا ما يقال فيهم من ذم وقد فهم لا يخرج عن إطار ما يروج له الكفار والمنافقون في الأنبياء والصالحين من قبل، فسنة الكفار هي نفسها عبر الأزمان ولا جديد في الأمر سوى اختلاف الأزمنة والأسماء، لا أكثر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محمد محسن الجوهري

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version